آفاق في عين العالم

يوم لا ينتهي

وليد قادري

يوم لا ينتهي

الحلقة الزمنية المفرغة هي إحدى النظريات والمفارقات الزمنية والتي تتحدث عن حلقة زمنية يعيشها الشخص بلا نهاية كمن يعيش نفس اليوم مرارا وتكرارا فكلما نام استيقظ على نفس اليوم والتاريخ ولا أمل في انتهاءه أو الخروج من هذه الحلقة ليوم جديد، وكأنه عالق في هذا اليوم للأبد..

شاهدت تجسيد هذه النظرية أو المفارقة الزمنية لأول مرة في الفيلم المعنون ب”Groundhog day”
والذي مثله المبدع بيل ميوراي وفيه تعيش شخصيته -المذيع الإخباري- يوما واحدا طوال الفيلم تتكرر أحداثه بالتفصيل الممل كأن تشاهد ذات المباراة كل يوم أو تقرأ نفس الكتاب أو تخوض نفس المحادثات وتأكل ذات الوجبات في المطعم، والأدهى أنه لا يوجد هناك غيره من الشخصيات يستوعب فكرة أن اليوم هذا هو نفسه الذي عاشوه بالأمس وقبل الأمس وهكذا، لا أحد يتذكر..

يحاول بطل الفيام بعد يأسه أن يكسر الحلقة بإضافة أحداث مختلفة وبسيطة في هذا اليوم لم تكن موجودة من قبل وحاول أيضا معرفة بعض التفاصيل التي غفل عنها من قبل فيتعلم مهارات كثيرة خلال هذه الفترة ويصلح علاقاته بالآخرين حتى يكتشف الحقيقة عن سبب تكرار هذا اليوم ويتمكن من كسر الحلقة في النهاية وينتهي اليوم ويستيقظ في الغد..

أول من قدم هذا المفهوم هو مالكولم جيمس في قصته القصيرة (مضاعف وأكثر) والتي نشرها في العام 1941 ثم ريتشارد لوبوف في عام 1973 في قصته (12:01 Pm) والتي تحولت لفيلم شهير في التسعينات واقتبسته العديد من الأفلام وحلقات المسلسلات بعدها..

هناك معنى آخر للحلقة الزمنية المفرغة وهو ما يتناول السفر عبر الزمن وتحديدا من المستقبل للماضي بغرض تغيير حدث ما في الماضي، لكن لا ينتج عن ذلك شيء، لأن ما حصل في ذلك الماضي هو في الأصل بسبب المستقبل، أي أن وصول الشخص من المستقبل للماضي هو السبب في الحدث نفسه كمن يعود في الزمن ليمنع تعارف والديه حتى لا يولد ثم يكتشف أن عودته في الماضي هي السبب أصلا في تعارف والديه وهكذا تعيش الشخصية في حلقة متكررة لا تنتهي فيولد ويكبر ويعود في الزمن ليسبب تعارف والديه كي يولد ويكبر ويعود في الزمن وهكذا، ولقد استخدمت هذه الفكرة في قصة كتبتها في كتاب (الأبواب التي رأت) بعنوان “الهروب إلى المحتوم”..

وهذه الثيمة تتكرر في الأفلام الشهيرة
(Terminator – Back to the Future – Looper)
وغيرها الكثير، ابحث فقط عن السفر عبر الزمن
‏Time travel..

تخيل نفسك عزيزي القارئ في أحد هذين الموقفين، إما محاصرا في حلقة زمنية مغلقة، إما بعيشك يوما واحدا يتكرر حتى تخرج منه أو تلفظ روحك من الملل ، أو أن تعود من المستقبل إلى الماضي لتغير حدث ما لتجد أنك كنت السبب في حدوث نفس الأحداث في الماضي بلا تغيير، يا ترى هل ستستطيع التحمل؟؟..

كاتب رأي وقاص

 

وليد قادري

كاتب رأي وقاص

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى