✍️ نوستالجيا الحنين.. إلى تراب الوطن وشواطئ جدة
✍️ نوستالجيا الحنين.. إلى تراب الوطن وشواطئ جدة
بقلم / د.عبدالإله محمد جدع
✔️ نحن أبناء هذا الوطن، نُبدع في التعبير عن حبه بكل ما نملك.. نحمله في صدورنا كما يحمل القلب نبضه، ونحميه كما تحمي العين نورها، ونقف سدّا منيعا أمام من تسوّل له نفسه المساس بمقدساته ومكتسباته..وطنٌ يكفيه شرفا أن ترابه مهبط الوحي، وفي ثراه جُسّد خير البشر، صلوات ربي وسلامه عليه.. وطن الملاحم والبطولات والتوحيد.. وأكثر ما يُغيظ أعداءه هذا التلاحم بين أبنائه وحُكّامه، وهذا الوفاء الممتد عبر الزمن.. حب يُورّث كما يورّث الاسم، وعزٌّ لا يزول ما دامت القلوب تنبض بالإيمان والانتماء.
✔️ ولأن لكل قلب نبضة حب، فـ”جدة” هي نبض عشقي ودفئي الأول،ومرسى جذور أجدادي .. عروس البحر وذاكرة القلب، عبق الحارات العتيقة، وعطر الطفولة الذي لا يبهت..ففيها نمتُ على حكايات الموج، وصحوتُ على أصوات مآذنها، ومن شواطئها تعلمتُ أن الدنيا عبور وحنين.. وأن البحر، وإن اتّسع، يبقى يشبه قلب جدة.. رَحبا، لكنه لا ينسى ما يسكن أعماقه..أحببتها والوطن، كما يحب العاشق نجمته في الليلة الظلماء، وأحببت أهلها الطيبين كنسائم البحر عند الفجر.. أنيقو الروح، بشوشو الوجوه، منفتحون كأبوابها العتيقة التي لا تُغلق.. فيهم ودٌّ أصيل، وبشاشة لا تعرف الزيف، وثقافة تشهد لها مقاعد الأزقة، ومراكيز الحارات، ومجالس الأدب، وأصالة الكلمة.
✔️ لكن الغصّة.. غصّة التغيير.
حين رأيتُ كيف يبهت النسيج الذي كان يجمع الجار في الأزقة، والحارة بأبنائها.. رأيت بعض الوجوه وقد تغيّرت، ليس في لهجتها الممجوجة فحسب، ولكن حتى في طباعها، وكأنّي لا أعرفها !!
رأيتُها في مناسبات تتودد للغريب البعيد عنها، وتُعرض عن اللصيق القريب منها.. فأين ذهبت تلك اللحمة؟ وتلك اليد التي كانت تربّت قبل أن تُسأل؟ وذلك القلب الذي كان يُبادر قبل أن يُعاتِب؟
ما كان هذا طبعنا.. وما ” كُنّا كدا ” .
✔️ ورغم كل شيء.. ما زلت أُؤمن أن الأصل لا يموت، وأن الماء، مهما جار عليه الوقت، يعود إلى مجراه.
وأن في جدة – وفي الوطن كله – قلوبا إذا نُوديَ عليها لبّت النداء.. وطِيبة قادرة أن تُنبت من جديد زهورا من التراحم، ونخيلا من التعاون، وظلالا من الغيرة النبيلة..
فما زال فينا من يحملون جينات النشامى أولاد الحارات، ومن أصالة البدو ونخوتهم، من تجري فيهم دماء أبناء الأصول والحمولة..
وما زلت أرى جدة عروسا لا تشيخ، مهما حاول الغياب والغربة أن يُطفئها.. وستظل جدة الحنين والأصالة، جدة التي إذا ذُكرت،
ابتسم القلب واشتعل الشوق.
✍️نبضات شاعر:
ومين ما يحبها جَدّه؟
شموخ وحضارة مِن مُدّه..
وحِتّة من تُراب بلدي..
سعودي يَناس.. مين قَدَّي؟
كاتب رأي
