يوم المعلم…والديك

يوم المعلم…والديك
يوم المعلم و ما أدراك ما يوم المعلم. ذلك الكائن
البشري الخارق للعادة الذي يستيقظ مع طلوع الفجر و ينهض إلى تربية وتعليم فلذات اكبادنا في مختلف العلوم، من طابور الصباح حتى الإياب الى البيوت. سأحاول في هذا المقال أن اتناسى كيف جلدنا المعلمين في تلك المراحل والاتفاق الضمني مع أبائنا في معاهدة ( لك اللحم ولنا العظم) و سوف اتناسى تلك الحقبة الصعبة التي كانت في بداية الطفرة و كيف كانت الأموال رغم شحتها لكنها ذات بركة كما يقال. في تلك الفترة كانت مدارسنا منوعة بالجنسيات العربية إلى جانب الأستاذ السعودي. ولكي لا احابي جانباً عن جانب ،فقد اتفقوا جميعاً علينا، كوننا شياطين مصفدة عليهم تروضنا ولعلنا كنا كذلك. كنا نخوض معارك منذ الصباح حتى ايابنا إلى البيت. معركة للوصول إلى المدرسة ثم معركة خفيفة فاتحة للشهية مع الطلاب في الصباح ثم يستلمنا المعلم من جنسيات مختلفة كيف كوننا لا نفهم وإن علينا استقبال ما يقولون دون سؤال و دون تفكير. حتى أنه من الأساسيات لديهم، أن سؤالك ليس لتفهم بل لأنك لم تكن تنتبه للشرح لذلك لم نكن نسأل . ثم نعود لمعركة أخرى في الفسحة و بعدها للتلقين الإجباري ثم نهرع إلى بيوتنا هاربين من المعركة الكبرى، حتى ترجع إلى ديارك مفقع الوجه ، تارة من زملائك و تارة من المعلم . هل سمعت بمعركة مرج دابق ؟ معاركنا كانت دبغ المدابغ لكن دون أسلحة.
لكن سأذكر النقاط الإيجابية رغم كل تلك الظروف ، كان المعلم يحرص على حسن الخط ومن كان خطه يماثل الرسومات الهيروغليفية ( مثلي ) فقد كان المعلم يسانده لتحسينه. اهتم المعلم كثيراً في ذلك الوقت بتحفيظنا القرآن و كان حريصاً على تلقيننا إياه بصورة صحيحة. كما أن سيد التعليم و لا زال هو معلم الرياضيات و كُتب الوزارة بالرياضيات كانت قمة في الشرح والوضوح و لا زالت ولا أحد يستطيع التشكيك في ذلك. مادة العلوم كانت ممتعة أما الأدب ، فكلنا حفظنا في تلك الفترة قصيدة قطري ابن الفجاءة الخالدة. وأذكر بالتحديد الأستاذ الجليل صديق جمال الليل، رحمه الله الذي قاد متوسطة الدمام إلى مصاف أفضل مدارس المنطقة الشرقية في الثمانينات حيث كان لدينا مسرح و نقاش مفتوح مع المعلمين .
لكن ما لا انساه هي مادة التعبير، تعود الطلاب الحصول على العلامة الكاملة فيها بغض النظر كتبنا أم لم نكتب. فالكسول البليد فيها مثله مثل المجتهد المتفوق عدا معلم من سوريا الحبيبة الذي اخذ موقف صارم من ذلك العبث واصر على أن نكتب تعبيراً مميزاً وما حدث أن 99.9% من طلابه انحصروا في النخيل أو البعير. عدا من سطر هذا المقال، فقد كتبت عن فتنة خلق القرآن ومافعلته بالأمة في تلك الفترة ولا أنسى انبهاره وصمته وهو ينصت لي.
كما كتبت مرة عن اجمل طيور الخليج وهو الديك وكانت أول قصة اكتبها بجشع في تلك الحقبة فالديك كان يمثل قمة الرجولة بسيطرته التامة على عشرات من الدجاج وقمة الجمال بتاجه القرمزي و لبدته الذهبية و عباءته السوداء و قمة القوة في خناجر قدماه و قمة العبادة والورع فقد كان يوقظنا للصلاة كل فجر وكتبت في ذلك الموضوع لما لم يكن شعار لنا ، بدلاً من الصقر المفترس ذا الألوان الباهتة المملة. الأستاذ السوري جاء بفكرة خلابة في تلك الفترة وهي أن يتحدث الطالب بموضوعه ثم يناقشه معه بقية الطلاب. اذكر أن موضوعي هذا آثار موجة غضب فكيف أفُضل الديك عن الصقر ؟ وتشدقوا بتلك العبارة ( من لا يعرف الصقر يشويه ) فقلت وكلي ثقة، أصلاً الصقر لا لحمه لذيذ للشواء ولا كميته تشبع ولا يمكن شييه لعناده ،النتيجة أن العبارة غلط من الأساس . لا داعي لأقول لك عزيزي القارئ، كمية الهجوم التي تلقيتها بعد تلك المناظرة حتى التخرج. لكن المعلم اعطاني جيد جيداً في حين اقصى ما أعطاه لمتفوقي الدفعة هو جيد و الكثيرين نالوا منه تقييم ضعيف و كان يفخر بهذا قائلاً ( هاد تعبير مو بليلة)
فنعم المعلم الذي انتج معلمين وليس طلاب وهو من يوقظ الطلاب من جهل الحياة.
علي محمد الماجد
كاتب ساخر
لامس الكاتب القدير المهندس علي الماجد بعض من أجمل فترات التعليم في ايام الثمانينات خصوصا جمال الإبداع لدى المعلم والمتعلم
كانت فترة زمنية مليئة بالذكريات الطيبة وروح الإبداع.
أفكارك بسيطة لكنها ضخمة في معانيها و أهدافها.
أنصح الأخرين و بشدة بقرأة كتابات الأخ المهندس للأسباب التالية:
# سهولة الكلمة و التعبير.
# إسلوب الكتابة فية البساطة و فيه التنقل المريح بين الفكرة و الأخري.
# تنوع الأفكار و المواضيع والربط السحري بينها بكل خفة و سهولة مقبولة.
كذلك في نفس المقال تجد:
النكتة و الحكمة و شي من التاريخ أو التراث و شيء من الطرح العلمي الغير ممل و غيرها من المعلومات الكثيرة.
.
بارك الله فيك إنت إنسان جميل و مفيد جدا.