صراحة تنقذك ومجاملة تغرقك

سويعد الصبحي
صراحة تنقذك ومجاملة تغرقك
في زمن السرعة واليسر ما زال هناك من يثقل كاهل غيره بالتأجيل والمماطلة لا لعدم القدرة بل لغياب الإحساس بالمسؤولية.
والحديث هنا ليس عن الفقراء أو المعسرين بل عن المقتدرين أولئك الذين يملكون المال ولكن لا يملكون المبادرة لأداء الحقوق في وقتها.
كم من بائع قدّم سلعة أو خدمة على نية طيبة وافق على البيع “كاش” بناءً على ثقة أو حياء أو مجاملة ثم فوجئ بأن “الكاش” تحول إلى دين مؤجل ثم إلى نسيان متعمد ثم إلى تجاهل متكرر تمر الأيام بل السنوات وصاحب الحق يراقب هاتفه كلما رن يراجع رسائله كلما ضاقت به الحاجة
يتساءل:
هل أذكّره؟ هل أحرجه؟ هل أبدو وكأنني أطمع في مالي؟
بين نارين: نار المجاملة التي تُغرقه في صمت مؤلم ونار الصراحة التي يخشى أن تحرجه أو تُحدث فتورًا في العلاقة.
وفي المقابل تجد المماطل يشتري ويسافر ويظهر مقتدرًا في كل شيء ما عدا سداد ما عليه
ما المؤلم في هذه الصورة؟
أن الطرف المتضرر غالبًا ما يكون البسيط الذي يحسب كل ريال.
وربما باع سلعته لتغطية التزامات أو ليقضي حاجة لأسرته.
بينما الطرف الآخر يملك السداد لكن يؤجل بلا عذر حقيقي وكأن حقوق الناس خيار مؤجل وليست أمانة معلقة في عنقه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مطل الغني ظلم.
ظلم
هكذا وصفها النبي لا مجرد تقصير بل ظلم بيّن.
فمن أي شيء تخاف حين تطالب بحقك؟ ولماذا نلزم الصمت حين يُؤكل جهدنا؟
ربما لأننا خلطنا بين الأدب والتخاذل وبين الصبر والاستضعاف وبين الستر والمجاملة.
وهنا يظهر الفرق:
•الصراحة تنقذك: حين تقول بثقة وأدب
أحتاج مالي وقد طال الوقت.
•المجاملة تغرقك: حين تبتسم رغم ضيقك وتصمت رغم حاجتك.
لا تكن قاسيًا لكن لا تكن ضعيفًا.
ولا تكن مماطلًا فليس هناك أشد على النفس من أن يُطالبك من وثق بك.
في الختام:
أداء الحقوق لا يحتاج قدرة بل يحتاج ضميرًا حيًا.
والمماطلة ليست فقط سوء تصرف بل هي اختبار حقيقي لأخلاقنا.
فإما أن ننجح فيه برد الحقوق لأهلها أو نخسر احترام أنفسنا قبل احترام غيرنا.
كاتب رأي وإعلامي