كُتاب الرأي

من مظاهر الاحتراق النفسي 

في  كثير  من  محطات الحياة  ،  ومواقفها  اليومية  قد  يكون  المطلوب  أكبر  من  القدرات  و الطاقات والإمكانات  ،  ومع  ذلك  فإن  بعضنا   يتحمل  المسؤولية الكبيرة ويتحمل  المشاق العظيمة  ، ظناً   واعتقاداً  منه  أن  هذا   هو  التصرف  الصحيح  والسليم   ،  ويبرر  ذلك  بمبررات كثيرة  وكبيرة  ربما  حتى  على  قدراته وطاقاته ! .
حقيقة  لكل  إنسان  على  كوكب الأرض الجميل  طاقات وقدرات وامكانات  مهما  كانت !   تبقى  محدودة  ومقّدرة  ! ، فهناك عدد  من  المهام والمسؤوليات يستطيع إنجازها بسهولة وهناك بعض المهام
والمسؤوليات  يحتاج  فيها  إلى  التعقل  والتريث  وطلب  المساعدة  أو القيام  بما   يستطيع منها  فقط  !  ويدع  ويترك  ما  لا  يستطيع   !
إن القيام  بكل  المهام والمسؤوليات والأدوار  ومحاولة  تنفيذها جميعاً ،  والسعي  فيها  إلى  كمال  التنفيذ  ،  وكمال التجويد  وكمال  الإنجاز  بشكل  مستمر  رغم  أن  بعضها   فوق  القدرات والطاقات  كل  ذلك يؤدي إلى  ما  يسمى بالاحتراق !
رفع سقف التوقعات والإنجازات إلى  مائة في المائة ( 100% ) لا  يتوافق على طبيعة  الناس  وطبيعة  الحياة  الإنسانية  ؛ فهناك  بعض الأعمال والوظائف والمهام والمسؤوليات   يمكن  الوصول  إلى الإنجازات والإبداعات المرضية  فيها  !  وهناك  بعضها   لا  يمكن  الوصول  إلى  درجات  عالية  جدا  في الإنجاز   وهذا  هو   الطبيعي  في  الناس  والحياة !
الآباء والأمهات  الذين يشجعون ويحفزون أولادهم للمحافظة على العبادات والمحافظة على التصرفات والسلوكيات الطيبة الحسنة  وعلى  التفوق الدراسي  كل هذه مطالب طيبة وجميلة لكن  عليهم  بعد  ذلك  أن  يقبولوا السلوكيات  والتصرفات  والنتائج لأولادهم  !  وعليهم أن يقبلوا  أولادهم   كما   هم  !  سواء   صدرت   منهم  بعض  المخالفات أو لم  يحققوا التفوق والنجاح المطلوب  وإلا  ذهبت نفوسهم  إلى  الاحتراق  !
كذلك  الموظفون والموظفات  المطلوب  منهم  عدد  من  المهام والمسؤوليات والأدوار  وعليهم  القيام   بها  وبمستوى  عال  من  الإنجاز الكبير   لكن  حصل  الإخفاق والقصور  ليس  هذا  هو  نهاية  المطاف  !  وإنما   يمكن   المحاولة والإصلاح والتعديل ومحاولة الإنجاز مرة أخرى  دون  الذهاب إلى مرحلة  الاحتراق واللوم !.
من  المظاهر  التي قد توصل الإنسان إلى الاحتراق  النفسي   :
اولاً: الخوف الشديد المستمر   من عدم  الإنجاز  ! وكذلك من عدم تحقيق الأهداف والمقاصد بالنسب العالية  ! الخوف من الفشل والاخفاق!
ثانياً: الشعور  بالقلق المستمر والداعم  في جميع المهام والمسؤوليات والأدوار ! وأن الوضع الحالي لا يحتمل ! ويظهر  ذلك  على اللسان بالكلام  والحديث الكثير وعلى الجسم  الحركة غير  الطبيعية.
ثالثاً: النظرة السلبية السوداوية للنفس والأسرة والمجتمع والعمل  والحياة ،  وهو  يرى  أن كل هذا الواقع لا  يصلح  أبداً .
رابعاً: الأحاديث السلبية السوداوية  المعبرة عن واقعه الذي  يراه هو !  وعن تلك الأوهام والهموم والغموم   التي تدور  في رأسه !
خامساً: عدم  الرغبة  في العمل والوظيفة والوصول إلى درجة الاهمال   لها  وعدم  الاهتمام  !.
سادساً: الخمول الشديد  عن أداء  الأعمال والوظائف والمهام ، وربما   الضيق  بها  ذرعاً ! والتكاسل التام في العمل والوظيفة.
سابعاً: الانعزال عن الأسرة وعن الأصحاب  وعن المجتمع .
ثامناً: الدخول في مرحلة  الاكتئاب  المرضي والإغلاق على نفسه وعدم  السماح  لها  بالاختلاط بأحد .
تاسعاً: ظهور  الأمراض والأسقام والأوجاع  الجسدية  كالضغط والسكر  والكلى  والقلب  وغيرها من الأمراض والأسقام.
عاشراً:  رغبة  بعضهم بالموت أو  تمني الموت  في الليل أو النهار  وانتظار   تلك  اللحظات  لكي  يفارق الحياة!.
تلك  بعضاً من  المظاهر التي قد  توصل الإنسان  إلى  ظاهرة  الاحتراق النفسي  والتي يجب البحث والتنقيب  عن الأسباب والمبررات الإعتبارات التي أوصلت الإنسان  إلى  تلك الصور والمشاهد  ثم القيام بالدخول  في مراحل  العلاج   لها ! وإلا  كان الثمن الذي يدفع من  الفرد والأسرة والمجتمع  باهضاً  !.
المصلح والمستشار الأسري 
د. سالم بن رزيق بن عوض

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى