أشرنا في المقال السابق أن الهدف الأول الذي يجب على الفرد أن يضعه في المقدمة لحياة مفعمة بالسعادة والنجاح ، هو (سلامة الجانب الجسدي)..
ثم تطرقنا لأربعة من أهم الاحتياجات الأساسية للجانب الجسدي وهي: (التغذية السليمة ، شرب الماء ، النوم الكافي والراحة والاسترخاء ، التمارين البدنية) ، ونكمل البقية في مقالنا هذا :
٥- توفير المسكن والزواج:
الزواج من سنن الأنبياء والمرسلين فيقول الله تعالى : ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ٣٨﴾ سورة الرعد 38
الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة ؛ فليتزوج ، يعني استطاع مؤنة الزواج ؛ فليتزوج ، فإنه أغض للبصر ، وأحصن للفرج” رواه مسلم..
أن من أعظم مقاصد الزواج في شرع الله المطهر أن تسود المودة والرحمة بين الزوجين ، وعلى هذا الأساس ينبغي أن تبنى الحياة الزوجية قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ) الروم /21 .
من ركائز واحتياجات الإنسان الأساسية الجسدية إباحة الزواج وجعل الزوجة مسكن ، يسكن إليها الزوج ، وحصول الفرد على الزوجة المناسبة التي يألفها ويسكن إليها ويكون من خلالها إشباع للرغبات الجسدية والنفسية فهذا يحقق جزء كبير في سعادة الفرد وبث الراحة في نفسه وجسده..
٦- العناية الشخصية والنظافة:
من أساسيات الحاجة الجسدية للفرد ، ديننا الإسلامي حريص على الحفاظ على النظافة الشخصية وفي أدق التفاصيل بدءً من السواك ونظافة الفم مروراً بتقليم الأظافر والنظافة الشخصية للجسد من حلق العانة ونتف شعر الابط ، ما رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: “لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة”..
وقد روى وكيع بإسناده عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا أنت قلمت أظفارك فابدئي بالخنصر، ثم الوسطى، ثم الإبهام، ثم البنصر، ثم السبابة، فإن ذلك يورث الغنى”..
وهذا قول في الرعاية، وفي حديث آخر: “من قص أظفاره مخالفا ، لم ير في عينيه رمدا”.. رواه ابن بطة..
حلق العانة وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الآباط كل ذلك سنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “الفطرة خمس: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وقلم الأظفار، ونتف الآباط “ متفق على صحته..
وقال أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: “وقت لنا في قص الشارب وقلم الظفر ونتف الإبط وحلق العانة ألا نترك ذلك أكثر من أربعين ليلة “..أخرجه الإمام أحمد في مسنده..
العناية الجسدية الشخصية والحرص على النظافة يساعد في الوقاية من الأمراض ويحافظ على الشعور بالراحة والانتعاش والرضا من خلال المظهر اللائق أمام النفس و بين المجتمع الخارجي..
٧- التعرض للشمس:
التعرض لأشعة الشمس بشكل معتدل يساعد في إنتاج فيتامين (د) الضروري لصحة العظام والجهاز المناعي ، وأنسب وقت للتعرض لأشعة الشمس الصباح الباكر الذي وصى به نبينا محمد ، عن صَخْرِ بنِ وَدَاعَةَ الغامِدِيِّ الصَّحابيِّ : أَنَّ رسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتي في بُكُورِها”..
٨- الفحوصات الطبية الدورية: يحتاجها الفرد طيلة حياته منذُ الصغر حتى أواخر عمره ، وخاصة من يُصاب بمرض مزمن خلال حياته ، كأمراض الضغط والسكر والقلب و هشاشة العضام ، كما أن متابعة الحالة الصحية العامة من خلال الفحوصات الدورية تمكن من الكشف المبكر عن أي مشاكل صحية طارئة وعلاجها بوقت مبكر ، وهذه أمور مهمة للحفاظ على الجانب الجسدي للإنسان..
٩- التوازن بين العمل والراحة:
من الحاجات الضرورية لسلامة الجسد البعد عن الاحتراق الوظيفي الذي يُهلك الجسد و يُخلخل النفس ، الإرهاق المستمر يؤثر على الصحة الجسدية والنفسية ، لذا من المهم تحقيق توازن بين العمل والراحة لتجنب الإجهاد والدخول في مضاعفات صحية كبيرة لا حصر لها..
بتلبية هذه الاحتياجات السابقة (التغذية السليمة ، شرب الماء ، النوم الكافي والراحة والاسترخاء ، التمارين البدنية ، توفير السكن والزواج ، العناية الشخصية و النظافة ، التعرض للشمس ، الفحوصات الطبية الدورية ، التوازن بين العمل والراحة) ، يستطيع الشخص أن يُحقق هدف
(سلامة الجانب الجسدي)
و الحفاظ على صحته الجسدية ونوعية حياته ، يؤثر بشكل إيجابي على الجوانب النفسية والعقلية والأسرية والعملية والاجتماعية ويكفل سعادة الفرد ونجاحه في حياته..
أحلام أحمد بكري
كاتبة رأي
