كُتاب الرأي

الظواهر الصوتية الفارغة

 

الظواهر الصوتية الفارغة

لقد ثبت علميًّا أن الصوت ماهو إلا اهتزازات محسوسة في موجات الهواء تنطلق من جهة الصوت فتسبح في الفضاء حتى تتلاشى ويستقر الجزء الأكبر منها في السمع بحسب درجة تذبذبها.
في علم الفيزياء يقال إن الحركة الجماعية للجسيمات المجهرية في وسط صوتي، تتغير باستمرار وأن توليد موجة صوتية في العديد من الاتجاهات تتم عن طريق الذبذبات والاهتزازات هكذا يراها الفيزيائيين وعلماء الطبيعة.
أما في اللغة العربية فالصوت عَرَض يخرج من النفس مستطيلاً متصلاً حتى يعرض له في الحلق والفم والشفتين ،يقول ابن السكّيْت رجلٌ صائت: أي رجل صائح والصائح صاحب الصوت الشديد.
ولكي يحقق المقال غرضه أوردت توطئة عن الظواهر الصوتية في علم الأصوات وعلم الطبيعة حتى يمكنني اجترار المعنى والوصول إلى النشاط الذهني الذي نرغب الكتابة فيه والتركيز عليه.
يعيش على هذا الكوكب صنف من البشر يُعتبرون ظواهر صوتية وأبواق وذبذبات واهتزازات تتلاشى لكن أثرها يسبب إزعاجًا بالرغم أنه لا فائدة منها ولا يرجى الخير من ورائها، يمتهنون القول بلا عمل والصياح بلا فعل ، يحرضون المجتمعات على بعضها ، ويسعون إلى تفكيك الروابط بين الأفراد والمجتمعات بل يمتد بهم الحال إلى الذهاب إلى عمل تنظيمات سياسية هدفها إشاعة القول بالتحريض تارة وصياغة المكائد، ثم إذا ما رأوا اشتداد الأمر ، واحتدام الموقف تلاشت أصواتهم واختبأوا في الشقوق إلى أن ينقشع الخوف عن قلوبهم ثم يعودوا بعدها لممارسة هوايتهم المفضلة.
إنّ المنافقين يسعون في الأرض فسادًا وخرابًا وتدميرًا بالأقوال ليس إلا ! ليس لهم قيم ولا يعرفون مبادئ ولا مثل، يحلو لهم كثيرًا أن يشاهدوا الدمار في كل مكان ،ويعجبهم التمزق بين الناس، بل أنهم يتمنون الأماني بأن يحصل التشرذم والتلاشي لكل ما يرونه ويشاهدونه أمامهم ، هم يتبنون شعارات القوة والغلبة ويحملون أعلام وألوية النضال والدفاع عن الحق بينما الهدف هو تحقق الباطل ، شعارات تلامس مشاعر البسيطة الدهماء فما أن تبزغ المشكلات وتطل المعضلات يهرولون بعيدًا للجهة المقابلة، كما تسمى منطقة الراحة وشبع الشيزوفينيا غير المنظّم، وغير الصادق، حتى أنهم يبدّلون طرائقهم كلما دعت الحاجة لذلك ، بل أنك تتعجب أكثر حين يدعون المظلومية وأنهم لا هدف ولا غاية عندهم سوى الخير ، والصلاح ، والاستقامة ، وتحقق العدل وكل ذلك بريء منهم ومن تلك النوايا الحالكة التي تعيش في أفئدتهم.
بربكم كم بيننا من ظاهرة فارغة ! كم من المشكلات واجهتكم ولا تعرفون أصلاً لها! كم من أسر تفككت! وكم من أحباب تفرقوا !
كم من الدسائس، والمكائد، والنمائم والوشايات حصلت فتدمرت بسببها حياة الكثيرين!
إننا أمام خطر قادم لإسقاط استقرار الناس ، وإفساد حياتهم ، وتنغيص عيشهم، ونزع الهدوء من نفوسهم، وضياع مستقبلهم.
إن السعي لإيقاع الفتنة بالقول وتشتيت البشر بالتحريض ،والجري لصرف أنظارهم عن مستقبلهم ومحاولة زعزعة استقرارهم ، واحدة من أسوأ الأخلاق على الإطلاق ، سواء وقع الضرر أم لم يقع لكن العبرة بما يؤول إليه الأمر فيما بعد، يُعد ضربًا من ضروب التعدي على الأنفس ، واستباحة للحرمات، والدماء، والأعراض، والأنفس، والأموال ، والممتلكات ينبغي إيجاد طرائق لمعاقبتهم وعدم تركهم يستبيحون ما يحلو لهم ويحرمون ما يوافق هواهم ويشبع عقدهم النفسية ويرضي توحشهم الاجتماعي والثقافي ويحقق أهدافهم البيولوجية الرامية إلى هيكلة الفكر وإنبنائه وتشييد معارفه على ما يرغبون وينشدون.
انتهى

علي بن عيضة المالكي
كاتب رأي

علي بن عيضة المالكي

كاتب رأي وإعلامي

‫2 تعليقات

  1. جمممممممممممممميل
    ضربت في مقتل (والفتنة أشد من القتل) موضوعك مهم للغاية فتسليط الضوء على هذه الفئة المنبوذة التي اختصاصها الدسائس وتفريق الجماعات ينبع من مسئوليتك المهنية والوقوف أمام هؤلاء بمانملك و لو بالقلم واجب على كل مسلم.. سلم قلمك وفكرك ودمت شامخاً بمواضيعك الهادفة👍

    1. أهلا كاتبة الصحيفة المبدعة الأستاذة القديرة زايدة حقوي
      كل مرة تثبتين أنك عملة نادرة في دعم الكتّاب والسعي لدفعهم نحو التمكن والعمل باستمرار على تحسين الأداء الكتابي واختيار الموضوعات التي تهم شرائح واسعة
      كلماتك الرائعة تمنحنا مساحة أكبر للكتابة.
      ألف شكر لا تكفي.
      بارك الله فيك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى