من الأطلال إلى وطنٍ خالد

من الأطلال إلى وطنٍ خالد
وقفْتُ بالربعِ أسألُ دارَنا شَغَفـا
وأرتوي مِن هَواها طاهراً عَذِبا
كم ذا وَقفتُ على الأطلالِ أسألها
عن سرِّ مجدٍ زها قد مضى حقبا
أجابتِ الأرضُ: إنّي فيك مُزهرةٌ
ما ضرّني أنّ دهري جفَّ أو نضبا
يا موطني كُلُّ حُبٍّ في الفؤادِ ذوى
ولم يَزَلْ حُبُّك الميمونُ مُنْسَكِبا
إنَّ القلوبَ على ذكراك قد هتفتْ
تُهديكَ عشقًا وتُهدي فيكَ ما كُتبا
في رملِكَ الذهبيُّ الشمسُ تبتسمُ
وعندَ ساحلِك الغيمُ اعتلى الشّهبا
فيك الرسالةُ والإيمانُ مُتَّقدٌ
فما استحالَ على التاريخِ أن كذبا
خمسٌ وتسعونَ لؤلؤةً تُزيِّنُنا
والدرُّ في عِقدِنا ما زالَ مُنتَخَبا
خمسٌ وتسعونَ عام العزُّ مُزدهرٌ
تُسقى بهِ الأرضُ خيراتٍ ومُكتسبا
تِسعونَ والخَمسُ في التّاريخِ شاهدةٌ
أنَّ المُلوكَ على العُليا مضَوا نُجُبــا
في كُلِّ وادٍ حكاياتٌ مُسطَّرةٌ
تُحيي النفوسَ وتُبدي مجدَنا عَجبا
يا دارَنا كمْ سقى الأبطالُ تُربتَكِ
دمًا زكيًّا فصارَ الغرسُ مُرتقبا
من صَهوةِ الفَتحِ في نجدٍ لنا عَلَمٌ
قد سطَّر النصرَ وارتاد العُلا رُتَبا
عبدالعزيزِ وما لانَتْ عزائمه
ولا ارتضى في ميادينِ الوغى هَرَبا
تلك الملاحمُ يا تاريخُ نحفظُها
ما غابَ نورُك في أرواحِنا وَثَبا
أمسى على نجد يَرقى في مَهابتهِ
حتى غدا العزُّ في أطرافِها سببا
وفي الحجازِ لهُ ذكرى تُؤرِّخُهُ
والشرقُ يشهدُ والتاريخ قد كُتِبا
هذي الرياضُ على الأجيالِ تزدهرُ
أضحتْ تُغنّي وتهدي العزَّ والذهبا
والدارُ أمستْ على الدنيا مُفاخِرةً
أنْ ليسَ في الكونِ مَن يُعلي لها نَسَبا
من كلِّ صوبٍ أتى التاريخُ مُنحنِياً
يُهدي إليه جلالَ المجدِ مُنتَسبا
يا دارنا كمْ على الأيامِ قد سَطَعَتْ
شمسُ البطولةِ لم تخفتْ لها لَهَبا
في كلِّ ميدانِ عزمٍ أنتِ سابقةٌ
والعلمُ فيكِ يُقيمُ النورَ والقُبَبا
فيكَ العقولُ إذا ما جدَّ سَعيُهُمُ
أهدَوا الحضارةَ فتحًا كي يَرى العَجَبا
هذا المليكُ وللميدانِ قائدُهُ
يمضي فيُحيي رُؤى الأجيالِ والرتَبا
سلمانُ حزمٍ إذا نادى المدى التهبتْ
من حولهِ العزمُ لا يَخشى بهِ صَخَبا
والساعدُ الفذُّ في عينيهِ رؤيتُنا
كالنورِ في الأفقِ قد أحيى لنا السُّحُبا
رؤيا تسيرُ إلى العلياءِ تزدهرُ
تَسمو بنا فترى الإبداعَ مُقتَرِبا
فيكَ الطموحُ على الأبوابِ مُزدهرٌ
كالبدرِ أشرقَ في ليلٍ فما حُجِبا
فيكَ الرياضُ كغصنِ الوردِ ناضرَةً
تزهو وتُعطي لنا من عطرِها قُرُبا
فيك الشمالُ رُبى الأحرارِ شامخةً
والشرقُ يَهديكَ أحلامًا وما طُلبا
فيك الجنوبُ بأسدِ العزِّ مُنتفضٌ
يعطي ولاء يبث على أعدائنا رعبا
دارُ الرسالةِ والتاريخُ يحفظُها
حرفًا عظيمًا فما يُمحى وماسُلبا
يا موطني أنتَ سرُّ الخلدِ في خَلَدِي
فالعُمرُ دونَ ولائك ليسَ مُحتَسَبا
تبقى على الدهرِ يا مهدَ العُلا عَلَمًا
كالشمسِ تبقى تُضيءُ الكونَ مُقتَرِبا
والشعبُ حولَك أفواجًا يُجدِّدُهُ
حُبٌّ يَفيضُ على الأرواحِ مُنسَكِبا
يا موطني أنتَ في الأرواحِ أغنيةٌ
وفي الفؤادِ ولاءٌ لا يَرى تَعَبا
فاخضرَّ ياموطني غُصنٌ وأزهرَ في
أرجاءِ دنياك تبقى غصننا الرطبا
شعر/ د. دخيل الله عيضه الحارثي