“وجوه لا تحتمل الفرح”

“وجوه لا تحتمل الفرح”
ثمة وجوه تمرّ بك، فلا تُضيء، ولا تُصافح، ولا تُشبهك في شيء، سوى أنها تنتمي لنوع الإنسان.
وجوهٌ إذا ضحكتَ أمامها، عبستْ، وإذا رقص قلبك لفرحٍ صغيرٍ زمّت شفاهها حقدًا، كأن سعادتك إثمٌ ارتكبته علنًا!
هؤلاء لا يعادونك، بل يعادون الضوء الذي فيك… ذاك الذي يذكّرهم بظلامهم القديم.
هم لا يتنفسون الصباح كما تفعل، لا يكتبون القصائد حين يُزهر القلب، ولا يؤمنون أن الفرح حقٌّ كالماء والهواء.
هم يألفون الحزن، حتى صار موطنهم… وكلّ من يغادره يبدو لهم خائنًا.
أن تبتسم، هذا وحده يُربكهم.
أن تحتفل بنجاحك، هذا يستفزهم، أن تحب دون خوف، وتفرح دون إذن، وتعيش كما تشاء… هذه جرائم لا تُغتفر في محكمة أرواحهم المظلمة.
لقد اعتادوا أن يقتاتوا على خيباتهم، وكل ضحكة تمرّ بجانبهم تذكّرهم أنهم اختاروا الحزن ملاذًا، حين كان الفرح ممكنًا.
لا تبرر ضوءك، لا تفسّر دفء ابتسامتك، ولا تُخفِ إشراقك تحت عباءة المجاملة.
إنهم لا يريدون لك أن تفرح، ليس لأنك لا تستحق، بل لأنهم لا يحتملون أن ترى الحياة أجمل منهم.
أكمل ضحكتك…
وأطلق قلبك في الهواء كطائرٍ لا يعبأ بنظرات الصيادين.
فالسعادة شجاعة، والنور موقف،
والفرح الحقيقي… نوعٌ من الانتصار.
فلا تُساوم على بهجتك،
ولا تُطفئ نورك لأجل من اعتادوا العتمة، وإن ضاقت الوجوه بالفرح… فافسح له في قلبك أكثر.
فثمة أرواح خُلقت لتزهر، رغمًا عن القاحلين.
وثمة قلوب تُضيء… ولو كره العابسـون.
🖋️…د.دخيل الله عيضه الحارثي