( نفوق السنوار )

محمد سعد الربيعي
( نفوق السنوار )
هكذا هي كانت التصورات والتوقعات الحقيقية للعمل العسكري الميداني ، في استهداف وملاحقة من تريده اسرائيل ، فهي تملك ( اسرائيل ) كافة التقنيات الفنية ،والميدانية في المتابعة والتنصت ، والملاحقات الجوية ، عن طريق طائرات الدرون الاستطلاعية ، وخلاف ذلك من تقنيات فنية ، ناهيك عن المصادر البشرية التي توظفها اسرائيل في غزة ، والضفة الغربية ، ولبنان ، وكل مكان ربما تقصده اسرائيل ، أو تستهدفه!
وماحدث لقادة حزب اللات هو مايؤكد قدرة اسرائيل في استهداف المطلوبين لديها !
المعلومات حالياً عن إغتيال يحي السنوار ، لابد أنها ستكون حقيقية ، وذلك لما تملكه اسرائيل من تقنيات فنية في متابعة المطلوبين ، وهو بلا شك يعد نصراً كبيراً لنتنياهو في حربه الحالية في غزة ، ولبنان ، وستغير هذه العملية المعادلة في الداخل الاسرائيلي، لصالحه من حيث نسبة مؤيديه ، وخاصة في مواصلة حربه ضد حماس ، وحزب اللات ، وهو ماسيشعره أيضاً بالنصر ، و سيجعله يوسع حربه في كل مكان يهدد اسرائيل .
مايتعلق الان بحماس ، وأهالي غزة المكلومين ، فلا بد من إ يقاف عجلة الموت داخل غزة ، وعلى حركة حماس ، أن تبادر وتتخذ قرارات مصيرية ، وصائبة في إيقاف نزيف الدم الغزاوي ، خاصة وانهم أي قادة حماس ليس لديهم أي خيارات أخرى تمكنهم من مواصلة الحرب .
من خلال الصور التي بثتها اسرائيل عن اغتيال السنوار توضح عدم وجود السنوار في الانفاق التي حفرتها الحركة ، وكانت تتوقع انها ستحمي عناصرها من الملاحقات الاسرائيلية ، بل كان في مكان أقل مايكون مكشوفاً ، وقريباً من الأنظار الاسرائيلية ، وبعيداً عن المختطفين الذين كان يراهن بحياتهم معه ! وهذا أن دل على شيء فإنما يدل على ضعف الحركة، وعدم قدرتها في التحرك ، وهو ايضاً مايفسر قلة الخيارات لديها في المواجهة مع اسرائيل ، بمعنى آخر ، الحركة كانت تنتظر الموت ! ، والهلاك من القوات الاسرائيلية ، ورغم ذلك كان لدى السنوار، وقادة الحركة الشجاعة في الاعتراف بالهزيمة ، والعودة لطاولة المفاوضات مع العدو الاسرائيلي ، وأخذ مايمكن أخذه من خلال المفاوضات سواء مايتعلق بالمختطفين ، أو اطلاق سراح من ترغب حماس من السجون الاسرائيلية ، والتحليل حول مكان اغتياله ( السنوار ) هو ذو جانبين ، إما انه كان متهوراً وهذا هو المتوقع ! ، وكان يتوقع انه آمناً من الملاحقة ، أو أنه كان يحتمي بأهالي غزة ، ويتخذهم دروعاً بشرية في تنقلاته ، وفي كل الاحوال ، كان السنوار يفتقد لقدرة المناورة ، وادارة المفاوضات وخاصة بعد اغتيال هنية في طهران.
ماحدث يعد تطوراً نوعياً في حرب غزة ، وهو بالتالي في صالح الجانب الاسرائيلي الذي سيفرض شروطه في نشوة انتصاره الان على الحركة ، ولعله من المفيد والمناسب أن تبادر الحركة بفتح قنوات اتصال سريعة مع السلطة الفلسطينية ومصر ، والاردن ، وإحياء عملية التفاوض التي كانت قائمة مع الجانب الاسرائيلي ، وأن لاتبقى السلطة مكتوفة الأيدي ، بل تبادر بأخذ زمام المبادرة ، والتنسيق في الدخول لغزة لمحاولة ايقاف نزيف دماء الأبرياء ، وإيقاف التدمير ، وإعادة التفاوض على إطلاق سراح المختطفين ، وتمكينها أي ( السلطة ) من مباشرة العمل في غزة ، لمحاولة فرض مايمكن فرضه من الأمن وحفظ أرواح الأبرياء في غزة.
الوضع الان في غزة ، يحتاج الى تقويم ، وعلى مصر ، والاردن ، والجهات التي تدير المفاوضات بين حماس واسرائيل ، إعادة النظر في الحركة ، وإشراك السلطة في المفاوضات ، ومنع اسامه حمدان ، وخالد مشعل ، وموسى مرزوق ، من العودة لادارة الحركة ، أو الاشراف عليها ، وعلى من بقي منها أن يختار طريق السلام ، والعمل كفريق مع السلطة الفلسطينية ، وذلك لوقف التدمير الذي يحدث في غزة ، وعلى اسرائيل ، طالما ووصلت لمبتغاها وهو رأس السنوار ، الذي كان يملك كافة خيوط ومقدرات حماس أن تبادر بإيقاف الحرب في غزة لكي تتوقف اراقة دماء الحمساويين ، وتحافظ اسرائيل على مابقي من غزة حتى أن يستتب الأمر للسلطة الفلسطينية في إدارة غزة ، وإحياء عملية السلام ، وإيجاد الحلول لقيام الدولة الفلسطينية.
وكخاتمة لهذا المقال ، ماحدث للسنوار كان متوقعاً ، ونهايته هذه كانت متوقعة ، وليست بعيدة ، وذلك لإرتباطه بنظام طهران الذي أزهق الأرواح ، ودمر الأوطان في كل مكان يحل ، ولعل ماحدث اليوم في غزة ، وبالأمس في لبنان لعناصر حزب اللات ، هو مؤشراً قوياً لكل من يحاول أن يرتدي العمامة الايرانية ، أو يقترب من جلبابها ، ف مصيره هو في النهاية الهلاك ، وسفك دماء أبرياء وتدمير أوطان مقرونة بخيانة لايمكن تصورها!؟
كاتب رأي