كُتاب الرأي

(سوريا الجديدة ، وسقط المتاع )

 

 

استبشرنا نحن جميعاً كمسلمين أولاً ، وك عرب ثانياً بإنتصار الثورة السورية أياً كانت الجهة التي تديرها ، وحررت هذا البلد العربي الشقيق من طاغوته بشار ، وأسرته المجرمة التي عاثت في أرض سوريا فسادا ، وأحرقت فيها الأخضر واليابس .
كما استبشرنا نحن أهل الدول المجاورة لسوريا ، في المملكة ، والاردن ، ومصر ، ودول الخليج ، بإزاحة هذا الطاغية ، عميل ايران ، وقائد محور المماتعة ، ورأس حربة ايران في المنطقة .
بالطبع كان إزالة نظام الاسد فيه ضرباً من الخيال ، خاصة وأن روسيا ، وايران مجتمعتين كانتا تحمي رأس هذا النظام المجرم المخلوع ، ولكن الله سبحانه وتعالى قادر على تغيير الحال من حال الى حال ، وهذا ماقدره رب العزة والجلال، ونصر قادة سوريا الأبطال الذين حرروها من ظلم وجور وطغيان الاسد وزمرته .
لانزال في بداية الانتصارات في سوريا ، والطريق طويل أمام ثوار سوريا ، ولعل ماحدث في طرطوس ، واللاذقية ، وبعض مناطق حمص خلال اليومين الماضيين ، ماهو الا جرس إنذار لهذه القيادة السورية من أذناب ايران ، وزبائنة الاسد وعناصره التي ولغت في الدم السوري ، وتخشى ملاحقتها والاقتصاص منها ، وبالتالي هي ستدفع بكل قوة من أجل إثارة الفوضى في الدولة الجديدة برسم خيارين لها أي (القيادات الهاربة ، والعناصر المجرمة ) ، ولعل الاول منها .. هو مساومة السلطة الجديدة في عدم ملاحقتهم مقابل الهدوء المصطنع الذي قد يتظاهرون به في المستقبل القريب ، وليس البعيد؟ ، والخيار الآخر ..هو إحداث ربكة في النظام ، وإيجاد فجوات يستطيعون من خلالها الهرب من العدالة ، وبالتالي ينفرون بجلودهم لمناطق ، أو دولٍ آمنة أخرى كلبنان أو العراق أو ايران ، وتتولى من هناك تلك العناصر الهاربة قيادة معارضة جديدة، وعميلة لايران لإرباك المشهد السوري الجديد .
بالطبع هذا ليس موضوع مقالنا ، ولكنه تمهيداً وتوطئة له ، وخاصة والاحداث تتشابك ، وقد تصل الى حد التعقيد ، وخلق وضع جديد يقف في وجه التحولات الجديدة للقيادة السورية الحديثة ، مالم تتنبه له هذه القيادة ، والتي كما أشرت استبشر بها الجميع ، وخاصة أبناء الدول العربية المجاورة التي كان يخطط نظام بشار لتدميرها بالمخدرات ، وفق خطة ايرانية محكمة لإغراق المنطقة وشبابها في غياهب هذه الآفة .
الشاهد في هذا المقال ، أنه تم تناقل بعض المقاطع من أرض سوريا الأبية لأشخاص يدعون أنهم من الثوار ، وينطلقون من ساحات الجامع الأموي الذي فرحنا بتحريره وكانت السنتهم تلوك وتتفوه بالأحقاد التي يحاول قادة سوريا نبذها ، بل وصل الحد في بعضها أنهم زعموا بأن ثورتهم ستستمر حتى تحرير مكة المكرمة والمدينة المنورة ، وهي ( والله انها بعيدة عليهم بعد الأرض عن السماء) وكانت أقوال صادمة في الوقت الذي كنا فيه مع الثوار قلباً وقالباً ، أي كل من شجع ووقف مع هذه الثورة ودعى لها بالنجاح ، كما رأينا من يدعو لإعادة الربيع العربي في مصر ، وتونس ، وكل الاقطار العربية ، وكأنه يريد إعادة الفوضى الخلاقة التي دعى لها نظام (اوباما ) الذي سلم ايران كل مقاليد السلطة في المنطقة ،هو وخلفه بايدن ! ولعل أيضاً ماقام به ودعى له ابن صاحب تلك الرؤية التي كان يريد من فتاوية احراق العالم العربي والاسلامي ، وتسليمه لايران ، كما سلمت له امريكا العراق على طبق من ذهب ، أنه داعية الشر ومفتيه يوسف القرضاوي .
أقول كان لإبن يوسف القرضاوي عبدالرحمن الذي كان يتجول في دمشق ، ويبث سمومه في تلقين بعض العناصر التي قد تكون خارجة عن سلطة الثوار السوريين ، أو من قد يستطيع التأثير عليهم ، وإيجاد شرخ في جسم هذه الثورة بالعودة لهذه الوعود الفارغة ، والتي لن تزيد الوضع الا تعقيداً كما اشرت ، بل تفتت الثورة وتقزمها ، وبالتالي ضياع الهدف الذي سعت من أجله هذه الثورة .
أن مايدعو له ابن يوسف القرضاوي ( عبدالرحمن ) كان تحريضاً يجب محاسبته عليه ! خاصة وهو كان بوقاً ناعقاً لايران ، وحزبها في لبنان ، هو ووالده صاحب الفتاوي الخبيثة والمليئةِ بالحقد على الاسلام والمسلمين ، بل بالأخذ على يده ، والقبض عليه ، ومحاسبته على عمالته السابقة لايران ، وحزبها في لبنان ، وكذلك من سبق وخرج في أي مقطع يتبنى تنظير القاعدة وداعش ، ويسيء لدول الجوار ، ولتعلم السلطة الجديدة في سوريا ، أن هذه العناصر التي تتفوه بمثل هذه الأراجيز ، إنما هي عناصر قاعدية داعشية ، تريد الإيغار بالثورة ، وشق صفها ، وإدخالها في متاهات إرهابية متلاحقة ، لتفقد بريقها الثوري البعيد عن الارهاب ، وهو ماتسعى السلطة الجديدة في سوريا بالنأي بنفسها عنه ، وتصديق ماذهبت اليه من توجه جديدٍ بعيد عن أي أيدولوجيات إرهابية ، والتخلص من أية علاقة قد توسمها بالارهاب أو إحتضانه ورعايته .
ولتعلم هذه القيادة الجديدة أيضاً أن أصحاب هذه الفتنة من ابن القرضاوي ، ومايدعيه بعض عناصر الثورة من التوسع قُطرياً ،وعربياً هو ماتبحث عنه ايران ، وتراهن عليه ، وكذلك قيادات الاسد السابقة لإستئجاره ، وإستئجار بندقيته الارهابية في إعادة تمزيق سوريا ، وإجهاض ثورتها ! وترتيب تموضعها أي ( ايران) من خلال تلك العناصر التي تندس في قيادات وأفراد الثورة السورية ، وتدعي زوراً وبهتانا أنها مع الثورة وصادقة فيما تذهب اليه من إساءات وتجاوزات ، هي في الحقيقة تصب في مصلحة نظام الاسد البائد ، وملالي ايران ، ومليشياتها الشيعية الارهابية في المنطقة.
إن على الثوار الجدد السيطرة على الساحة بشكل جيد ، ومنع أية استغلالات قد تحدث، أو تجاوزات غير محسوبة من مأجورين ، وعملاء ، وكارهين للنظام الجديد ، أو من يدعون مناصرة الثورة ، ويبثون سمومهم ، تحت غطاءات متعددة ٍ لتحقيق أهداف تشتت الرؤية للثورة ، بل قد تزيدها غموضاً ، وتدخلها في حسابات معقدة من سقطة المتاع أولئك !؟ الذين يدعون مناصرة الثورة بينما هم خناجر مسمومة في خصرها .
كما أن فتح الباب أو التغاضي عن هذه التصرفات سيؤدي لإتساعها ، وبالتالي فقد السيطرة عليها ، وربما تغليبها من جهات معينة في أطراف الثورة ، ومناطق سوريا البعيدة عن المركز في دمشق ، وعندئذٍ سيحدث ما لايحمد عقباه ،
أن على السلطات السورية الجديدة قطع دابر كل من يحاول ركوب ظهر ثورتهم ، وتحويل مسارها لخدمة أجندة ايرانية ، أسدية ، داعشية إرهابية ، ليتحقق الهدف المأمول في إعادة دمشق لحضنها العربي الذي يولي ذلك كل إهتمام وترحيب .

 

محمد سعد الربيعي

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
الذهاب إلى الواتساب
1
م حبا أنا سكرتير رئيس التحرير
مرحبًا أنا سكرتير رئيس التحرير وأنا هنا لمساعدتك.