هل تحلمُ القصائدُ حين ننام؟

هل تحلمُ القصائدُ حين ننام؟
كلّما أطبق الشاعرُ جفنيه، ارتفعت القصيدةُ كفراشةٍ من رماد الحرف، تطوف في أروقة الذاكرة، تبحث عن بيتٍ سكنته يومًا، ولم يُكتب له الاكتمال.
لا تنام القصيدة حين ينام شاعرها، بل تبدأ في التشكُّل، تخرج من شقوق الحلم، تتكوّر في زوايا اللاوعي، وتظل تحدّق في روحه بعينٍ لا تغفو.
هل للقصائد أحلام؟
وهل تنتظر ميلادها كما ينتظر الوليد لحظة انبثاقه من رحم الزمن؟ أم أنها كائنات شبحية، تولد من العدم، وتصطفي الشاعر لتسكنه دون إذن؟
إن القصيدة لا تُكتب فحسب… القصيدة تُنجَب، تُخاض من أجلها مخاضات الروح، وتولد كصرخةٍ أولى في وجه الوجود، لا تولد صامتة، بل تأتي بصوتٍ مرتجف، بخوفٍ متردد، بلهفةٍ تشتعل بين الأصابع، وإن لم تُكتب لا تموت، بل تحوم كروحٍ حول صاحبها، تلتف حوله، تهمس له: “اعترف بي… أو اتركني أُغادرك إلى الأبد.”
في نوم الشاعر، لا يصمت العقل، بل ينفتح الباب الخفيُّ للدهشة، تنبت الكلمات من حديقة اللاوعي، من تربةٍ مثقلةٍ بالحنين، بالحب، بالخسارات، بالطفولة المؤجلة، وبالوجوه التي مرّت دون وداع.
هناك في هذا الهامش بين الحلم واليقظة، لا يكتب الشاعر القصيدة، بل القصيدة هي من تكتبه… تُلقّنه الشوق، كما يُلقّن الغريق أنفاسه الأخيرة.
فإن رأيتَ شاعرًا هادئًا، لا تظنّه ساكنًا، ففي داخله معركة صامتة بين اللغة والصمت، بين الفكرة والحقيقة، بين ما يريد قوله وما لا يُقال، في داخله قصيدةٌ تحلم، ربما تبكي، وربما تنتظر اللحظة التي يمدّ فيها يده إلى الورق… لا ليكتبها فقط، بل ليمنحها الحياة.
القصائد لا تحلم وحدها… إنّها نحن حين نحلم.
بقلم: د. دخيل الله عيضه الحارثي
إن رأيت شاعرا هادئا لا تظنه ساكنا ففي داخله معركة صامته بين اللغة والصمت بين الفكرة والحقيقة بين ما يريد قوله وما لا يريد قوله ……..
لله درك دكتورنا الفاضل.
فعلا هو ذاك الصراع الدائم فإما أن تولد روح قصيدة أو توأد .
تاركة أثرا لا يمكن أن تخفيه تجاعيد الزمن على روح ذاك الشاعر .