نهج السعادة .. احتياجات (الجانب الاجتماعي) ١

الاحتياجات الأساسية للجانب الاجتماعي ذكرها ديننا الإسلامي كأساس للعدالة الاجتماعية ، وتحقيقه واجب للفرد ، تشمل المتطلبات التالية:
(الغذاء والمياه والمأوى والرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل)..
كل هذه المتطلبات جاء ذكرها في السنة النبوية الكريمة ، في رواية عبيدالله بن محصن قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم:(من أصبحَ منكم آمنًا في سربِهِ ، مُعافًى في جسدِهِ عندَهُ قوتُ يومِهِ ، فَكَأنَّما حيزت لَهُ الدُّنيا) صحيح الترمذي..
فمن توَفَّر له (الأمانُ والعافيةُ والرِّزقُ) لا يَحتاجُ إلى شيءٍ بعدَ ذلك ، فكأن كمَن ملَك الدُّنيا وجمَعها ، فلا يَحتاجُ إلى شيءٍ آخَرَ..
كما حث الإسلام على (طلب العلم) ، فيما روى ابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (طلب العلم فريضة على كل مسلم) ، صححه الألباني ..
وفي حديث عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ، ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وذكرهم الله فيمن عنده) ، رواه مسلم..
وحث ديننا العظيم على (العمل) وكسب الرزق الحلال كحاجة أساسية اجتماعية للفرد و رغَّب فيه ودعا إليه ؛ آخذاً بأسباب الحياة وجودتها ، مع الاعتناء بإتقانه واتخاذ الأسباب من أجل تحصيل منافعه ؛ فقال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ﴾ [الملك: 15].
هكذا كفل ديننا الحنيف الاحتياجات الاجتماعية الأساسية للفرد ، لحفظ كيانه المادي والنفسي والاجتماعي والوصول به لطريق ونهج السعادة والرضا الداخلي..
هذه الاحتياجات بعد أن ذكرها ديننا الإسلامي ورسّخها كأساسيات وحاجات اجتماعية للفرد ، تم ذكرها في قاعدة هرم “ماسلو” مُؤخراً ، والتي قال ماسلو : “إنه لا يمكن العيش بدونها ، مثل الماء والهواء والطعام والمأوى ، ومن المهم تلبية جميع الاحتياجات الأساسية حتى يمكن الانتقال إلى مستوى متقدم من الاحتياجات في الهرم ، ومثّل على ذلك بقوله: يصعب الشعور بالانتماء الاجتماعي إذا كان الشخص يعاني من الجوع”..
دائماً ما ترتبط الاحتياجات الأساسية للإنسان في الجانب الاجتماعي مع جانبها النفسي وهي التي تتعلق (بالعلاقات والاندماج مع الآخرين) ، وهي ضرورية لتحقيق التوازن النفسي والعاطفي والاجتماعي من أبرز هذه الاحتياجات:
1.الانتماء:
الشعور بالانتماء إلى مجموعة أو مجتمع يشعُر الإنسان بالأمان والدعم من خلاله ، سواء كان هذا الانتماء للأسرة ، للزُملاء داخل المقر الدراسي أو مقر العمل ، للأصدقاء المُقربين أو لمجتمع أكبر كالوطن ، فهذه الفكرة الراسخة في نفس الفرد تشعره براحة وسعادة تامة وتملؤه أمان وتطرد عنه الخوف من صروف الزمان ، الإنتماء حصن دافئ يحيط بالفرد ويشعر من خلاله بوجود السند معه عند الحاجة ..
2.التواصل والتفاعل:
الحاجة إلى التفاعل والتواصل مع الآخرين من خلال الحوار والمناقشة والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية والرياضية والثقافية ، هذا التواصل يعزز الشعور بالتقدير والاهتمام والسعادة..
يحتاج هذا الجانب إلى تعلُّم ودراسة ومعرفة (أنماط الشخصية) وتطبيقها من خلال القراءة عنها أو تعلُّمها من أجل التواصل والتفاعل السليم حسب نمط الفرد الذي تتعامل معه اجتماعيًا ، سواء كان ذو نمط (بصري -سمعي-حسي) فإذا كان الطرف الآخر بصري يجب أن تُركّز أثناء الحديث معه والتعامل على حركات الجسد الواضحة من ملامح الوجه إلى حركة اليدين واعتدال الجسد ، فالجذب البصري مهم له ، بينما السمعي فهو يحتاج إلى نبرة صوتية واضحة مفهومة أثناء الحديث معه متوازنة بين نبرة العلو والإنخفاض والهدوء والقوة حسب حالة المستمع السمعي ، بينما الحسي يجب أن تُكثر عليه من مصطلحات الإحساس مثل : تصوّر – تشعر – تخيّل – تُحس – بارد – حار -دافئ .. وغيرها..
يحتاج الفرد أثناء التعامل الاجتماعي إلى تعلُّم ومعرفة (لغة التواصل) من خلال القراءة عنها أو دراستها مثل :(اللغة المكتوبة ، اللغة المسموعة الصوتية ، اللغة المرئية وتشمل الصوت والصورة) ، هذه اللغات أثناء تعامل الفرد مع الآخرين من خلالها يجب أن يتميّز ويتعلّم ويكتسب بالقراءة والإطلاع على أساسياتها ، من (الوضوع والدقة والهدف والغاية منها والبراعة في إيصالها) لينجح ويسعد أثناء التواصل والتفاعل مع المجتمع الخارجي..
فإذا طوّر الفرد من إمكانياته التواصلية التفاعلية مع الآخرين أستطاع بكل سهولة وسعادة ورضا تكوين علاقات داخلية جميلة مع -أسرته- ومحيطه الخارجي -المجتمع والعمل- في بناء علاقات اجتماعية وصداقات شخصية سليمة..
كل هذه الاحتياجات الاجتماعية وغيرها تساهم بشكل كبير في تحقيق السعادة والرضا والتوازن في حياة الإنسان ، وأي نقص فيها قد يؤدي إلى اضطرابات نفسية واجتماعية..
أحلام أحمد بكري
كاتبة رأي