نهج السعادة .. احتياجات ( الجانب المالي)

…….
حديثنا عن احتياج الجانب المالي للإنسان نبدأ به من كتاب الله سبحانه وتعالى عبر آيات (المال) فيه ، الحق تبارك وتعالى يقول:{ ٱلْمَالُ وَٱلْبَنُونَ زِينَةُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا.. } [الكهف: 46] ، تُشير الآية الكريمة أن المال والأبناء زينة الحياة الدنيا ، فهذا لايمنع نفعهما لصاحبهما إنْ أحسن التصرُّف في ماله ، فأنفقه في الخير ، فالمال نفع دنيوي ، والتصرف فيه لعمل الخير يمتد به للنفع الأخروي..
وقوله في سورة المنافقين:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ) ، (9)
كما يجب أن لا تُلهينا الأموال عن العبادات كلها وعلى رأسها الصلوات الخمس المفروضة ، ولا نلهو عن ذكر الله بالإنشغال بالأولاد وتربيتهم..
وقوله تعالى في سورة التغابن:(إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ ۚ وَاللَّهُ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ)(15) ، الفتنة هي الافتتان والانشغال ، أي بلاء واختبار يحملكم على كسب المحرم ومنع حق الله تعالى فلا تطيعوا المال والأبناء في معصية الله..
وقوله تعالى في سورة سبأ:(وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُم بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) (37) ، يقول جل ثناؤه إن الأموال التي تفتخرون بها أيها الناس والأولاد الذين تتكبرون بعددهم الكبير، لن تقربكم من الله ، بينما الإيمان والعمل الصالح والطاعات من خلال- المال والأبناء- سوف تقربهم بشكل كبير جداً من الله سبحانه وتعالى..
وقوله في سورة الشعراء:(يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) , (88-89) ، أي : لا يقي المرء من عذاب الله ماله ، ولو افتدى بملء الأرض ذهبا : (ولا بنون) ولو افتدى بمن في الأرض جميعا ، ولا ينفع يومئذ إلا الإيمان بالله ، وإخلاص الدين له ، والتبري من الشرك ، سالم من الدنس والشرك..
ومن هنا نعلم أن المال والاحتياج له في الحياة وسيلة وليست غاية بذاته ، يقول الفيلسوف أرسطو: “المال وسيلة للحياة ، وليس غاية في حد ذاته” ، ويقول أيضاً :”الثروة هي أكثر من مجرد امتلاك المال ؛ إنها امتلاك ما هو مفيد للحياة”..
نحن نعلم قول الفيلسوف سينيكا: “ليس الفقر هو عدم امتلاك المال، بل هو الرغبة الدائمة في المزيد” ولكننا نُشير هُنا أن المال وسيلة لتلبية الاحتياجات الضرورية في الحياة ولمنع الفرد من السؤال والمذلّة ، وسيلة لتحقيق الحياة الكريمة ، وصولًا إلى التحذير من تحوله إلى مصدر للطمع والفساد ، يقول الفيلسوف سقراط: “الثروة لا تصنع الفضيلة ، لكن الفضيلة تصنع الثروة وكل الخيرات الأخرى للإنسان”..
لتحقيق الاستقرار المالي وتلبية الاحتياجات المالية ، يمكنك اتباع الخطوات التالية:
١- وضع أهداف مالية واضحة سواء كانت (قصيرة المدى) مثل ادخار مبلغ معين لشراء غرض محدد ، أو (متوسطة المدى) مثل سداد الديون أو شراء سيارة ، أو (طويلة المدى) مثل التخطيط للتقاعد أو شراء منزل..
عند البدء في ذلك علينا أن لا نغفل قول الفيلسوف أفلاطون: “الثروة هي مصدر الكثير من الشرور ، لكن الفقر هو مصدر أكبر منها”..
٣- إعداد ميزانية شهرية ، تختص بالدخل والمصروفات بتسجيل جميع مصادر الدخل والنفقات ، مع تحديد الأولويات بترتيب النفقات حسب الأهمية (الضروريات أولاً) وتقليل النفقات غير الضرورية التقليل من الإنفاق على الكماليات..
يقول الفيلسوف كارل ماركس: “المال هو القوة التي تحول الرغبات إلى واقع ، والواقع إلى رغبات”..
٣- ادخار جزء من الدخل بتحديد نسبة الادخار مثل 20% من مجموع الدخل الكلي على الأقل ، وضع صندوق الطوارئ بتوفير مبلغ للطوارئ كل ثلاثة إلى ستة أشهر من النفقات الأساسية..
٤- التعليم المالي ، تعلم عن الاستثمارات والمخاطر المرتبطة بها ، استشر مستشاراً مالياً خبيراً لمساعدتك في اتخاذ القرارات ، بعدها أدخل في مجال الاستثمار وقم بتنويع الاستثمارات ، استثمر في الأسهم ، العقارات ، أو صناديق استثمار…
٥- تعلّم إدارة الديون بتسديد الديون ذات الفائدة العالية أولاً ركز عليها ، وتجنب الديون غير الضرورية ، لا تتحمل ديونًا إلا للضرورة القصوى..
٦- زيادة الدخل من خلال تطوير المهارات بتعلم مهارات جديدة لزيادة فرص العمل أو الترقية ، مع البحث عن عمل إضافي بالتفكير في عمل جانبي أو مشروع صغير لزيادة الدخل..
وتذكر قول إبيكتيتوس (الفيلسوف الرواقي): “الثروة ليست في امتلاك الكثير، بل في الرغبة بالقليل”..
٧- التخطيط للتقاعد من خلال البدء في الادخار مبكراً ، كلما بدأت مبكراً ، زادت الفائدة ، استخدام خطط التقاعد ، مثل صناديق التقاعد أو الاستثمارات طويلة الأجل ، عندها سنتذكر قول الفيلسوف فرانسيس بيكون: “المال خادم جيد ، لكنه سيد سيء”..
٨- مراجعة ميزانيتك واستثماراتك بشكل دوري وتعديل الخطة المالية وتكييفها حسب التغييرات الدخل أو الظروف..
يقول الفيلسوف آدم سميث: “ليس المال هو الثروة الحقيقية ، بل القدرة على الحصول على ما نحتاجه”
٩- التعليم المستمر من خلال قراءة الكتب والمقالات المالية والاطلاع على آخر التطورات المالية وحضور دورات تدريبية لتحسين المعرفة المالية واضعين نصب أعيننا قول الفيلسوف فريدريك نيتشه:”المال هو مجرد وسيلة ، لكنه غالبًا ما يصبح غاية في حد ذاته”..
١٠- حماية الثروة و التأمين الشامل بالحصول على تأمين صحي ، تأمين على الحياة ، وتأمين على الممتلكات ، وضع مخطط ضريبي بتعلّم كيفية تقليل الضرائب بشكل قانوني..
يقول الفيلسوف جان جاك روسو: “المال الذي تملكه هو أداة الحرية ؛ المال الذي تسعى إليه هو أداة العبودية”..
باتباع هذه الخطوات ، يمكنك تحقيق الاستقرار المالي وتلبية احتياجاتك الاقتصادية بشكل فعال مع الاستقرار النفسي والشعور بالراحة والرضا والسعادة..
أحلام أحمد بكري
كاتبة رأي