✍️نَبضات شاعر

سيمفونية الحياة
بقلم/ د. عبدالإله محمد جدع
في حديقة الحياة.. لا زهرتان تتطابقان في اللون أو العطر، ولا ملامح تتشابه كما هي في المِرآة.. وشاء الخالق أن تتباين الطباع، ليزهر في القلب يقينٌ بأن الجمال يسكن الاختلاف، لا النسخ المكررة.. فكما تتفتح الأزهار على ألوان شتى، يتفتح البشر على أرواح متفرّدة.. منهم نبع يرويك صفاء ، ومنهم ريح تثير غبار الشك، وآخرون كسحب مثقلة تمرّ دون أن تمنح مطرها..وما بين ظل وشمس، تكتمل لوحة الحياة.
وعلى طرقات العمر، تمضي الوجوه كالفصول.. ربيع يزرع فيك الأمل، وخريف يسقط أوراق الثقة، وشتاء يجمّد الضحكات، وصيف ينهكك بحرّه..ومع ذلك، تظل يد اللطف والحكمة قادرة على إذابة جليد الخلاف، وزرع ورود في الحقول القاحلة.. لكن هناك أراضٍ، مهما سُقيت، تبقى قاحلة، فلا علاج لها إلا أن تتركها للريح، وتمضي نحو أفقٍ أرحب، حيث تتفتح أراضٍ جديدة في قلبك..
والبشر، كالكواكب.. لكل مدار يسير فيه، وضوءٌ يشرق به، وظلال يحتجب فيها.. فلا تُرهق روحك بمحاولة جمعهم في فلكك، فالمجرّة واسعة، تتسع لكل المدارك والمدارات..
وحتما، ستدرك أن قبول الاختلاف حكمة، وأن اتساع الأفق رحمة.. وأن الحياة — بكل فصولها ومجرّاتها وحدائقها — ما خُلقت إلا لتعلّمنا أن جمالها يكتمل حين نترك لكل روح فضاءها، ونختار لأنفسنا شمسا لا تغيب..
كاتب رأي