كُتاب الرأي

وزارة الموارد البشرية والتَّجارب الرائدة

د. محمد حامد الجحدلي  

وزارة الموارد البشرية والتَّجارب الرائدة      

خطوة رائعة أقدمت عليها وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية، بإنشاء عدد من المراكز الاجتماعية لاستضافة ورعاية الأطفال من جميع الجنسيات، في كل من مكة المكرمة والمدينة المنورة، هذه التجربة الرائدة لتوفير بيئة آمنة لشريحة كبيرة من الأطفال، في موسم الحج من العام الماضي، تؤكد لنا هذه التجربة الدور الحضاري بصبغته الإنسانية الذي تقوم به المملكة، وهي رسالة لدول العالم بأن حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو سيدي ولي العهد الأمين، بتوجيهاتهم الدائمة الحريصة على صناعة المبادرات والإنجازات، من أجل راحة ضيوف الرحمن في كل عام، ليتفرغوا لأداء نسك الحج في راحة وسكينة تامة، في الوقت الذي كانت أرباب الأسر السعودية والمقيمين على أرضها، أثناء أداء فريضة الحج يعانون من عدم وجود أماكن آمنة لأطفال، بغض النظر عن الذهاب بهم لدى الأقارب أو الجيران، وفي كلا الحالتين تزداد المشكلة تعقيدا، ويبدو على الأطفال لغة التذمُّر بعفوية مفرطة.
والتعبير عن تلك المعاناة بالبكاء والامتناع عن تناول الطعام، خلال فترة الحج التي لا تتجاوز الأربعة أيام، إلى جانب القلق الذي ينتاب الأمهات على وجه الخصوص، بينما في سابق الأعوام ومن هُم في سن أبناء جيلي يُعد الأمر في نظرهم بسيطا جدا وفي حدود المعاناة الوقتية، خصوصا من جانب الآباء، أما وقد تغيَّرت تلك الصورة النمطية، بحياة أسرية أخذت نصيبا وافرا من الرقي الحضاري، كأبرز أساليب التغيُّر الجذري في رفاهية الأسرة السعودية، وتقدم معايير الحياة الاجتماعية نتيجة التقدم العلمي والازهار الحضاري، هذه المؤشرات باتت تشكل نموذجا في حياة الأسرة السعودية، وعن تجربة وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية، يتطلب الأمر الحديث عن أرقام توثيقية قدَّمتها الوزارة خلال موسم الحج في العام الماضي، فيما يزيد عن أربعين مبادرة ضمن مشاركاتها لخدمة ضيوف الرحمن، ومساهمتها في استضافة ما يقارب مائة وسبعة وسبعين طفلا عبر اثنين وعشرين مركزا في مكة المكرمة ومداخل المملكة الحدودية.
بهدف توفير بيئة آمنة وطَمْأنَة ذويهم من حجاج بيت الله الحرام، هذه الأرقام تقودنا إلى معرفة وتلبية حاجة المجتمع السعودي إلى المزيد من هذه المبادرات والتجارب الرائدة والناجحة، عطفا للتطور الذي تشهده الأسرة السعودية، ومن الطبيعي أن يشمل ذلك الأسر المقيمة في مدن المملكة، إذا أخذنا هذا الحيز بالكثير من الاهتمام والطرح العلمي، بإقامة عدد من الندوات تضم رجال الفكر وكتَّاب الرأي وخبراء الاجتماع والمعلمين والمعلمات في وزارة التربية والتعليم وأساتذة الجامعات، فواقع الحياة المعاصرة أفرز لنا الأهمية العاجلة لمعالجة لإشكالية الآنية لرعاية الأطفال، من قبل ذوي الاختصاص والتخصصات الأكاديمية، حينما يُدرك المُخطِّط أن لدى زارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية من البيانات والمعلومات، إضافة للدراسات الاجتماعية والتي هي من صميم اختصاص الوزارة، فالواجبات الوظيفية للمرأة العاملة، تتطلب وجود جهة رسمية تنظم بيوت متخصصة بإشراف وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية.
ومن المؤكد بأن معالي الوزير المهندس أحمد بن سليمان الراجحي وقيادات الوزارة، لديهم من التَّمَيُّز والقدرة والامكانيات والكوادر التدريبية، لاستثمارها في إثراء هذا الجوانب الأكثر أهمية، بتوجيه خريجات الجامعات في تخصص الخدمة الاجتماعية والتربية وعلم النفس لسوق العمل، للقضاء على بعض المؤسسات الأهلية ذات الأهداف التجارية والكسب المادي، بغض النظر عن جودة الأداء وأساليب الرعاية، التي تتماشى مع ثقافة الأسرة السعودية، وما وصلت إليه من شغف أن ترى هذه الأسر أبنائها تتمتع بكافة الوسائل الآمنة، وليسمح لي معالي الوزير أن بعض النساء من غير السعوديات، يمارسن هذه الأدوار بأساليب أقرب للتقليدية وفي شقق سكنية، تحت مظلة غير رسمية وبدون تراخيص، في مقرات تفتقد لأبسط عوامل السلامة والطرق النظامية، في غياب الرقابة، التي تمنع هذه السلوكيات الخاطئة، وتنعكس سلبا على ثقافة البذور اليانعة من فلذات أكبادنا من الأبناء والأحفاد، ولأن تجربة وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية، بإمكانها زيادة الطاقة الاستيعابية المؤهلة من المتقاعدين والمتقاعدات في الأعمال التطوعية.

مستشار رئيس التحرير

الدكتور محمد حامد الجحدلي

مستشار رئيس التحرير

تعليق واحد

  1. باسم الصحيفة نقدم أسمى عبارات الثناء للدكتور **محمد حامد الجحدلي** على مقاله الثرّي الذي حمل عنوان **”وزارة الموارد البشرية والتَّجارب الرائدة”**، والذي لاحظنا من خلاله وعياً فكرياً ورؤية تحليلية راقية لأحد أوجه التطور الإنساني والحضاري في المملكة.

    لقد أحسن الدكتور الجحدلي في تسليط الضوء على المبادرات الإنسانية النبيلة التي تنفذها وزارة الموارد البشرية والشؤون الاجتماعية، لا سيما ما يخص رعاية الأطفال خلال موسم الحج، حيث تجلّت إنسانيته وقوة ملاحظته في وصف الحالة المجتمعية بعمق وإحساس صادق، مع إبراز التحول النوعي في أساليب الحياة الأسرية واهتمام الدولة براحة الفرد والأسرة.

    أسلوبه السلس، ومعلوماته الدقيقة، ونقده البناء، كلها أمور تجعل من مقاله مرجعاً يستحق التقدير، ومساهمة فكرية تستحق أن تُقرأ وتُناقش. فله منا كل الشكر على هذا الطرح المتميز، الذي يعكس إخلاصه وحبه لوطنه، وحرصه على إبراز إنجازاته بلغة واعية وراقية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى