نهج السعادة .. التوازن أساس السعادة

التوازن في الحياة يُعتبر من الأمور الأساسية لتحقيق السعادة والنجاح على المستويين الشخصي والمهني..
والتوازن في الحياة بمعنى اعطاء كل شيء مقدار معين وتقدير معين لا يطغي على الأخر ، بحيث تكون كل أمورنا في الحياة تسير بشكل متوازن بمقادير محددة ، وقد تم ذكر التوازن في المقادير في القرآن الكريم في آيات كثيرة أبرزها في قوله تعالى:( فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم ) الأنعام: 96 أي جعل الله تقدير الليل والنهار والشمس والقمر بحساب معلوم لا يجاوزانه حتى ينتهيا إلى أقصى منازلهما بشكل متوازن..
وقوله تعالى :(الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا ) الفرقان: 2
بمعنى سواه وهيأه لما يصلح له ، لا خلل فيه ولا تفاوت ، قدّر لكل شيء تقديراً من الأجل والرزق ، فجرت المقادير على ما خلق بشكل متوازن بدون خلل أو تفريط ..
من هذا المنطلق القرآني يجب على الفرد أن يُدرك أهميّة التوازن ويوازن جوانب حياتهُ كلها كي يسعد في دنياهُ وآخرتهُ ، وهنا يجب أن نبرز بعضاً من الجوانب عن أهمية التوازن:
أولاً / الصحة الجسدية والنفسية العقلية:
هذا التوازن مهم فهو التوازن المُحقق بين فترة العمل وفترة الراحة ، كي يساعد في الحفاظ على صحة جيدة ، العمل المستمر دون فترات راحة يؤدي إلى الإرهاق و الإجهاد البدني ، مما يؤثر سلباً على صحة الجسم وصحة العقل من خلال الضغط النفسي والتعرض للقلق والتوتر ، نحن نلاحظ أن الشخص الذي يعمل لساعات طويلة تزيد عن العشر ساعات أو الذي يعمل على فترتين طويلة خلال اليوم واقعاً تحت الضغط النفسي والارهاق الجسدي ، يؤثر عليه وعلى انتاجية العمل ، بينما من يعمل لثماني ساعات يتخللها فترة من الراحة قرابة النص الساعة نجدهُ أكثر راحة واستقرار بدني ونفسي وأكثر إبداع وإنتاجية ، بهذه الطريقة نُحقق التوازن بين الصحة الجسدية والنفسية العقلية..
ثانياً / الاستقرار العاطفي:
يتحقق من خلال التوازن في العطاء والأخذ بين العاطفة التي يمتلكها الفرد و الجوانب المحيطة به مثل (العائلة ، مجتمع العمل ، المجتمع الخارجي) ، يمكن للفرد الحفاظ على استقراره العاطفي إذا وازن وأعطى كل جانب حقهُ الطبيعي عاطفياً ، فهو مع عائلتهُ أكثر استقرارا ودفئ وحب وحنان وعاطفة ، وعليه أن يكون كريم في ذلك إذا كان المردود متبادلاً في محيط الأسرة ، بينما في محيط عملهُ يجب أن يكون أكثر تفهماً ووعياً بحقوقه العاطفية من احترام وتقدير ولطف مع زملائه في العمل ورؤسائه وعملائه ، فلا يرون منه إلا كل حب وابتسامه ، وعند اختلاطه مع المجتمع الخارجي عليه أن يعرف ما لهُ وما عليه أثناء التعامل مع الناس وليكن على حدود معينه تُحقق له سلامتهُ واستقرارهُ العاطفي وأن يقف على الحياد لا هو بالجاف ولا المستنزف عاطفياً ، يعرف متى يأخذ ومتى يعطي في تعاملاته الخارجية مع الناس ، مما يعزز التواصل والدعم المتبادل بينهما فالتوازن العاطفي جداً مهم..
ثالثاً / زيادة الإنتاجية:
يتحقق من خلال التوازن بين تنظيم الوقت والعمل بفعالية ، كل ما كان الإنسان مُدرك لقيمة الوقت كان أكثر اندفاعاً في عملهُ وأكثر أنتاجاً ، سواء كان طالباً للعلم أو موظفاً في عملهُ أو مراعياً أسرتهُ أو رجلاً في عمله الحُر ، فتنظيم الوقت والعمل بفاعلية كبيرة تؤدي إلى زيادة الإنتاجية مع الإحساس الكبير بالراحة النفسية والبعد عن التوتر والقلق ، التوازن بين الحياة المهنية والشخصية يمنع الإرهاق المهني ويساعد الشخص على الحفاظ على حبه للعمل والابتكار فيه..
بالتالي ، التوازن في الحياة لا يقتصر على تقسيم وتنظيم الوقت بين المهام ، بل يشمل الاهتمام بالجوانب الصحية ، النفسية ، والاجتماعية لتحسين جودة الحياة بشكل عام..
رابعاً / الأهداف الشخصية:
تتحقق بالتوازن بين الكشف عن مواهب الإنسان وهواياته والتركيز والعمل على تطويرها بالتعليم والتدريب والممارسة ، فمن خلالها سيتم تحقيق الأهداف والأحلام والآمال الشخصية للإنسان ، مما يعزز الإحساس بالنجاح والسعادة والرضا الشخصي..
وإن أبحرنا في مصطلح التوازن وأهميتهُ في حياة الفرد لن ننتهي لأن هذا الجانب مُمتد واسع وعميق ، ولكن أحببنا أن نُبسطهُ و نوضحهُ بشكل سلس وخفيف..
أحلام أحمد بكري
كاتبة رأي