كُتاب الرأي

✍️ كرونولوجيا الوجدان الزمني

✍️ كرونولوجيا الوجدان الزمني

بقلم/ د. عبدالاله محمد جدع

✔️ الزمن ليس مجرد عقارب تدور أو أوراق تقويم تتساقط..إنه كيان مزدوج، نتحرك فيه كما يتحرك فينا..نراه في تعاقب الأيام والفصول كأنه نهر يحدّ مسار حياتنا،لكننا نحسّه في أعماقنا كموجة من المشاعر لا تخضع لقياسٍ ولا لساعة _تحكمها الحالة المزاجية..فدقيقة الألم نحسّها دهرا ممتدا وساعات الفرح ومضةٌ تلمع في الذاكرة ثم تنطفئ فالزمن الخارجي يسير وفق نظام الكون..أما الزمن الداخلي فنبض القلب هو من يضبط إيقاعه.وتلك ليست مجرد لحظات عابرة،.. إنما كرونولوجيا وجدانية،ترتب الزمن لا بالأرقام، بل بدرجة الشعور وحدّة التجربة.

✔️ الإنسان كائن زمني، يحمل ماضيه في ذاكرته كأثر لا يزول..ويعيش حاضره في يقظة وعيه
ويتجه نحو مستقبله بخليط من الرجاء والخوف لكن الزمن الحقيقي ليس ما يُقاس بالدقائق والساعات ولكن ما يُعاش في التجارب وما يُحَسّ في عمق الشعور.
ومن منظورٍ فلسفي يرى “هنري برغسون” أن الزمن الواقعي ليس ما نعدّه، بل ما نحياه” فالزمن عنده انسياب داخلي..تتداخل فيه الذكريات والانفعالات والأمل، حتى يصبح الإنسان مِرآةً لما مضى وما هو آتْ.

✔️ وحين يصفو القلب في لحظة صفاء أو صلاة،يتحوّل الزمن إلى حضور خالص
تتسع اللحظة فيه حتى تلامس الأبد..في تلك اللحظة، لا وجود للماضي ولا للمستقبل،إنما وعيٌ صافٍ بأننا نعيش في قلب الدهر..حين يُقاس الوقت بمدى القرب من الله، لا بطول الساعات..فمن عمّر قلبه بالتقوى..بارك الله زمانه، حتى وإن قلّ عمره،
فالزمن هنا ليس عدد الأعوام،بل عمق وسعادة اللحظة، وصفاء الروح، وما نتركه من أثر..فكل لحظة صادقة تُعاش بالوعي، هي امتدادٌ صغير للأبدية.
لهذا.. لا يكفي أن نقول إننا نعيش الزمن،لكن الزمن هو من يعيش فينا،يتنفس عبر وجداننا،ويكتسب ملامحنا،حتى يصير الإنسان والزمن وجهين لجوهر واحد اسمه الحياة..

كاتب رأي

 

الدكتور / عبدالإله محمد جدع

أديب وشاعر وكاتب رأي سعودي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى