(حزب اللات والتقية)

محمد سعد الربيعي
(حزب اللات والتقية)
يتوجس اللبنانيون خيفة أن يعود عناصر حزب اللات بالتسلل للجنوب اللبناني ، ويعيدوا تمركزهم في بعض القرى الشيعية المهدمة ،
وهي خشية في محلها ، حيث لايؤمن هذا الحزب بوائقه ، وهو من المؤكد أنه سيعود بالتسلل ، وربما فقط لتثبيت وضعهم في لبنان ، وليس لتهديد اسرائيل ، أو بمعنى آخر هو لتهديد اللبنانيين ليس الا! ، ومحاولة ترسيخ قوة الحزب السابقة ، وهي رسالة للحكومة اللبنانية الحالية أو القادمة بأنه لازالت الكلمة العلياء كلمتهم ، وأنهم لن يتنازلوا عن الثلث المعطل للدولة ، بل لإدارة الدولة برمتها .
اليوم هدأت جبهة الجنوب ، وأوقفت اسرائيل القصف نتيجة إتفاق تم ، قضى بموجبه سحب الحزب قواته لشمال الليطاني ، وتدمير كل ماله علاقة بتسليح الحزب في الجنوب ، الخ من الشروط التأديبية لحزب اللات ، وهو أقصد الاتفاق تم برعاية أمريكية ! .
ماتبادر من ردود فعل وتصريحات ولعل أهمها من عميل ايران الكبير نبيه بري ، ورغبته بعدم محاكمة الماضي ، وأوحى برسائل خبيثة ، وإيهامات مزدوجة تتعلق بالتجاوز عما قام به الحزب من تدمير لبنان ، وكأنه يريد أن يقول لازال الحزب قوياً ، وسيكون هو المتصرف ، ومما قاله أنه يريد رئيس حكومة يجمع ولايفرق ! وكأنه يرسل رسالة بأن على الحكومة السكوت على ماسيقوم به الحزب من تصرفات ، أي كما يقول المثل ( ترك الحبل على الغارب) وكذلك أن لاتصطدم الحكومة مع الحزب!؟ كما طلعت بعض الأصوات السياسية المنتمية للحزب ، التي كانت متخفية وتخشى إغتيالها ، حيث همست بأن الحزب سيبقي على سلاحه في لبنان ، وهذا وما رمى له بري يُعد مؤشراً خطيراً مالم تتنبه له الدولة اللبنانية لذلك وتتصرف بتعاملها كدولة وليست مليشيات! .
كل هذا يجري اليوم في ظل فرح أهل الجنوب ، ورحيلهم منذ ليلة البارحة لقراهم ، ومساكنهم المدمرة ، وهم في الغالب المكون الشيعي المنتمي له هذا الحزب ، أو من يدعي انتمائه لهذا المكون ، بالرغم من أن القادة ، والمؤثرين هم من ايران ، أو من ينتمون لها ولائياً .
بالطبع لم يعيروا أي قادة حزب اللات أي اهتمام لهذا المكون الشيعي ، وكذلك للشعب اللبناني بمجمله ، ولن يقدموا أية مساعدة في إعادة اعمار ما هدموه ، وكذلك ربيبتهم ايران لن تقدم توماناً ايرانياً واحداً ! ، وربما الأدهى من ذلك أن تتواجد قوة من هذا الحزب أو تُعيد تسللها للجنوب ، وهي ربما تقية سيمارسها الحزب لتعطي ذريعة للاسرائيليين بعودتهم للجنوب وطرد أهله منه ! وبالتالي تحاول أن تثبت أي قيادة حزب اللات أنها لازالت تدافع عن لبنان! كذباً وزورا ، وذلك كذر رماد في عيون اللبنانيون ، وهي دعاية استبدادية يحاول فيها الحزب أن يحكم قبضته على لبنان ، وأهلها الذين أستطيع القول بأن كرامتهم أُمتهنت ، وأصبحوا أضحوكة في فشلهم وجبنهم ، وغبائهم ، في كيفية مواجهة الحزب ، وتحقيق مصير دولتهم المختطفة!؟ .
الغريب في الأمر وفي خضم هذه الأحداث نجد صوت الدولة ضعيفاً ، بل إستعطافياً ، ورجائياً من رأس هرم الدولة ميقاتي الذي بدأ مرتبكاً ، وخاوياً ، وخائفاً ، من الحزب وعناصره المتفتتِة ، والهامشيةِ التي بقيت ، حيث بدأ يستعطف شبيههِ الخائن نبيه بري ، ويدعو له بطول العمر ، ودونما أن نسمع منه كلمةِ صادقةِ، وشفافةِ، يعطي فيها أمره كرئيس وزراء لحكومة لبنان المؤقتة، بأن يركن الحزب وقادته ، ومكونه الشيعي ، لما يعود بمصلحة لبنان ، ويسلم الحزب سلاحه إمتداداً لاتفاق 1701 ، وإن كانت هناك رغبة في بقاء قيادته السياسية فلتدخل كحزب سياسي، وتترك الدفاع الكاذب عن لبنان لجيشه وقواته العسكرية والأمنية، وأن يذهبوا بعيداً لكل مايعيد لبنان لعهد زميره السابق ، وسيطرته على الدولة وسياستها الداخلية والخارجية .
لا أعتقد أن تقوم لحكومة لبنان قائمة ، وأنها ستظل حبيسة لتصرفات حزب اللات ، خاصة ونحن في بداية انتشار الجيش اللبناني في الجنوب ، ولم نسمع أو نشاهد انتقال هذه القوة ، وفرضها النظام في الجنوب ، والجيش ليس بعيداً عن الحكومة، فكلاهما يبدوان ضعيفين أمام حزب اللات حتى ولو لم يبقى منه سوى رائحته الكريهة في الجنوب ، فالخشية والخوف تدثران هذين الطرفين ، وبالتالي سيستمر سيناريو حزب اللات المتصرف في كل شيء حتى رسم السياسة اللبنانية ، وفي ظل هذا الضعف المصاحب له !.
الشاهد هنا هو أن حزب اللات سيعيد سيطرته على لبنان ، وأنه لن يتنازل عن تسليم سلاحه ، وأن نبيه بري سيكون حبل النجاة لهذا الحزب من خلال ممارسة بري التقية ، وإيهام الحكومة ، وكذلك الشعب اللبناني بأنه سيكون مع التوافق اللبناني ، بينما هو وحزب اللات سيعاودون الكرة على لبنان ، وشعبه المكلوم ، وسيسيمونهم بمياسم النار والحديد!!!!!
كاتب رأي