مسرحية وتحقق الحلم

تأليف / أماني سعد الزيدان
وتحقق الحلم
[المشهد الأول]
( يَأْتِي شَابٌّ قَادِمٌ مِنْ بَعِيدٍ مِنْ فَاتِنَةٍ اَلْمُدُنِ ، وَمُلْهِمَةٌ اَلْعُشَّاقِ . مَدِينَةُ اَلرِّيَاضِ اَلْعَرِيقَةِ )
يَجْرِ خُطُوَاتِهِ نَحْوَ تِلْكَ اَلْقُصُورِ اَلطِّينِيَّةِ ، وَالْجُدْرَانُ اَلصَّامِدَةُ . يَسْأَلَ نَفْسَهُ هَلْ وَصَلَتْحَقًّا لِوُجْهَتِي عَبْرَ عَجَلَةِ اَلتَّارِيخِ ؟
عِنْدَ بَابِ أَحَدِ اَلْقُصُورِ رَجُل يَرْتَدِي ثَوْبًا أَبْيَض بِأَكْمَامِ وَاسِعَةٍ ، وَخِنْجَر مُمَيَّزٍ اَلرَّأْسِ مُلْتَفًّاحَوْلَ خُضْرَة ، وَتَعْلُو رَأْسَهُ عِمَامَةً بَيْضَاءً …..
اَلرَّجُل: وَمَا وُجْهَتُكَ أَيُّهَا اَلشَّابُّ ؟
اَلشَّابَّ: سَلَامُ اَللَّهِ عَلَيْكَ – سَيِّدِي اَلْفَاضِلُ – أَتَسَاءَلُ إِذَا كُنْتُ – بِالْفِعْلِ – وَصَلَتْ لِتِلْكَاَلْحِقْبَةِ اَلزَّمَنِيَّةِ مِنْ اَلتَّارِيخِ أَمْ لَا ؟
اَلرَّجُلُ: سِجل اَلتَّارِيخُ طويلًااخْتَصِرزَمَانُكَ اَلَّذِي تُرِيدُ اَلْوُصُولَ إِلَيْهِ …
اَلشَّابُّ: حَسَنًا– سَيِّدِي اَلْفَاضِلُ – فَأَنَا أَقْصِدُ اَلْمَاضِي اَلَّذِي صَنَع لَنَا اَلْحَاضِرُ عَلَى أَرْضِاَلْوَطَنِ اَلْمِعْطَاءِ سُعُودِيَّةً اَلْخَيْرِ وَالْأَمْجَادِ…
اَلرَّجُل: وَلَكَ مِنِّي اَلسَّلَامُ أَيُّهَا اَلشَّابُّ اَلنَّحِيبُ نَعِمَ وَصَلَتْ لِغَايَتِكَ اَلْمَطْلُوبَةِ فَنَحْنُ هُنَاقَبْلَ ثَلَاثَةِ قُرُونٍ مَضَتْ عَلَى هَذِهِ ا اَلْبُقْعَةِ الثّمينة مِنْ شِبْهٍ اَلْجَزِيرَةِ بِدَايَةِ قِصَّةِ اَلْمَجْدِاَلتَّلِيدِ وَإِشْرَاقَةُ اَلْفَجْرِ اَلْجَدِيدِ
اَلشَّابّ: مَا جِئْتُ هنا إِلَّا لَأَعْرِف تَفَاصِيل تِلْكَ اَلْقِصَّةِ اَلْعَزِيزَةِ عَلَى نُفُوسِنَا كَيْ نُخْبِرَ بِهَااَلْأَجْيَالُ جِيل بَعْدَ جِيلٍ وَيَزْدَادُ فَخْرُهُمْ بِتَارِيخِ بِلَادِهِمْ اَلْعَرِيقَ ، وَيَرْتَقُونَ سَلَالِمَ اَلْمَجْدِاَلْعَظِيمِ …
( صْمُتَ اَلشَّابُّ بُرْهَةً ، ثُمَّ بِسَألْ اَلرَّجُلُ … )
. . هَلَّا أَخْبَرَتْنِي أَيُّهَا الرَجلُ اَلطَّيِّبُ اَلْأَصِيلُ كَيْفَ كَانَتْ حَيَاةُ اَلْبِلَادِ آنَذَاكَ ؟
اَلرَّجُلُ : كُنَّا نُعَانِي مِنْ اَلِانْقِسَامَاتِ ، وَفِرْقَةُ اَلْأَحْزَابِ وَتَفَشِّي اَلْوَبَاءِ فِي اَلدِّيَارِ ، وَقَدْ خَاضَاَلنَّاسُ وَحَلَ اَلْجَهْلِ وَالظَّلَامِ ، فَالْأَمْنُ مَفْقُودٌ ، وَمَعَ فَقْدِهِ غَابَ اَلْأَمَانُ
اَلشَّابّ : وَمَن أَنْجَاكُمْ مِنْ هَذَا الوَحْل وَدُهمَة اَلظَّلَامِ ؟ الرَجُلتَبَدَّدَت الظَّلْمَاء وَأَشْرَق نُورالْبِلَاد بَعْدَ أَنْ عزم الْفَارِس الْمِقْدَام حَمَل رأية الْاِنْتِصَارَات مِنْ رُؤْيَة ثَاقِبَة رَسمها لِبِنَاءمُسْتَقْبَل الْبِلَاد….
[ هُنَا يَدْخُل رَجُل لِيُكْمِل حَديث مُعَاصِره]
اَلرَّجُل: اسْمَحْ لِي أَكْمَلَ عَنْكَ اَلْمُهِمَّةُ فَسِيرَةُ اَلْأَبْطَالِ تَرْوِي عَطَشَ اَلْفُرْسَانِ ذَلِكَ اَلْفَارِسِاَلَّتِي تَحَدَّثَت عَنْهُ كَانَ يَعْلَمُ أَنَّ بِنَاءَ اَلدُّوَلِ تَبْدَأُ مِنْ بِدَايَةِ اَلْإِنْسَانِ عَرَفَ فُنُونَ اَلْقِيَادَةِوَدَرَسَ اَلْأَوْضَاعَ بِإِيمَانٍ عَمِيقٍ، وَفِكْرٍ حَكِيمٍ ،وَعَزْمٍ شَدِيدٍ ،بحاثًا عَنْ سُبُلِ اَلْأَمَان ، فَخُطَىاَلْمَجْدِ وَحَوَافِرِ اَلصَّحْرَاءِ وَالْخَيْلِ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا اَلْأَبْطَالُ . ذَلِكَ اَلَّذِي رَفَعَ مَكَانُهَا ،وَعَزَّ شَأْنِهَا. اَلْإِمَامِ _ مُحَمَّدْ بْنْ سُعُودْ_
اَلشَّابِّ: وَهَذَا كُلُّهُ يَعْنِي أَنَّ اَلْإِمَامَ ذُو شَخْصِيَّةٍ مُتَفَرِّدَةٍ وَإِلَّا لِمَا لَانَتْ لَهُ اَلْأُمُورُ! { يَدْخُلَرَجُلٌ تُصَفِّقُ يَدَاهُ إِعْجَابًا وَصَوَابًا }
أَحْسَنَتْ كَانَ اَلْإِمَامُ شُجَاعًا وَمُتَدَيِّنًا تَأْثِيرَهُ عَظِيمًا لَدَيْهِ فِكْرُ قَائِدِ حَرْبِ اَلْأُمُورِ كَبِيرٌ اَلْقَلْبِسَخِيٍّ نَبِيلٍ اَلصِّفَاتِ يَتَأَمَّلُ وَيَرْسُمُ جَاهِدًا عَامِلاً بِإِخْلَاصِ كَيْ يَبْنِيَ دَوْلَةً عَظِيمَةً تَزْخَرُبِالْخَيْرِ وَالْأَمَانِ
(الرَّجل يُوَجِّه السُّؤَال الشَّابّ)
وَهَلْ عَلِمَت كَيْفَ كَانَ الْبِنَاء ؟
الشَّابّ: أَعَطّنِي الْمَزِيد مِنْ عِطْر سَيْر الْعُظَمَاء .
الرَّجُل مُبْتَسِما: خَاض الْمُعَارِك مَنِ اُجْل تَوْحِيد الْكِيَان وَرَتقالشِّقّ بَيْنَ الْقَبَائِل. بَلْ دَحَضالْاِنْقِسَامَات وَالتَّنَاحُر. تحت رَايَةُ التَّوْحِيد وَالْوَحدة مِنْ هُنَا سَارّ بِمَسَار جديد وَكُلُّ مَاتَسْتَوْجِبهُ الْحَيَاة مِنَ الآمان وَالْاِسْتِقْرَار .
الشَّابّ مُنْدَهِشَا: مَا أَعْظُمه مِنْ قَائِد يَسْتَحِقّ الْفَخْر وَالْاِعْتِزَاز يُوَاصِل الرَّجُل حَديثهُ عَنْمُنْجَزَات الْإمَام الْعَظِيمَة أمن طُرُق الْحَجّ وَالنَّجَّارَة وَهُنَا بَاتَت نَجْد آمِنه تُنْعِم بِرَوْحالاستقرار عَلَى نَحو أَرْبَعِينَ عَاما اشّتَدت عُود الدَّوْلَة ،وَبَلَغَت أَشَدّهُا أَفْنَاهَا فِي تَوْحِيدنَجْد وَإرْسَاء دَعَائِم الدَّوْلَة السُّعُودِيَّة الْأوْلى.
[الْمَشْهَد الثَّانِي]
( يَفْتَح السِّتَار وَإِذَا بِاِمْرَأَة بِزِّيِّ النَّشْل النَّجْدِيِّ الْفَضْفَاض )
يقف الشَّابّ مَبْهُورا بِمَا يرى يَا اللَّهً إِنَّهَا اِمْرَأَة مِنْ عَصْر التَّأْسِيس!
مُتَلَهِّفا لِمَعْرِفَةً مِنْ تَكَوُّن هَذِهِ المرأة ؟
(وَبِصَوْت عَال تَسَمُّعه الْآذَان وَيَفْهَمهُ الْعُقَلَاء وَتَعِي مَعَانِيهُ الْقَلُوب) المْرَأة تَنَادِّيٌّ أَيّهَاالشَّبَاب الْمُبْدِعُونَ فِي أرجاء الْوَطَن بِدَايَات تَأَسيس وَطَنكُمْ مِنْ قَلْب أَرَضكُمْ وَطَهَارَةتُرَابهَا وَحُبّ سَمَائهَا .
مِنْ هُنَا بِدَايَة التُّرَاث وَاِمْتِدَاد الْحَضَاَرة وَالْاِزْدِهَار دَخَلْت التَّارِيخ الْعَظِيم عَلَى يَد رَجُل مِنْرُجَّاله الْأَقْوِيَاء الْإمَام مُحَمَّد بْن سُعُود فَالْمَجْد لَا يناله إِلَّا الْعُظَمَاء أَمْثَالهُ لَمْ اِكْن اُعْرُفأَنَّنِي يَوْمَا سَأُكَوِّن حَديث الْأَجْيَال وَمُلْهَمهُ حَمَاس الْأَبْطَال .… لَمْ اِكْن اِعْلَم أن ذلك اللَّيْلسَيَنْجَلِي وَيَظْهَر النُّور مِنْ صَدْرِيٍّ عَلِمَ أن الْاِضْطِرَاب يَفْنَى وَالْأَمْن يُبْقِي عَلِمَ أنالتَّطَوُّرسَيُكَوِّن حَلِيفِيٌّ وَيُعْقِبهُ تَقَدُّمًا يُبَاهِي السُحُب جَمَّالا وَرَفْعةً كَانَ الْفَضْل لله أولًا ثُمَّ لِذَلِكَالْإمَام الشّجَاع السَّخِيّ الْمُفَكِّر الْقَائِد الْمُصَلِّح الْعَظِيم نَعَمْ غَيَّرنِي الْإمَام مُحَمَّد بْنسُعُود جَعَلَ مَنِّيٌّ أَرْض سُلَّام وَأُمِّن وَامَانِ اِسْتِقْرَار وَتَقَدُّم وَسَخَاء .
( وَصَمَدَت الْمَرْأَة عِنْدَمَا لَمَّحَت ظَلَّ رَجُل عَظِيم تَعَرُّفه قَادِمًا نَحوهَا يُشْعِل أَنْوَار الْمَدِينَةوَيُضِئ الْأَرَض بَهِجَة تفوح مِنْهُ رَائِحَة تَارِيخ مَجْد الْعُظْمَاء)
نَعَمْ إِنْه الْإمَام مُحَمَّد بْن سعود، بِهِنْدَامه الْعَرَبِيّ الْأَصيل مُتَّجِه أَنْظَاره الِيَّ تِلْكَ المرأةمُخَاطِبا إِيَّاهَا بِصَوْت جَهْوَرِيّ مِنْكَ اِنْبَثَق الْفَجْر، وَ إِلَيْكَ الْحَنِين فَاض…
أَنْتِ وَمَوْطِن شَعْب جَبار. حَارَبَت مَنِ اُجْلكَ بِتِلْكَ الرُّؤْيَة الْمِقْدَام.
–أيتها الْحَبيبَة– سَأَكْتُب تَارِيخكَ بِمِدَاد ذَهَبِيِّ عَبْر الْأَزْمَان عَلِمَت مِنْكَ حُبّ الْأَمْنوَالْأمَان وَألِفت بِكَ الْاِسْتِقْرَار وَالْأَزْدهار .. –أَنْتِ– الدَّرْعِيَّة حَاضِنَة الْمَجْد وَمُلْتَقَى الْأَبْطَال
الدَّرَعِيَّة: وَفَيْت وَكَفَيْت يَا نَسْل الْأَبْطَال!، وَحَفِظَت دَارِك ، وَدَار أَجدادك الْكِرَام ،وَ بَنَيْتمجدًا يَتْغنِي بِهِ الْأَجْيَال كَسِبتَالرِّهَان ،وَأَنْقَذَتنِي مِنْ وَحْل الْفِرْقَة، وَالظَّلَام. حَمَلَت رَايَةُوَالدَّكّ سَلِيل النَّخْوَة، وَالْعُرُوبَة الاخيار وَحَمَيْت حِدْوِيَّ وَحُدود نَجْد عِنْدَمَا تَكَالُب عَلَيْهَاالأعداء حَقَّقَت لَهَا الْاِسْتِقْرَار وَنَعَّمَت وماحولي بِعَظِيم الْعَطَاء وَاِرْتَوَيْت مِنْ مَنَاهِلالْعِلْم لِأَرْوِي بِهَا الطُّلَاَّب وَقَصَدنِي الْعُلَمَاء وَتَقَاطَرَت إلي الْوُفُود كَشَمْس أَشْرَقَت بَعْدَغِيَاب ، حَتَّى عَمّ الْعِلْم كُلَّ مَكَان وكانت الْمَسِيرَة حَافِلَة وَالذِّكْرَى عَطِرَة عَلَى مَرّ الْأَزْمَان يَدْخُل الشَّابّ مَرَّةً أُخْرَى ….
مَا أَجْمَل الْحِكَايَة حِكَايَة التَّأْسِيس الْحَديث ذُو شُجُون تَحَقَّقَت الْاِنْتِصَارَات بِالْعَزْموَالْإِصْرَار وَتَوَحَّدَت شِبْهُ الْجَزِيرَة العربية تَحْتَ رَايَةِ وَاحِدَة تَنَعُّم بِالْأَمْن وَالْأمَان وَتَوَالَتعُهُود الْمَلِك زَاخِرَة بِأَعْظُم الْأَعْمَال تَحْتَ مَمْلَكَة سُعُودِيَّة قُوِّيَّة مُتَفَرِّدَة فِي سَمَاءالْمَجْد.
(يرفع الشَّابُ الْبَيْرَقَ الْأَخْضَر عَلَى مَتْنه، ويُرْسِل كَلِمَاته مُعَبِرًا لها عَنْ عَظِيم الْاِمْتِنَان،وَالشُّعُور بِالْفَخْر وَالْاِعْتِزَاز)
الشَّابّ : وَصَلنَا لِلْمُسْتَقْبَل الْمُبَشِّر الَّذِي وَعْدنَا بِهِ وَلِي عَهْدنَا الْمُلْهَم طَمُوحنَا لَا حُدودلَهُ .فَمَا نَمِر بِهِ الْآنَ تَارِيخ لاينسى مِنَ الْمُنْجَزَات وَالْأَعْمَال الْمُتَمَيِّزَة نَحْوَ الْإِبْدَاع مُنْجَزَات،تَلْفِت الْأَنْظَار دَخَلنَا عَالَم أَشِبْهُ بِالْخَيَال وَحُقَقنَا الْمُسْتَحِيلَات أصبح الْحُلْم حَقِيقَة،مُحَقِّقِينَ تَطَلُّعَات مُلَّك عَظِيم وَشَعْب عَظِيم يُسَكِّن وَطَن عَظِيم اِسْمه الْمَمْلَكَة الْعَرَبِيَّةالسُّعُودِيَّة فَهَنِيًّا لَنَا هَذَا الشَّرَف الْعَظِيم