كُتاب الرأي

(هل تورطت اسرائيل في تأسيس حماس )

(هل تورطت اسرائيل في تأسيس حماس )

محمد سعد الربيعي  

قد يكون سؤالًا بديهياً لمن لايعرف كواليس تأسيس هذه الحركة حيث يعتقد أن اسرائيل فعلاً تورطت مع حماس ، بينما اسرائيل هي من أسستها وبنت كيانها كحركة لمناهضة لعرفات والوقوف في وجهه ووجه حركة فتح  رغم كل المآخذ الشخصية والسياسية والقيادية على ابو عمار  ، إضافة لقصر نظره في التعامل مع مستجدات تلك القضية التي فقدت الكثير من الفرص داخلياً وخارجياً وسياسياً .
       لم تمثل حركة فتح منذ تأسيسها تهديداً لاسرائيل ولكنها في الغالب رأت (اسرائيل )أنه لابد من تشتيت الجهد الفلسطيني الذي تقوده هذه الحركة ، والتأثير عليه داخلياً وخارجياً لاعتبارات كثيرة ومنها منع النشاط الفدائي الذي كانت تقوده بعض الحركات الفلسطينية ذات التوجه الشيوعي ، وكذلك منع مايؤدي لتماسك الجبهة الداخلية في الاراضي المحتلة كالمظاهرات والتنديد بالاحتلال وعملياته الاجرامية التي كانت مصوبةٍ نحو الشعب الفلسطيني .
       ومن هنا بدأت اسرائيل في التفكير بالتغلغل في الداخل الفلسطيني ،واستقطبت من إستطاعت الوصول اليهم وهيأتهم كقادة لحركة حماس ذات التوجه الاخواني المعروفين بعمالتهم للعدو الاسرائيلي ووقوفهم ضد كل توجه عربي إقليمي وسعيهم لتقويض الجهود التي تصب في حل القضية الفلسطينية .
      كان هدف تأسيس هذه الحركة هو الوقوف في وجه حركة فتح وتشتيت كل الجهود العربية والفلسطينية كما أسلفت ، ولكن بنمو تلك الحركة ، وتضخمها تحت أعين المخابرات الاسرائيلية ، وتحكمها في إقليم غزه ، وطرد حركة فتح من هناك جعل هذه الحركة تنمو نمواً سريعاً وعنيفاً ، وخاصة بعد أن أصبحت تتعامل مع اسرائيل وتتلقى دعماً منها ومن قطر الدولة التي ترعى تنظيم الاخوان المسلمين في المنطقة ، وتأتمر تلك الحركة بالتوجيهات الاخوانية التي لاتنفصل عن عمالتها لكل مايضر بالتوجه العربي والاقليمي في المنطقة .
       ساهمت كل تلك التدخلات القطرية والتسهيلات الاسرائيلية في احكام حماس سيطرتها على غزه ، وتفكك الوحدة الفلسطينية ، وأصبح هناك رأسين للقضية الفلسطينية احدهما في غزه ، والاخر في الضفة ، الاول مدعوم قطرياً ومخترق إسرائيلياً ، والثاني ضعيف سياسياً ومتهالك داخلياً ، وتأسيساً على ذلك قويت حماس ، وأوهمتها المخابرات الاسرائيلية أنها ذات شأن كبير ، وأنها أصبحت من تقود الشعب الفلسطيني ، ومن هنا تشعبت الحركة وفرضت  استقلاليتها ، وربطت علاقاتها مع طهران التي ورطتها لاحقاً في طوفان الاقصى من أجل تحقيق مآرب ايرانية بحته ، وكان كل ذلك يجري تحت أعين المخابرات الاسرائيلية .
وعوداً على بدء في هذا المقال ، وهو عما اذا كانت اسرائيل قد تورطت مع حماس ، أي في تأسيسها ، ودعمها ، وإختراقها لتنفيذ طوفان الاقصى الذي جرى التنسيق فيه مع نتنياهو ، وغير ذلك لما يشتت الجهود الفلسطينية والعربية لحل قضية فلسطين ، ولعل الاجابة على ذلك هو النفي من التورط ، بل أن حماس حققت ولازالت تحقق مكاسب كبيرة للعدو الاسرائيلي ، والملاحظ أو المتابع لهذه الحركة وماتقوم به يرى بأنها تعتمد على قيادات خائنة إستمرؤا المال الحرام والكسب الغير المشروع من هذه الحركة التي تتلقى الدعم المالي من قطر ، ومن اسرائيل على حدٍ سواء ومن التنظيمات الاخوانية المتطرفة في العالم تحت غطاء الجمعيات الخيرية  ، والاهم في ذلك  هي الإتاوات التي تفرضها قيادة هذه الحركة على مواطني وتجار غزه ، وأصبحت بمثابة النهر الجاري لتلك القيادات ، وهو ما يصب في أرصدتهم البنكية الخارجية  ، إضافة لما تفرضه من ضرائب تجارية لكل مايدخل الاقليم أو مايخرج منه ، ومن هنا أبقت حماس يدها متشبثة في غزه ، ولن تفلتها منها نتيجة ذلك الفساد الذي تمارسه وتطبقه من عوائد تلك الممارسات المالية التي تُجمع تحت أعين الاسرائيليين  وهي تُعد كهدية اسرائيلية لقادة الحركة نتيجة التخادم الذي تمارسه حماس ، وما أدت بالتالي تلك العوائد المالية لتشكيل شلة فاسدة تقود هذه الحركة التي أصبحت عبئاً على الفلسطينيين أنفسهم .
     المؤكد أن الاسرائيليين يتلقون ويرون كل ذلك بإرتياح تام ، وهم ينتظرون المزيد من هذه الحركة لتعطيل كل توجه قد يؤدي لإعادة بوصلة التضامن الفلسطيني ، بل تشجع ( اسرائيل ) ذلك التغول الحمساوي في الاقليم ، ولاترى بُداً من تأصيله ودعمه .
      مايحدث الآن من محاولات لايجاد حل في غزه من اسرائيل ، ومواجهتها ماتسميه بالتعنت لحركة حماس ماهو الا ذر رماد في أعين المجتمع الدولي من أجل مواصلة إبادة سكان غزه ، لاعتبارات كثيرة ، ولعل أهمها لو صدقت النوايا الاسرائيلية في توجهها السلمي فهي تستطيع إخراج عناصر حماس من تلك الانفاق التي يختبئون فيها ، أو دفنها على رؤوسهم ، وفك أسر مخطوفيهم ، وبالتالي إنصياع الحركة لذلك التوجه السلمي .
    اسرائيل قادرة على ذلك بجانبيه من فرض قوة أو إيجاد مخرج لحماس ، ولكنها لاتريد كسياسة ينفذها نتنياهو الملم بكل تفاصيلها من أجل تصعيد الموقف ، وإطالة أمد الحرب ، وقتل المزيد من الفلسطينيين ، والعمل على تأكيد مايرغبه في تهجير أهالي غزه ، وهو ماتحققه وتساعد في تنفيذه حركة حماس التي لايستبعد أنها قبضت الثمن من نتنياهو الذي يقوم  بتوظيفهم لتحقيق هذا الهدف .
     حماس حركة إرهابية متطرفة نشأت بتعليماتٍ اسرائيليةٍ متطرفة ،   تدعي تشبثها بالأرض بينما هي تفرط في عرض الفلسطينيين وأرضهم ، استحبت المال على قتل الفلسطينيين ، وبرعت في القتل عندما كانت ترمي جنود فتح من أسطح المنازل المرتفعة ، وواصلت ذلك في سرقة المعونات الدولية والعربية ، وتلقت الاموال المحرمة من الخارج  ، وأعدمت كل من فتح فاه معترضاً على تلك السرقات ، وكسرت أطراف البعض الآخر ، وفعلت مالم تفعله اسرائيل ، جندت عناصرها بالإختباء بين المواطنيين الغزاويين في توقيتات مختلفة ، وأعطت الإشارة عنهم لإسرائيل التي استهدفت الجميع ، وقُتل الكثير ممن كانو ينتظرون توزيع المساعدات برضى وتخطيط من حماس التي دست ولازالت تدُس عناصرها بين الجُياع من أهالي غزه ، من أجل تحقيق مخططات نتنياهو الذي يسعى لقتل وتدمير الجميع وتهجيرهم ،وهو بالتالي ( نتنياهو ) سيُضحي بهم أي من بقي من قادة حماس كما ضحى بالسنوار يحي ، وأخيه محمد ، ولكنه يختار الوقت المناسب عندما تتحقق رؤيته وتُنفذ بأيدي حمساوية ،وهكذا هي عمالة وخيانة حماس ،ولعل قادة حماس ينفذوا ذلك تحت التهديد والوعيد من نتنياهو ! آخذين العبرة من خالد مشعل ، وإعادته للحياة بجرعة دوائية في حادثته الشهيرة في عمان عندما تجاوز الخطوط الحمراء الموسادية ! وكذلك هنية الذي لقي حتفه بمضجعه بطهران!
وكختام تعد حماس إحدى أيادي الموساد في فلسطين المغتصبة ، ولا يضر اسرائيل تعنتها وكذبها على المجتمع الدولي فهي تنفذ سياسة اسرائيل ولو تظاهرت ولبست رداء المقاومة ! ولكن قياداتها  تعلم أنه عند انحيازهم للقضية الفلسطينية سيلقون  مصير هنية واحمد ياسين  ولهذا فالحركة معول هدم اسرائيلي بغطاء حمساوي  !

كاتب رأي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى