(ورطة أوروبا في حالة فوز ترامب )

(ورطة أوروبا في حالة فوز ترامب )
أحرقت الحرب الروسية الأوكرانية الأخضر واليابس في أوروبا، وبالتحديد في الجزء الأوروبي الشرقي المستقل من روسيا ( الدول الحليفة لأوروبا والمنظمة لحلف الناتو مؤخراً) ، حيث احتلت الحرب الروسية الأوكرانية اهتمام العالم بأجمعه خلال السنوات الماضية ، فمنذ مبادرة أوكرانيا بمحاولة الانضمام لحلف الناتو ؛ وهو ما أثار الغريزة الروسية القومية ، لخشيتها على دولة روسيا التي قضمتها الاستقلالات الاخيرة لعدد من دول أوروبا الشرقية حيث كانت مساحتها الإجمالية قبل إستقلال دول الاتحاد السوفيتي سابقاً تقارب الـ 47 مليون كم٢ ،وهو رقم خيالي لدولة كبرى في العالم ، ونتيجة تلك الاستقلالات فقدت روسيا مايقارب ثلاثون مليون كم٢، حيث تبلغ مساحة روسيا الآن 17 مليون كم٢، وهي لازالت الأكبر في العالم .
بالطبع كان الموقف الروسي من أوكرانيا موقفاً صلباً وحازماً وذلك لكبر مساحة أوكرانيا ولامتداد حدودها مع الحدود الروسية كأكبر دولة أوروبية ولاعتبارات أخرى كثيرة رأوا فيها الروس عدم انضمام هذه الدولة للحلف الأوروبي الأمريكي ( الناتو) ، ومواجهتها النار بالنار لما يترسخ في العقيدة الروسية بعدم التفريط في دولتهم ومحاولة إعادة أمجاد دولتهم وحمايتها من أي اعتداءات أو تدخلات خارجية أوروبية أو أمريكية ، حيث يرون أن الثانية ( أمريكا) هي عدوهم الأول الذي يهدد بقائهم كقوة مسيطرة في العالم.
هذا ويعد تنحي وانسحاب بايدن من المنافسة للفوز برئاسة أمريكا للمرة الثانية ضد ترامب القشة التي قصمت ظهر البعير لأوروبا وأوكرانيا ، خاصة وأن الأمور ستأخذ منحنيات تراجيدية لصالح بوتين ، وهو مايمثل خشية أوروبا و أوكرانيا تحديداً عن تخلي أمريكا من دعمها لحربها مع الروس ، وبالتالي اهتزاز الوضع في أوروبا بشكل عام من جانب وخاصة حال فوز ترامب ومن جانب آخر ردم الهوة بين أمريكا وروسيا وإعادة المياه لمجاريها لما قبل رئاسة بايدن التي قادت الحرب ضد الروس ، وورطت سياسته أوروبا التي أصبحت الآن في موقف ضعيف ، وتبحث دولها الآن عن مخارج لفتح النوافذ لبصيص أمل تؤدي بها لإعادة علاقاتها مع روسيا التي لن ترضى إلا بتخلي هذه الدول عن دعم أوكرانيا ، ورفض انضمامها لحلف الناتو كنتيجة لترضيتها ( روسيا) عند فوز ترامب .
إن تولي ترامب للرئاسة الأمريكية سيشكل ورطة لهذه الدول الأوروبية وسيضعها في شر أعمالها نظراً لعدم تقديرها للمواقف الدولية السياسية وانسياقها مع سياسة بايدن ، ولتقلب السياسات الأمريكية بين جمهوريين وديمقراطيين.
يضاف لذلك الموقف الروسي المتصلب في القضايا العالقة لهم مع الأوكرانيين .
هذه الأمور وغيرها مجتمعة ستخلق سياسة أخرى في منطقة أوروبا والعالم عندما يفوز ترامب والتحليل يتجه إلى أن ترامب لن يغامر بمستقبله السياسي في دعم أوكرانيا كغريمه بايدن الذي كانت تقوده الدولة العميقة وورطته مع روسيا في حرب لن تنتهي إلا بفوز الروس وبوتين.
وربما تتآكل أوكرانيا وتنتهي بها الحرب كدويلة صغيرة لاتتجاوز حدود عاصمتها (كييف ) خاصة وأن كل المؤشرات لاتذهب بعيداً عن هذا التحليل والتصور في حالة فوز ترامب الذي تحدث عن نيته في مقابلة الرئيس الكوري الشمالي وهو لن يتردد في مقابلة بوتين والاتفاق معه على حل قضية أوكرانيا التي لن يتنازل فيها بوتين عن ماحققه على ساحة الحرب وأخذ الأقاليم التي احتلها والحاقها بجزيرة القرم.
نقول هنا أن أوروبا في ورطة وهي لا ترغب في فوز ترامب رغم مواقف الاستحياء التي بدرت على الساحة نتيجة تخلي بايدن عن سباق الرئاسة وماحظي به من امتداح لتخليه ذاك ، ولسياسته التي كان يمارسها من خلف حجاب ورط فيها أوكرانيا ومعها الأوروبيين.
إن الأوروبيين يعيشون الآن في حالة مخاض يتخلله القلق من مستقبل سياستهم مع أوكرانيا وما ستؤول إليه النتائج الغير متوخاه لهم من لقاءات قد تتم من خلف أظهرهم بين ترامب وبوتين ، ترسم فيها سياسة أوروبية جديدة وهم بالتالي سيكونون كحملة الأسفار نتيجة اندفاعهم لقضية قد لايكون لهم فيها شاة أو جمل !!!!؟
اللواء / محمد سعد الربيعي .
كاتب رأى