نهج السعادة .. (أخلاقيات الجانب المهني)

………
كفل ديننا الإسلامي للعمل المهني أخلاقيات تشمل مجموعة من المبادئ والقيم التي تحكم سلوك الفرد في العمل ، بهدف تحقيق العدل والإتقان والتعاون ، من أهم هذه الأخلاقيات:
-(الإخلاص)يجب أن يكون العمل خالصًا لوجه الله ، مع الالتزام بالصدق والأمانة ، قال تعالى:(وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) التوبة ١٠٥..
-(الإتقان) يُطلب من المسلم إتقان عمله ، والحرص على تقديم أفضل ما لديه ، قال تعالى: (وأحسنوا إن الله يحب المحسنين) [البقرة:95]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب الإحسان على كل شيء” رواه مسلم ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين” رواه أبو داود ، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: “إن الله عز وجل يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” رواه الطبراني ، وعلى هذا فإتقان العمل وإحسانه فضل عظيم..
-(الأمانة)واجب على الفرد في عمله أن يتقي الله وأن يؤدي الأمانة بغاية الإتقان وغاية النصح ؛ يرجو ثواب الله ويخشى عقابه ، ويعمل بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا) [النساء:58]. يجب الحفاظ على حقوق الآخرين وعدم الخيانة في العمل..
-(العدل) يجب التعامل بعدل وإنصاف مع الجميع ، سواء مع الزملاء أو العملاء وإعطاء الناس حقوقها في العمل قوله سبحانه:﴿وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين﴾[هود:85]،..
-(التعاون) يُشجع ديننا الإسلامي على التعاون ومساعدة الآخرين في العمل فقد حث الإسلام على التعاون على كل ما فيه خير للدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى) {المائدة:2}، وقال عليه الصلاة والسلام: “المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً” رواه مسلم..
-(الالتزام بالوقت) وجاء الحث على المسابقة في تحصيل الخير استغلالا للوقت في نحو قوله تعالى: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) {البقرة: 148}.
وقوله تعالى :(وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) {آل عمران:133}.
حث ديننا الإسلامي على الحرص على الوقت التأكيد على ضرورة اغتنامه ؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اغتنم خمسا قبل خمس: حياتك قبل موتك، و صحتك قبل سقمك، و فراغك قبل شغلك، و شبابك قبل هرمك، و غناك قبل فقرك»رواه السيوطي في الجامع الصغير وقال الألباني: صحيح..
يجب احترام الوقت وعدم التأخير أو إضاعته..
-(الابتعاد عن الغش) يحرم الإسلام الغش بجميع أشكاله ، ولقد ذمّ الله عزّ وجلّ الغش وأهله في القرآن وتوعدهم بالويل، فقال تعالى: { وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينْ . الّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُون . وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } (المطففين:1-3)..
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “من غشنا فليس منا” ، ولأنه خيانة والله يقول جل وعلا: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)[الأنفال:27].
-(التواضع) يجب أن يتجنب العامل الكبر والغرور أثناء العمل ومزاولة مهنته ، من وصايا لقمان لابنه وهو يعظه في قوله تعالى:(وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ)(لقمان:18) ،
وقال صلى الله عليه وسلم:(إن الله أوحى إليَّ أن تواضعوا ؛ حتى لا يفخر أحدٌ على أحدٍ ، ولا يبغي أحد على أحد) ،[رواه مسلم] ، و قال صلى الله عليه وسلم: (ما نقصتْ صدقةٌ مِن مال، وما زاد الله عبدًا بعفو إلا عِزًا ، وما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه)؛ [رواه مسلم]..
-(المسؤولية)يجب تحمل المسؤولية والالتزام بالواجبات ، فيما رواه ابن عساكر وابن نعيم عن أبي هريرة : « إن من الذنوب ذنوباً لا يكفرها الصلاة ولا الصيام ولا الحج ولا العمرة ، يكفرها الهموم في طلب المعيشة » أي الإحساس بالمسؤولية والسعي في الكسب الحلال قصد التعفف ..
-(الرحمة واللين) يُفضل التعامل بلطف ورحمة مع الآخرين عامة وأثناء العمل بشكل خاص ، وعن عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى مَا سِوَاهُ” رواه مسلم ، وعنها: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ” رواه مسلم.
عن أنس بن مالك أَن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: “يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّروا، وَبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا” متفقٌ عَلَيْهِ.
عن جرير بن عبدالله يقول سمعتُ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُولُ: “مَنْ يُحْرَمِ الرِّفْقَ يُحْرمِ الخيْرَ كُلَّهُ” رواه مسلم..
.
هذه المبادئ الإسلامية إذا تحققت في بيئة العمل تعزّزها بشكل إيجابي كبير وتحقق النجاح والسعادة والرضا في الدنيا والآخرة..
……..
أحلام أحمد بكري
كاتبة رأي