كُتاب الرأي

نهج السعادة .. احتياجات (الجانب النفسي) 2

 

 

الاحتياجات النفسية للإنسان تُعدّ من أهم المتطلبات الأساسية التي تسهم في تحقيق توازنه وسعادته ، هذه الاحتياجات ليست ثابتة بل تختلف باختلاف المرحلة العمرية والبيئة والثقافة ، لكنها تتشارك في جوانب أساسية تتطلب الإشباع لنمو نفسي سليم يكفل السعادة والشعور بالرضا في هذه الحياة ، وقد تحدثنا في مقالنا السابق عن حاجة الفرد النفسية من (الحب والانتماء – التقدير والاحترام – الامن والاستقرار) ، لنكمل هذه الاحتياجات  في مقالنا هذا:

٤- الحاجة إلى الدعم (العاطفي و الاجتماعي) :

العلاقات العاطفية والمعنوية مثل علاقة الفرد بالعائلة والاصدقاء ، والمساندة داخل المجتمع توفر للفرد دعماً مهماً وكبيراً من الجانب النفسي ، و وجود أشخاص يعتمد عليهم عند الحاجة يسهم في تخفيف الضغوط النفسية ويجلب للنفس السعادة والراحة والرضا..

والأدلة الدالة على ذلك من القرآن الكريم والسنة النبوية كثيرة في هذا الجانب ، يقول الله تعالي في سورة الإسراء : (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23) وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا) (24)..

 الآية الكريمة تُشير إلى أمر الله للأبناء بدعم الوالدين (العاطفي والمعنوي) والمساندة عند حاجتهم في الكِبر..

بينما أحاديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كثيرة تدل على مساندة الأفراد داخل المجتمع لا قرار وتحقيق مبدأ الدعم العاطفي النفسي والمعنوي مجتمعياً ونشر السعادة والرضا للفرد داخل المجتمع..

عن أَبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “مَنْ نَفَّس عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبةً منْ كُرب الدُّنْيا نفَّس اللَّه عنْه كُرْبةً منْ كُرَب يومِ الْقِيامَةِ ، ومَنْ يسَّرَ عَلَى مُعْسرٍ يسَّرَ اللَّه عليْهِ في الدُّنْيَا والآخِرةِ ، ومَنْ سَتَر مُسْلِمًا سَترهُ اللَّه فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ ، واللَّه فِي عَوْنِ العبْدِ مَا كانَ العبْدُ في عَوْن أَخيهِ ، ومَنْ سَلَكَ طَريقًا يلْتَمسُ فيهِ عِلْمًا سهَّل اللَّه لهُ به طَريقًا إِلَى الجنَّة ، وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بيْتٍ منْ بُيُوتِ اللَّه تعالَى ، يتْلُون كِتَابَ اللَّه ، ويَتَدارسُونهُ بيْنَهُمْ إلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمُ السَّكِينةُ ، وغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمةُ ، وحفَّتْهُمُ الملائكَةُ ، وذكَرهُمُ اللَّه فيمَنْ عِندَهُ ، ومَنْ بَطَّأَ بِهِ عَملُهُ لَمْ يُسرعْ به نَسَبُهُ” رواه مسلم..

وعن ابن عمرَ رضي اللَّهُ عنهما: أَن رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ: “المسلمُ أَخو المسلم، لا يَظلِمُه ، ولا يُسْلِمُهُ ، ومَنْ كَانَ فِي حاجةِ أَخِيهِ كانَ اللَّهُ فِي حاجتِهِ ، ومَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسلمٍ كُرْبةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بها كُرْبةً مِنْ كُرَبِ يوم القيامةِ ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ الْقِيامَةِ” مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

٥- الحاجة إلى (الحرية الفكرية والاستقلال بالرأي):

أودع الله في النفس البشرية منذُ إن خلقها حرية الفكر من خلال التفكر والتدبر في النفس والكون قال تعالي:( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ) ال عمران (191)..

وقال تعالى:(وَفِي أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ) الذاريات (21)..

وكفل القران للنفس البشرية الاختيار الأنسب قال تعالى 🙁 وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) البلد (10)..

كما أمر الرسول الكريم محمد صلى الله علية وسلم بالاستقلال بالرأي وشدد عليه فلا اجبار ولا اكراه للفرد في اختياراته وذلك من خلال تشديد أمر الله في قوله تعالى:(لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ ) الكافرون (6)..

وقال تعالى : ( وإن كذبوك فقل لي عملي ولكم عملكم أنتم بريئون مما أعمل وأنا بريء مما تعملون ) يونس (41)..

وقال تعالى: ( لنا أعمالنا ولكم أعمالكم ) القصص (55)..

الإنسان بحاجة لأن يشعر بامتلاك الحرية في اتخاذ قراراته ، واختيار نمط حياته بحرية ، الاستقلالية بالفكر والرأي تُنمي الإحساس بالمسؤولية وتُعزز من احترام الذات وتدفع الفرد بالشعور بالراحة والرضا والسعادة النفسية..

كل ما سبق في هذا المقال والمقال السابق من (الحب والانتماء- التقدير والاحترام – الأمن والاستقرار- الدعم العاطفي والاجتماعي- الحرية الفكرية والاستقلال بالرأي) يُعتبر من الاحتياجات النفسية التي تحتاج إلى اشباع ، واشباعها يُعدّ أساساً في تحقيق صحة نفسية متوازنة وحياة مليئة بالرضا والسعادة والنجاح..

 

أحلام أحمد بكري

كاتبة رأي

أحلام أحمد بكري

كاتبة رأي وقاصة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى