كُتاب الرأي
(هانيبال ومحاكم لبنان )
(هانيبال ومحاكم لبنان )
محمد سعد الربيعي
يعد هانيبال الابن الرابع للعقيد القذافي ، وهو من مواليد 1975 م ، تم اعتقاله في بيروت في ديسمبر من عام 2015 م بتهمة اخفائه معلومات عن الزعيم الشيعي موسى الصدر الذي تتهم بعض الجهات القانونية النظام الليبي السابق أنه وراء إختفائه منذ أن زار ليبيا في عام 1978م .
لقد شكل إختفاء موسى الصدر لغزاً غامضاً في كل دهاليز التشيع في لبنان وايران منذ أن زار ليبيا كما أشرت ، والمذكور الصدر ولد لعائلة لبنانية في عام 1928 م ، وأسس حركة أمل الشيعية عام 1974م ، وقاد الحركة في عهد نظام الشاه الايراني ، وجعل من ضمن إطار ونشاط منظمته ( امل ) ماسماه بقيادة المحرومين في لبنان والتي صار على نهجه بعد عشرات السنيين الشيخ الطفيلي الذي رأس مايسمى بحزب اللات سابقاً ولكنه تركه عندما رأى أن خط الحزب يتبع ملالي ايران ، والطفيلي قاد بعد ذلك حركة الجياع في لبنان .
الصدر غادر الى ليبيا عام 1978م ومعه شخصيتين لبنانيتين شيعيتين ، وكان حينها المذكور يحظى بدعم نظام الشاه في طهران ، ولكنه في نفس الوقت كان لايطمئن لموقفه ( الشاه) من ثورة الخميني التي كانت تدور رحاها بالقرب من طهران ، وعند وصوله ( الصدر) لطرابلس قضى مايقارب الاسبوع ولم تؤكد أو تنفي المعلومات مقابلته لرئيس النظام الليبي حينذاك .
بعد هذه المقدمة سوف أعود لعنوان المقال وبعده سأتطرق لبعض التحليل الذي أُوكد أنه قد يتوافق مع هذا الاختفاء لهذا الزعيم الشيعي الذي أزعجت حملاته عندما كان في لبنان بعض رموز الشيعة هناك ومنهم السيد نبيه بري الذي توجه له أصابع الاتهام في اختفاء الصدر موسى ومعه بعض الجهات التي كانت تنشط في لبنان .
حقيقة استغرب القبض على هانيبال الليبي في بيروت خاصة وأنه ولد قبل زيارة الصدر لطرابلس بثلاث سنوات ، فضلاً بأنه ( هانيبال ) كان بعيداً عن سلطة والده ، أقصد عندما كبُر ، ولم يتسلم حقيبة مهمة في الدولة قد يتطلع منها لأحداث تلك القضية وذلك الاختفاء الذي شغل ليبيا وبعض الأقطار التي كانت مع أو ضد نظام القذافي .
أن النظام في بيروت عندما تم القبض على هانيبال في سوريا وتم ترحيله الى بيروت وفق تنسيقات كانت قائمة بين نظام بشار البائد وبين الرموز الشيعية التي كانت تتحكم في سياسة بيروت ، أقصد أن شيعة حزب اللات ونبيه بري هما من كانا يديران المشهد في بيروت ولهذا السبب رُحل هانيبال الى لبنان ليستقر في سجون بيروت لما يقارب العشر سنوات تحت غطاء البحث عن مصير موسى الصدر!
وفي تحليلي الشخصي أن القبض على هانيبال هو مجرد مسرحية هزلية لا استبعد أن نبيه بري هو من كان يقودها ، وكأنه يطلق المثل القائل الحرامي يتحسس على رأسه ، وذلك في محاولة لرمي التهمة على نظام القدافي البائد أيضاً ، ولأنني لا أستبعد أن ل نبيه بري دوراً كبيراً في إخفاء الصدر ومن معه في ليبيا حيث ان الصدر كان يمثل جداراً عازلاً لبري لايمكن معه (لبري) أن يتجاوزه أو يحظى بأي تمثيل بين المكون الشيعي في ظل وجود الصدر ، ولهذا التحليل يتجه أن بري ونظام الشاه الذي لم يكن مطمئناً للصدر ولقربه حينذاك من الثورة التي لم تنطلق بعد في طهران بقيادة الهالك الخميني قد تآمرت لإخفاء الصدر بالتنسيق مع نظام القدافي الذي لم يكن حينذاك يمثل له الصدر أية خصومة أو ربما أن أجهزته الامنية غضت الطرف عن الفاعل الحقيقي الذي نفذ تلك العملية بمعرفة ودراية تلك الجهات الليبية ، وبتنفيذ بعض المنظمات الثورية التي كانت تنشط في بيروت وطرابلس الليبية كحركة ابو نضال المعروفة بتأجير بندقيتها للغير وتنفيذ أعمال قتل وتفجير في قضايا ليس في الغالب لها علاقة بالقضية الفلسطينية .
إذاً مايحدث للسيد هانيبال هو الظلم بعينه في سجون بيروت التي انعتقت الان من زميره وحزب اللات الذي كان يسيطر على كل شيء في الساحة اللبنانية ويتحكم بمقاليد كل سياسات بيروت .
وعليه فالمفترض من القضاء اللبناني إطلاق سراح هانيبال بل تعويضه عن السنوات التي قضاها في السجن ، وخاصة والموقوف هانيبال كان سجنه بمثابة تصفية حساب لقضية فاشلة لم تصل التحقيقات للفاعل الرئيسي فيها والذي لا أستبعد أنه السيد نبيه بري الذي رفض أن يتم اجراء تحليل الدي إن أي الذي أحضرته بعض الجهات التي كانت تتابع هذه القضية من مشرحةٍ ليبيةٍ ، ولهذا لم يكن بري جاداً في معرفة وتفاصيل إختفاء الصدر في ظل كل تلك الظروف الغامضة والمعطيات التي توزعت فيها الاتهامات لنظام الشاه في طهران وليبيا ، بينما المتهم الرئيسي هو بري ومن نفذ بأمره من التنظيمات الفلسطينية المستأجرة .
