( كثرة الهرج وتجار الدم )

✍️ الكاتب المستشار/ تركي علوان الحارثى
من العلامات الصغرى لقيام الساعة كثرة القتل ، عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاتقوم الساعة حتى تظهر الفتن ويكثر الكذب وتتقارب الاسواق ويتقارب الزمان ويكثر الهرج قلت وما الهرج ؟ قال القتل . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس يوم لايدري القاتل فيم قَتَل ولا المقتول فيم قُتِل فقيل كيف يكون ذلك ؟ فقال الهرج ( القاتل والمقتول في النار ).
ونحن في هذا الزمان لا يكاد يمر علينا أيام الا ونحن نسمع خبر قاتل ومقتول وعندما تباشر الجهات الأمنية تلك الحوادث وتبحث عن الاسباب التى دعت لارتكاب تلك الجريمة تجدها على امور بسيطة لايكاد يصدقها العاقل ومعظم حوادث القتل تقع بين الشباب المراهقين الذين لا يدركون عواقب الامور اما تحت تأثير مخدر او مرض نفسي او انفعالات عصبية تجعل الشخص يقدم على الاعتداء على الاخر اما بالسلاح الناري او بالسلاح الابيض ثم يقع في المحظور ( قتل النفس التى حرم الله ) وبعد جمع الادلة واثبات الحالة من قبل الجهات الامنية ورفعها للقضاء يصدر الحكم الشرعي بالقصاص من الجاني قال تعالى ( ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون ) وبعدها يبدأ اهل القاتل بالتوسط والبحث عن مخرج لأنقاذ حياة ابنهم من القصاص ويحشدون شيوخ القبائل والوجهاء واصحاب المعالي والسعادة والامراء ويتوسلون ويذلون انفسهم عند القريب والبعيد .
ثم يظهر لهم ( تجار الدم ) ويمارسون تخصصهم وعادة يكونوا اشخاص مفوهين ومؤثرين ومعروفين بسلاطة السنتهم وكلماتهم المعسولة ويستشهدون في حديثهم بالايات القرآنية والاحاديث النبوية الشريفة والاجر الذي يناله من الله كل من عفى عن الناس .
واحياناً يستعينوا ببعض الشعراء المشهورين في نظم قصائد المدح والتبجيل لأهل الدم بغية ان تلين قلوبهم .
ويتنقلون من مدينة الى اخرى ويلبسون البشوت الثمينة ويركبون السيارات الفارهة وتقام لهم العزائم والولائم الدسمة ويعقدون الاجتماعات السرية تارة مع اهل المقتول يعرضون عليهم الملايين من الريالات مقابل الحصول على تنازلهم عن الحق الشرعي ( القصاص ) وتارة مع اهل القاتل واقناعهم بإنقاذ رقبة ابنهم من القصاص مقابل دفع الملايين التى يشترطها اهل المقتول مستغلين ضعف الحالة التى يعيشونها ليل نهار .
وكل ذلك مقابل نسبة مادية او مبلغ مالي مقطوع يحصلون عليه من الطرفين ( اهل القاتل والمقتول ) وذلك بطرق سرية تامة حتى لاينكشف امرهم للجهات الحكومية لان النظام حدد عقوبة كل من يثبت عليه مثل هذه الافعال عقوبة السجن لمدة عام او غرامة مالية مقدارها مائة الف ريال او بهما معاً .
وبالرغم ان جمع الديات المبالغ فيها بعشرات الملايين يكون استقبالها بحسابات بنكية معلنة ومعتمدة تحت اشراف ومراقبة من امارات المناطق .
الا ان السماسرة او كما يسمون تجار الدم حقوقهم محفوظة عند الطرفين وعادة تكون مقبوضة قبل البدء في فتح الحسابات الرسمية لجمع الملايين المطلوبة من اهل الجاني ومحبي الخير .
واري ان يوضع حد لهذه الظاهرة وتغليظ العقوبة على كل من يثبت ممارسة هذه الاساليب الغير مقبولة ولا يجيزها الشرع والنظام .
وكذلك تحديد سقف معين للمبلغ المطلوب لورثة المقتول لمن رغب الصلح او العفو لوجه الله مقابل التنازل .
كاتب رأي