كُتاب الرأي
كيف تربي ولداً فاشلاً في الحياة ؟

عادة في التركيز على توفير الاحتياجات الأساسية والضرورية للأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة من قبل بعض الآباء والأمهات والغفلة أو التغافل عن المسؤوليات والمهام والأدوار المنوطة بهم تجاه الأولاد من الذكور والإناث يُولّد البعد عنهم وعدم الاهتمام بالتربية والتنشئة الطبيعية السليمة لهم .
بعض الأولاد من الذكور وكذلك من الاناث يشتكون من عدم اللقاء بآبائهم وأمهاتهم ؛ يقول بعض الأولاد عن آبائهم وأمهاتهم أنهم يخرجون إلى المدارس كل يوم وبعض الآباء والأمهات يغطّون في النوم العميق ، ويعودون إلى البيوت الطيبة المطمئنة وأكثر آبائهم وأمهاتهم في أعمالهم ووظائفهم.
إن الانشغال بالأعمال والوظائف وتوفير الاحتياجات الضرورية والأساسية من الأمور الهامة والعظيمة، والتي يجب وجوباً على الآباء والأمهات القيام بها وتأديتها ؛ لكن ذلك لا يكون على حساب الأولاد من الذكور والأناث ! ولا على حساب الاهتمام بالتربية والتنشئة التعليم والتعلم بهم .
إننا أمام مظاهر وظواهر يجب الوقوف عليها ، والتأمل فيها ، وتحديد أسبابها ومراحلها ، ومحاولة السماع من الجميع كيفية التوصيف لها ، ثم التعرف على مقترحات الحلول من الجميع كذلك ، ومحاولة العلاج والسعي فيه !
الأولاد من البنين والبنات يتوجهون يومياً إلى مقاعد الدراسة وإلى مدارسهم ومصانعهم الطبيعية السليمة التي تصنعهم الصناعة الطبيعية السليمة كذلك ؛ ربما يمر الشهر والفصل الدراسي وبعض الآباء والأمهات لم يفكروا أن يزوروا مدارس أولادهم ! وتبقى للمدارس جهودها – التي تذكر لها فتشكر عليها – في التعليم والتعلم والتنشئة والتربية حسب طاقاتها وإمكاناتها وقدراتها !
الآباء والأمهات الذين يهملون تلك الزيارات الدورية المهمة للوقوف على مستويات أولادهم وكذلك للوقوف على سلوكيات وتصرفات أولادهم ، وأين وصلوا في التحصيل الدراسي للفصل الدراسي ؟ إنهم يسعون ويمشون في التربية والتنشئة والتعليم وهم الحاضرون الغائبون !
تسليم الأولاد من البنين والبنات على مراحلهم العمرية المختلفة والمتباينة لجميع مكونات قنوات التواصل الإجتماعي ؛ ورفع شعارات : ( ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلعبوا…) وهذه القنوات : ( لا تضرهم ) وإنهم : ( يتعلمون منها …) و ( لا تكن متخلفاً ومعقد اً )
دون الجلوس معهم والاطمئنان على ما يشاهدون ويسمعون ويتفاعلون معه ، كل هذه من الاهمالات والثقة الزائدة ! ربما قد تجني على الأولاد وتجني على مستقبلهم ! وقد يندم بعض الآباء والأمهات أشد الندم في وقت لا ينفع فيه الندم ولا والبكاء ولا العويل !.
إن غياب الآباء القدوة والأسوة للأولاد ، وكذلك غياب القدوة والأسوة من أخلاق الأمهات للأولاد لهي القاسمة للحياة الأسرية والعائلية السعيدة ؛ فالآباء والأمهات الذين يظنون أن أفعالهم وأقوالهم وسلوكهم لا تؤثر على أفكار وسلوكيات الأولاد ، وأنهم غير متابعين ومشاهدين من جميع أولادهم من البين والبنات ؛ هؤلاء يحتاجون إلى مراجعة أنفسهم وذواتهم وعقولهم وقلوبهم في هذه التصورات والأفكار والقناعات !
إن صناعة جيل فاشل في كل مجالات الحياة يمر بالمراحل التالية :
أولاً: الانشغال التام من الآباء والأمهات بالأعمال والوظائف وتوفير الاحتياجات الضرورية والأساسية للحياة .
ثانياً: الانشغال التام من الآباء والأمهات بالحياة الزوجية الخاصة بهم .
ثالثاً: الحضور والغياب داخل البيوت الطيبة والمنازل من الآباء والأمهات على حد سواء !
رابعاً: إغداق المال على الأولاد من البنين والبنات لدرجة التبذير والاسراف في كل شيء من المآكل والمشارب والملابس والمراكب.
خامساً: غياب الأهداف والمقاصد السامية من الزواج للأزواج والزوجات وكذلك للآباء والأمهات.
سادساً: عدم المتابعة والاهتمام للتحصيل الدراسي للأولاد، وترك مستوياتهم الدراسية لاجتهاداتهم فقط .
سابعاً: تكليف العاملات والخادمات بالتربية والتنشئة والمتابعة والاهتمام بالأولاد من البنين والبنات.
ثامناً: عدم الاهتمام بالزيارات الدورية للأولاد في المدارس للوقوف على السلوكيات والتصرفات والمستوى التحصيلي .
تاسعاً: عدم الاهتمام بما يشاهد ويسمع الأولاد في قنوات ووسائل التواصل الاجتماعي وتركهم لها تفعل بهم ما تشاء !
عاشراً: لا يرى بعض الآباء والأمهات أنهم القدوة والأسوة لجميع أولادهم ، ولذلك يتصرف بعضهم كيف شاء من دون ضابط أو مراقبة ؟!. وتكون تلك التصرفات والسلوكيات غالباً خاطئة وغير سليمة ، تؤثر في الأولاد من الناحية العاطفية الشعورية الخلوقية الخاطئة.
يقول الشاعر العربي الكبير أمير الشعراء أحمد بك شوقي :
ليس اليتيم من انتهى أبواه
من هم الحياة وخلفاه ذليلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له
أمّاً تخلت أو أباً مشغولا
د.سالم بن رزيق بن عوض
المصلح والمستشار الأسري