عقارب الساعة البشرية

تتشابه حياتنا مع آلية الساعة الدقيقة. كما تدور العقارب حول الأرقام بانتظام، كذلك تدور البشرية في فلك الحياة، متأثرة بإيقاعات الزمن وتقلباته. دوران مستمر تمضي الأيام، وكأننا عقارب ساعة عملاقة تتحرك على وجه الكرة الأرضية. نتنقل من لحظة إلى أخرى، من تجربة إلى تالية، في حركة لا تتوقف. لكن، على عكس الساعة الميكانيكية، فإن مسارنا ليس ثابتًا ولا متوقعًا. تفاوت الطباع مع كل دورة، تتغير طباعنا وتتطور شخصياتنا. نحن لسنا مجرد أرقام على وجه ساعة، بل كائنات معقدة تتفاعل مع محيطها. تتشكل أخلاقنا وسلوكياتنا استجابة للظروف المحيطة، متأثرة بتجاربنا وعلاقاتنا. تحديات الحياة كما تواجه عقارب الساعة مقاومة الهواء، نواجه نحن تحديات الحياة. المصاعب والعقبات تحيط بنا من كل جانب، تدفعنا للتكيف والتغير. هذه المتاعب، رغم صعوبتها، هي ما يصقل شخصياتنا ويمنحنا القوة للاستمرار. التغير المستمر مع كل دورة حول محور الحياة، نجد أنفسنا مختلفين قليلاً عما كنا عليه بالأمس. نكتسب خبرات جديدة، نتعلم دروسًا قيمة، ونطور مهارات لم نكن نمتلكها من قبل. هذا التغير المستمر هو جوهر وجودنا البشري. الثبات في التغير رغم هذا التغير المستمر، هناك جوهر ثابت في كل منا. كما أن الساعة تحافظ على وظيفتها الأساسية رغم دوران عقاربها، كذلك نحن نحافظ على قيمنا الأساسية وهويتنا رغم تغير ظروفنا. في نهاية المطاف، نحن أكثر تعقيدًا من مجرد آلة ميكانيكية. نحن ساعة حية، نابضة بالحياة والتجارب. كل دقة من دقات قلوبنا تمثل فرصة للنمو والتطور. فلنستغل كل لحظة في رحلتنا، ولنتذكر أن التغير ليس شيئًا نخشاه، بل هو الجوهر الحقيقي لوجودنا الإنساني .
سمير منصور الفرشوطي
كاتب رأي