وكم لله من لطف خفي

وكم لله من لطف خفي
في يومٍ من الأيام، كانت الأم تجلس مع أطفالها الثلاثة في وقتٍ هادئ من النهار. كانت تقرأ لابنتها قصة قصيرة، بينما انشغل أحد الأبناء الصغار بسيارته الصغيرة، يقودها ذهابًا وإيابًا بفرح، أما الابن الأكبر فكان يتابع أفلام الكرتون في التلفاز.
نهضت البنت الصغيرة لتشرب بعض الماء من المطبخ، لكنها عادت مسرعة، وعيناها ممتلئتان خوفًا، وهي تصرخ:
– أمي! تعالي بسرعة! حمود في الحمام، يصرخ ويبكي!
انتفضت الأم، وركضت نحو الحمام وقلبها يخفق. كان صوت بكاء طفلها يعلو، فطرقت الباب ونادت بلطف:
– حمود، افتح الباب يا حبيبي… أنا هنا، لا تخف.
لكن حمود كان يصرخ، غارقًا في خوفه. حاولت تهدئته بكلماتها، حتى خف بكاؤه قليلًا، وأدرك وجود أمه خلف الباب.
قالت برقة:
– حبيبي، حاول أن تفتح الباب.
أمسك المفتاح بيده الصغيرة، وبدأ يديره، مرة لليمين وأخرى لليسار ، لكنه لم ينجح في فتحه ، فالباب كان مغلقًا مرتين. قالت له:
– أخرج المفتاح وادفعه من تحت الباب.
نفذ ما طلبته، بشيء من الصعوبه ، فالتقطت المفتاح وفتحت الباب بسرعة. ضمته إلى صدرها تمسح دموعه، لكنه نظر إليها وقال بحزن:
– أمي… أنتِ كذبتِ عليّ!
تجمدت في مكانها، وسألته بدهشة:
– كذبت عليك؟ بماذا؟
أجاب:
– قلتي لي إذا خفت أن أنادي الله، وهو سيساعدني. وأنا ناديت… كثيرًا. دعوته، انتظرته، لكنه لم يأتِ، لم يفتح لي الباب. ظننت أنه لم يسمعني!
صمتت للحظة، ثم انحنت تنظر في عينيه، وقالت:
– ومن قال لك إن الله لم يسمعك؟
يا حبيبي، الله سمعك، لكنه لا يُرى. هو من جعل أختك تذهب للمطبخ لتسمعك، وهو من ألهمني أن أركض إليك، وهو من وضع في قلبك فكرة إخراج المفتاح.
الله لا يتدخل بنفسه، لأنه الإله، لكنه يرسل رحمته بطرق خفية. يجعلنا نساعد بعضنا بعضًا، يُلهمنا، ويوجهنا بلطفه. ويكافئنا على ماالهمنا فعله .
سكت حمود قليلًا، ثم سأل بصوتٍ خافت:
– أيعني… أنه سمعني؟
– نعم، سمعك وساعدك. الله يحبك، ولن يتركك أبدًا. أشكره دائمًا، وادعه في أي وقت، فهو قريب ويستجيب.
رحمه حمد