دائماً وأبداً .. أخرجوا أجمل ما فيكم !

من قوانين الكون والطبيعة وسنن الحياة الطبيعية أن المخلوقات والموجودات والكائنات الحية وغير الحية تقدم نفسها للكون وللحياة بأجمل وأفضل وأحسن ما فيها !
بل هي مفطورة ومسخرة على أن تعلن للكون وللحياة أن ما فيها من الخيرات والمسرات والبركات والفضائل والجمال والكمال ها هو أمامكم !
فالأكوان وما فيها من الأجرام السماوية والنجوم والكواكب تظهر للكون والحياة على حقيقتها الصافية النقية الجميلة وتهدي للجميع صدقها وحسنها وجمالها وتبقى ثابتة على تلك الصور والمشاهد التي تقدمها للكون والحياة !
كذلك المخلوقات الحية على كوكب الأرض الجميل كلها عدا الإنسان ! تقدم نفسها وطبيعتها وما فيها من الصور والمشاهد والأشكال التي ربما نقبل بعضها ونرد الآخر ! لكنها مع ذلك تقدم للحياة والطبيعة أجمل وأفضل وأحسن ما فيها على الصورة التي طبعت فيها وعلى الخليقة الأولى التي غرست وفطرت عليها !
فالجبال تظهر للحياة الطبيعة على مر التأريخ والعصور الشموخ والعزة والمنعة والقوة والصبر والتحمل على جميع التغيرات والتقلبات فهي الجبال الراسيات ! وكذلك البحار والمحيطات والأنهار الجارية الصافية الجميلة تظهر للحياة الطبيعية عمقها ، ومساحات الكبيرة ، وامتدادها ، واحاطتها بالمسافات الواسعة والشاسعة ، واحتوائها على عوالم المخلوقات والموجودات والكائنات الحية وغير الحية من الكائنات والمخلوقات الصغيرة إلى الكبيرة .
كذلك المساحات الواسعة والشاسعة من الحدائق ذات البهجة والبساتين الغنّاء، والأشجار المثمرة والأفنان الملتفة الدانية، فإنها جميعاً تظهر للحياة الطبيعية السليمة أجمل وأفضل وأحسن ما فيها !
إن الثمار في الأشجار الباسقة والأغصان المتدلية بها تعطي وتمنح الوجود والحياة والإنسان الألوان الجميلة الأذواق النفيسة والطعم الشهي الهنيء ؛ وعند عصر بعض تلك الثمار تهدي الأيدي العاصرة كل الخير والفضل والبركة.
إن الإنسان في أصله ومنشئه نبات من نباتات كوكب الأرض الجميل ، ومميزات هذا النبات أنه له القدرة والقوة والملكة على أن يكون حسناً طيباً يستوي على سوقه ، وقد يخرج من أصله ومعدنه وتربته وتربيته الشراب الطيب والظل الظليل !!
إن البشرية السليمة والجميلة جميعاً مزودة ومعدة لتصنع من نفسها الخير والفضل والصلاح والبركة ، وكذلك لتصنع حدائق وبساتين ذات بهجة في كل مكان تسكن فيه ، في الصحاري والبراري في البحار والمحيطات ، في الغابات الواحات والأدغال ! في المدن والقرى والهجر .
لذلك على الإنسان الكيس الفطن الحاذق أن يفتش في نفسه وفي عقله وقلبه وروحه ، أن يفتش في ذاته ماذا يملك من الخيرات ؟! ماذا يملك من الطاقات والقدرات والملكات؟ بماذا خصه الله تعالى ؟ بماذا أكرمه الله تعالى؟ ثم يهتم و يغذي ما خصه الله تعالى به من الفهم والوعي والإدراك والاتقان والثقافة ! ثم يقدم لنفسه وللناس ذلك الخير والفضل والصلاح والبركة !!
علينا جميعاً أن نفتش عن أجمل وأفضل وأحسن ما فينا ! وما أكرمنا الله تعالى به ! وما لدينا من الخير والفضل! وما أتقنا من المهارات والقدرات والملكات الحياتية الإيجابية والتفاؤلية فنقدم أنفسنا بها ! ومن خلالها ! ثم نقدم أنفسنا للناس وللحياة وللكون وللدنيا كلها …!
في أُسرنا وعوائلنا في أهلنا وأولادنا مع الناس كآفة علينا جميعاً دائماً وأبداً …أن نخرج أجمل وأفضل وأحسن ما لدينا مما خصنا به الله تعالى .
قال شاعر المجهر الكبير إيّليّا أبو ماضي :
كُنْ وَردَةً طيبُها حَتّى لِسارِقِها
لا دِمنَةً خُبثها حَتّى لِساقيها
أَكانَ في الكَونِ نورٌ تَستَضيءُ بِهِ
لَوِ السَماءُ طَوَت عَنّا دَراريها؟
أَو كانَ في الأَرضِ أَزهارٌ لَها أَرَجٌ
لَو كانَتِ الأَرضُ لا تُبدي أَقاحيها؟
إِنَّ الطُيورَ الدُمى سِيّانَ في نَظَري
وَالوِرقُ إِن حَبَسَت هَذي أَغانيها !
المصلح والمستشار الأسري
د. سالم بن رزيق بن عوض