وطني الحبيب، وعيد ميلاده الـ 94

نحن في يوم الوطن، يوم بناء الحلم واستمرار المسيرة الخضراء ، في اليوم الوطني السعودي، نقف أمام لحظة تاريخية تتجاوز الإحتفال ، إنها لحظة تأمل، نراجع فيها الماضي بحكمة، وننظر إلى المستقبل بأفق واسع.
اليوم، تُرفع الراية، ليس لتُذكرنا فقط بتوحيد الأرض، بل لتؤكد أن الوحدة هي الأساس الذي بُنيت عليه كل إنجازاتنا في هذا الوطن العظيم.
المؤسس الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، طيب الله ثراه، كان رجلًا من التاريخ والمستقبل. جسد بإرادته وطموحه حلم الأمة في دولة واحدة ، سعيه لتوحيد المملكة كان أشبه بالمعجزة؛ لم يكن استردادًا للأرض فقط، بل بناءً لمشروع حضاري كبير، حلم بُني على الثقة بأن الشعب الذي يصنع من الصحراء حياة قادر على تحقيق المستحيل ، لم يكن هذا اليوم مجرد نقطة على خارطة الجغرافيا، بل كان بداية لمسيرة ترفض التوقف ، تلك المسيرة التي حملت على أكتافها تطلعات أجيال، حلمًا يتحقق خطوةً بخطوة، حتى باتت المملكة اليوم رمزًا للتقدم والنهضة. إنتقلنا من البساطة إلى الحداثة، من واحة صغيرة إلى مدينة عالمية تفتح ذراعيها للعالم.
عندما نتحدث عن اليوم الوطني، يجب أن نتذكر أن القوة لا تأتي فقط من النفط أو الثروات الطبيعية، بل من الإنسان السعودي ، من الفلاح الذي يزرع الأمل، إلى رجل الأمن الذي يحمي حدود الوطن، إلى الطالب الذي يحلم بمستقبل أفضل، والقيادي الذي يخطط لنهضة تليق بهذه الأمة العريقة ، كل ذلك تحقق بفضل قيادة حكيمة رأت في الإنسان السعودي أساسًا للتقدم والنهضة.
نحن أبناء هذا الوطن نعلم أن ما تحقق على هذه الأرض لم يكن من فراغ ، بل كان نتاج عمل دؤوب وتضحيات جسيمة وحلم لا ينقطع. من هِجر متفرقة إلى مدن كبرى تنافس أعرق الحضارات، تجسدت في رؤية المملكة 2030 روح الطموح اللامحدود، وهمّة الرجل السعودي التي تضاهي جبال طويق وتمتد كإمتداد جبال السروات . نعلم أن الطريق لم يكن سهلاً، لكننا دائمًا نخطو للأمام، ونعلم أن المستقبل يحمل لنا المزيد من الإنجازات، ونستلهم من قيادتنا مانصبوا إليه لنتطور ويتطور وطننا الغالي الكبير.
يا وطني، في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، تتجلى وحدتك في أبهى صورها ، ونحتفل بك وبأبنائك الذين يحملون إرث الماضي، ويتطلعون إلى المستقبل المشرق ، تلك السواعد التي بنت مدنًا عصرية، وتلك العقول التي وضعت خططًا طموحة تهدف لوضع دولتنا في مصاف الدول المتقدمة، هكذا تقف دولتنا كما تقف القلاع على رؤوس جبال ، شامخة لا تُنال ، في يومها الذي لايعد مجرد ذكرى ، بل هو مثل سيفٍ حادٍ، يبرق في سماء التاريخ ، ليخبر الأمم أن على هذه الأرض نهض شعب ، فانبثقت دولة لم يعرف عنها اليأس ولا التردد ،
قال المتنبي :
إذا غامرت في شرفٍ مروم …
فلاتقنع بما دون النجوم
كذلك نحن أبناء هذا الوطن لانرضى لك ياوطننا إلا بالمعالي ، نسابق الرياح نحو المجد ، ونسير بثبات كأوتاد الأرض .
نحتفل بالعزيمة التي لا تنكسر في يوم الفخر والعز ، وبالإرادة التي تجعل من كل حلم حقيقة ، اليوم، ونحن نراجع ما تحقق على هذه الأرض، نعلم أن مسيرتنا لم تكن سهلة، لكنها كانت دائمًا مستنيرة بالشجاعة التي ورثناها من آبائنا وأجدادنا الذين مهدوا الطريق لقيام هذه الدولة، التي كانت حلماً في قلب الصحراء ، واليوم أصبحت جوهرة تتلألأ في سماء العالم .
في يوم الوطن، نحتفل بماضٍ مجيد صنعه الأجداد، ونواصل مسيرة المستقبل بعزيمة لا تكل ولا تمل ، إن يومنا الوطني ليس فقط يومًا للذكرى، بل هو يوم للحاضر والمستقبل ، يوم نتعاهد فيه على مواصلة بناء الحلم الكبير ، نحن أبناء المملكة العربية السعودية، هذه الأرض التي توحدت بالعزم والإرادة، سنبني فوقها مستقبلًا يليق بهذا المجد الذي أسسه الأجداد والآباء.
يا وطني، يامهبط الوحي ويا أرض الحرمين الشريفين ، ويامصنع القادة ، نعاهدك أن نكون قامات شامخة، وجبالًا راسخة كجبال السروات وطويق، في الدفاع عنك ، وعن إرثنا الوطني فيك ، نعاهدك أن نكون مع قيادتنا في الحفاظ عليك ، وعلى وحدتنا الوطنية. فيك نموت، وبك نحيا.
يا وطني، لك المجد، ولك العز، وترخص لك دماؤنا ، نحتفل بك اليوم وكل يوم، ونُعاهدك أن تظل رايتك مرفوعة لا تنكسر ، فدمت يا وطني الحبيب، ودامت أفراحنا فيك، ودامت رايتك خفاقة. وكل يوم وطن هو يوم عيد سعيد.
اللواء/ محمد سعد الربيعي
كاتب رأي