كُتاب الرأي

( وأذعنت حماس )

 

من يشاهد الجموع الغفيرة  التي عادت لشمال غزه في ظروف يحيطها الكثير من الألم والجوع والفقر الذي يعيشه أهالي غزه المكلومين ، ويتذكر ، وكلنا نتذكر كيف كانت حماس تركب رأسها وتصر على السير في ذلك الطريق المُظلم والمجهول في وقت واحد !، أي المواجهة مع العدو الاسرائيلي ، الذي أهلك الزرع والضرع ، ودمر البشر والحجر ، نتيجة التغرير الايراني لهذه المنظمة التي توشحت بالدم والعار من هذه الحرب العبثية التي خاضتها مع عدو لا يرحم الطفل والشيخ الكبير والمرأة ، وضحوا قادة حماس بكل هذه المحرمات التي اقترفوها على أهالي غزه ، وعلى أنفسهم كحركة تدعي التحرر ، والمقاومة .

عند العودة لكيفية تأسُس وتكوين لبنات هذه الحركة يُعرف تماماً أنها أُنشئت تحت أعين المخابرات الاسرائيلية ، بل من أنشأها هم الشاباك ، أي المخابرات الاسرائيلية، وذلك لتكوين جبهة معارضة لحركة فتح التي كان يقودها ابو عمار في فترة من فترات أوج تلك الحركة ، وقبل أن تصاب بالوهن والخيانات التي ألمت بها وخاصة بعد محادثات أوسلو ، وزواج ابو عمار من سهى جبران الطويل التي أطلق عليها لاحقاً سهى عرفات .

الشاهد هنا أن حركة حماس أذعنت في كل هذه الظروف التي تعيشها الحركة نتيجة ما أصابها من فقدان توازنها ، وضعفها وهلاك قادتها ، وعناصرها الذين لا يعدون ، وهي اليوم أشبه بحزب زميره في جنوب لبنان عندما رفع الرايات البيضاء ، وأستسلم للعدو الاسرائيلي بعد هلاك كل قادته وعلى رأسهم الخنزير زميره الذي كان يتباها بصواريخه التي لم تقتل سواء سنة سوريا ، ودجاج اسرائيل .

أقول أذعنت حماس ، وأعلنت عن أسماء بقية المحتجزين لديها من اليهود ، والتي كانت تصر الحركة على الاحتفاظ بهذا السر لكي تواصل الإبتزاز لإسرائيل، وكذلك المماطلة لمحاولة أن تكسب بعض ماء وجهها أمام أهالي غزة الذين أصبحوا يتمنون حكمهم من إسرائيل لا من حماس ! ، وطرد حماس  من هذا القطاع الذي تهدم ، وأصبح يمثل كارثة انسانية حديثة لايمكن بأي حال من الاحوال تصورها .

ما حدث في غزه يفوق كل وصف ، ولا يمكن أن يتصوره عقل ، وعودة أهالي غزه لبيوتهم المهدمة يمثل تحديات كبيرة ، للغزاويين أنفسهم ، ولحماس الارهابية ، وللسلطة الفلسطينية ، وللعرب ، وكذلك للعالم كله بما فيهم أيضاً اسرائيل ، التي لا يمكن لها أن تتملص من هذه المسئولية وخاصة تدمير بيوت أهالي غزه الأبرياء .

لابد من وجود جهات ، وأليات يثق فيها العالم بما فيهم العرب لترتيب المساعدات الإنسانية لأهالي غزه ، ولتقوم بإعادة تعمير وبناء غزه إن صدقت النوايا لدى الفلسطينيين  ، أو على الاقل بناء جزء مما تهدم لكل مواطن غزي ، وأن لا يقترب من ذلك الفلسطينيين جميعهم ، وهذا هو الأفضل في هذه المرحلة ، ومن كل الحركات والمنظمات ، وحتى سلطة عباس ، لأنهم غير موثوقين ، بل في حالة تولي أي جهة من الفلسطينيين هذا الدور ، فقل على ذلك السلام ، فلن تبنى غزه ، وسيبقى الكل تحت رحمة  تلك الجهات التي ستبيع ، وتسرق كل مكونات تلك المساعدات الانسانية ، وتحويلها للخارج ، وخاصة ما يتعلق بالمال الذي ستسيل له لعاب حماس ، وكل من يحاول أن يتبنى المسئولية أمام العالم من المنظمات الفلسطينية الأخرى ، والأمثلة على ذلك كثيرة ، ومتقاطعة بين المنظمات والحركات الفلسطينية.

من المهم جداً أن تشرف كل دولة على مساعداتها لأهالي غزه ، وتقوم هي بتوزيعها بطريقتها الخاصة ودونما أي تدخل فلسطيني ، ومن أي جهة كانت ، وأن تعطى تلك الجهات الدولية المساهمة في إعادة إعمار غزة الأمان من اسرائيل ، ومن الفلسطينيين أنفسهم في تحركاتهم ، وتأمين مواقع لهم يستطيعون الإنطلاق منها لممارسة أنشطتهم الانسانية ، والا ستكون كل تلك المساعي التي قد تُبذل ، والجهود الدولية في اعمار غزه قد تذهب أدراج الرياح .

ولعلنا نتسأل أيضاً في ظل هذا التدمير الذي حدث في غزه ، وكنتيجة معروفة لعلاقة ايران بهذه المأساة الكبيرة التي وقعت ، والسؤال هنا ، ماذا ستقدم ايران لأهالي غزة ، وهل ستقتصر مساعداتها على الإستمرار بشراء ضمائر بعض المحسوبين على حركة حماس ، والجهاد الاسلامي التي أشبه ما تكون اليوم كالنعامة التي تغطي رأسها في التراب ، ويبقى بقية جسمها مكشوف ،أقصد حركة حماس ، والجهاد الاسلامي  وانكشاف كل من يتعامل مع ايران للإسرائيليين !

ماذا ستقدم ايران لغزه ، ولبنان ، وبقية أذيالها ، وكل من تورط معها بعلاقة ضد دولته !

لا أعتقد أن ايران ستقدم دولاراً واحد لغزه ، ولبنان ، بل ستقدم الموت والدمار ، والبيانات الكاذبة ، والمزاعم بحرق اسرائيل ، ومن يقف بجانبها ، وهي تقول ذلك في النهار ، وتتبادل التنسيق مع اسرائيل ليلاً في تدمير العرب والمسلمين جمعاء ، وهي أشبه ما تكون بتطبيق هذه القاعدة في اليمن الذين درجوا على تقاسم الادوار ، والحرب نهاراً ضد عدوهم ، وفي الليل يحاربون معه! هكذا هي الخيانات من الفرس والمجوس وأذنابهم في اليمن وكل مكان ، وغزه ليست بعيدة الان عن ذلك ! فهي مليئة بالعناصر المندسة استخبارياً بين أهالي غزه ويعملون لصالح الشاباك ، والمؤكد أن بينهم حمساويين !ويأتمرون بأوامر إسرائيلية ، وهذا نتيجة ما ذهبت له اسرائيل ، وهو تحقيق هذا الهدف في تدمير غزه ، وإعادة احتلالها .

أذعنت حماس بعد أن فقدت كل ما كانت تراهن عليه ، والآن ليس لديها  ما يمكن أن يشفع ببقائها في غزه ، ولعلنا شاهدنا في بداية إنفراجة المحادثات ظهور عناصرها بشكل ملفت في شوارع غزه ، وكانت تتبنى إنتصاراً واهياً ، وأشرت لذلك في مقال سابق ، ولكنها ما لبثت أن اختفت تلك العناصر خشية اختلاق اسرائيل الأعذار بمناسبة ذلك الظهور ، وإلغاء الاتفاق مع حماس .

إن هذه الحركة تمثل خنجراً مسموماً في جسم القضية الفلسطينية ، وهي حركة عميلة واستبدادية، ومليئة بالعناصر المأجورة لإسرائيل ، وايران ، ولن تنجوا فلسطين ، وشعب فلسطين من مؤامراتها التي تثخن في القضية ، واستمرارية عدم حلها ، طالما والخيانات الفلسطينية متلازمة ، والتكسب منها أصبح ظاهرة مستعصية الحلول ، وهو ما دأبت عليه كل القيادات الفلسطينية بمختلف مشاربهم ! وهو الأمر الذي سيطول معه استعصاء حل القضية الفلسطينية ، طالما وقادتها يمارسون ابتزاز العالم للتكسب والمتاجرة ليس الا !!!.

محمد سعد الربيعي

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى