ذكريات الطفولة وواجبات البر

في أعماق ذاكرتنا، تظل فترة الطفولة محفورة كزمن من البساطة والبراءة، حيث كانت الأم هي الملاذ الآمن الذي نلجأ إليه في كل لحظة تعب أو مرض. كانت هي التي تصحبنا إلى الطبيب، وعندما يطرح الطبيب سؤاله المعتاد “مما تشكو؟”، كنا ننظر إلى الأم بثقة، وندعها تتولى الإجابة عنا. فهي كانت تعرف كل تفاصيل حياتنا، تشعر بما نشعر، وتفهم ما لا نستطيع التعبير عنه. ومع مرور الزمن، تغيرت الأمور وأصبحت الحياة أكثر تعقيدًا. لم يعد هناك من يسأل “مما تشتكي؟” بنفس الطريقة التي كانت تفعلها الأم. تلك اللحظات أصبحت ذكريات نعود إليها بحنين، وندرك حينها مدى أهمية الرعاية التي كنا نحظى بها. اليوم، ونحن في مرحلة النضج، يجب أن نكون واعين لأهمية رد الجميل لأمهاتنا. علينا أن نكون بجانبهن كما كنّ بجانبنا. فهنّ يستحقن كل الحب والاهتمام، لأنهن كنّ دائمًا هناك، يشعرن بما نشعر، ويقدمن لنا الرعاية بلا مقابل. إن الأم ليست مجرد شخص في حياتنا، بل هي رمز للحب غير المشروط والعطاء الذي لا ينضب. في كل لحظة نعيشها، نجد أن تأثيرها يمتد في كل جوانب حياتنا، من القيم التي غرسها فينا إلى الدروس التي تعلمناها منها. لذا، يجب أن نحرص على أن نكون بجانبها، نشاركها أفراحها وأحزانها، ونعبر لها عن امتناننا لكل ما قدمته لنا. وقد أكد القرآن الكريم على أهمية بر الوالدين، حيث قال تعالى: “وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ” [لقمان: 14]. هذه الآية تذكرنا بواجب الشكر والامتنان للأمهات، وتؤكد على مكانتهن العظيمة في حياتنا. في نهاية المطاف، الأم هي الحكاية الأبدية التي لا تنتهي، والحنين الذي لا ينطفئ. فلنحافظ على هذا الرابط القوي، ولنكن دائمًا هناك من أجلها، كما كانت هي دائمًا هناك من أجلنا.
سمير الفرشوطي
كاتب رأي
رائع👍👍👍👍
تسرنا عودتك استاذ القلم المحترف ومهندس الكلمات الراقية.
مقالة جميلة تحمل المعاني الكثيرة لنا وزمن الطفولة
شكرا لقلمك المبدع وننتظر المزيد