كُتاب الرأي

نعيم قاسم والإدارة عن بُعد!

نعيم قاسم والإدارة عن بُعد!

لم يُذكر أن نعيم قاسم كان قائداً حزبياً منذ التحاقه بحزب الشيطان الإيراني في لبنان، رغم أنه كان شاهداً على قيام الحزب منذ نشأته عندما كان يقوده الشيخ محمد حسين فضل الله، الذي انشق عن الحزب حين رأى أن إيران هي المتحكم الفعلي فيه وفي توجهاته العدوانية ضد العروبة ولبنان! كما صاحب صبحي الطفيلي، الذي قاد الحزب وانفصل عنه لنفس أسباب فضل الله، بل كان الأشد انحيازاً لقضية الشعب، وقاد “ثورة الجياع” في لبنان، واختلف مع توجهات الحزب لأسباب سياسية وتدخلات إيرانية في قيادته وتوجهاته، وأصبح الآن من ألدّ أعدائه.

وكما ذكرت، فنعيم قاسم قائد “كومبارسي”، بمعنى أنه لا يحل ولا يربط، رغم مرافقته الطويلة لنصر الله النافق، ولكن القيادة تظل في من هو أشد ارتباطاً بإيران، وهذا ما كان يمثله وينفذه النافق حسن نصر الله.

لعل المتابع للأحداث الأخيرة في لبنان، وقيام الإسرائيليين باغتيال أغلب كوادر الحزب وقياداته، وهدم ملاجئهم على رؤوسهم، يتذكر كيف كان نعيم قاسم يلقي كلماته بعد نفوق السواد الأعظم من قيادات الحزب، وهو يتصبب عرقاً، وكان يتوقع وصول الصواريخ الإسرائيلية إلى مخبئه، حتى لو ذهب إلى أقصى لبنان، وهو ما فعله، وفعله بعض قيادات حزب اللات، حيث تمترسوا باللبنانيين الأبرياء واتخذوهم كدروع بشرية.

سبق أن قبضت القوات الإسرائيلية على نعيم قاسم وسجنته لديها، ثم أطلقت سراحه لاحقاً إثر اتفاق جرى مع الحزب أو صفقة عُقدت مع إسرائيل. وقد صرّح كيف عاملوه، وقالها بكل صراحة لقادة حزبه، وهي ستظل عاراً عليه ما دام على قيد الحياة! وهذا يعني أنه لا يصلح كقيادي مؤثر في الحزب، لكن الحاجة استدعت أن يكون الآن في سلم القيادة نظراً لنفوق قادة هذا الحزب الإيراني.

ألقى قبل يومين خطاباً زبد وأرغى فيه، كعادة قادة هذا الحزب، وكان مطمئناً، وربط ما يحدث في لبنان بدعم غزة، وهو سيناريو كاذب ومُلفق، ولا يمكن لعاقل أن يصدق هذه الترهات التي يزعق بها الحزب وإيران، فالأمر لا يتعدى المساومة على غزة والقضية الفلسطينية، من أجل إنهاء تدميرها وتشريد أهلها، أي من بقي منهم، وعقد صفقات إيرانية-إسرائيلية.

أما كيفية تهريب هذا القائد المغصوب بالقيادة إلى إيران وتحدثه من هناك وهو آمن حسب توقعه، وعدم وجله وخوفه وتصببه عرقاً، فالمعلومات المتواترة تشير إلى أن إيران استطاعت تهريبه. ولا يُستبعد أنه عاد في طائرة وزير الخارجية الإيراني (عراقجي) الذي طاف على الدول العربية ومنها لبنان، قبل الضربة الإسرائيلية المتفق عليها مع نظام طهران، أو أنه غادر بصحبة قاليباف رئيس مجلس الشورى الإيراني، الذي زار لبنان أيضاً، وأشارت المعلومات إلى أنه اصطحب في عودته من لبنان القيادي الحزبي وفيق صفا، الذي ربما كان بين الحياة والموت، من أجل إكمال علاجه في طهران.

لن يستطيع نعيم قاسم العودة إلى لبنان وقيادة حزب إيران الشيطاني من الجنوب اللبناني، وسيظل هارباً ومتخفياً حتى في وسط طهران، وسيقود الحزب مغصوباً ومؤقتاً حتى تجد إيران بديلاً له. وإن أرادته إسرائيل، فهي ستصل إليه، وربما باتفاق أو خيانة إيرانية، كما حدث لقائد حركة حماس (هنية) الذي لا تزال دماؤه تسيل في طهران، ولم يُؤخذ بثأره كما تزعم وتدعي إيران!

إذاً، لبنان أمام سيناريو تآمري لتدميره، ولا يُستبعد أن وجود نعيم قاسم على رأس حزب اللات هو اتفاق إسرائيلي-إيراني على تسلم هذا المنصب من أجل إكمال التخادم الإيراني-الإسرائيلي في تدمير لبنان وابتزازه سياسياً مستقبلاً لتحقيق أهداف إسرائيلية، قد تتعلق بمكامن الغاز والبترول التي كان يناقشها نصر الله مع الإسرائيليين. وهذا ليس ببعيد، خاصة أن نعيم قاسم كان مقبوضاً عليه وسجيناً لدى إسرائيل، التي لم تطلقه إلا بعد أخذ كل ما تريده منه شخصياً، ومن إيران التي تقف خلفه لتحقيق مآربها وأهدافها في لبنان.

يعيش لبنان في ورطة تآمرية كبيرة، والغريب في الأمر هو ذلك السكوت المريب من قياداته السياسية، وشخصياته المثقفة، وشبابه الذي ضاع مستقبلهم، وكذلك مكونه الشيعي، الذي ربما عرف الآن ماذا فعلت إيران بهم! لماذا السكوت وهم يرون بلدهم يحترق ويُهدم من أجل زمرة خائنة وبعض من المكون الشيعي المرتبط بتنفيذ سياسات إيرانية يقودها شِلَل خائنة، وعلى رأسهم نبيه بري، وسليمان فرنجية، وباسل جبران، وميشال عون، وقيادات أخرى مسيحية.

لبنان الآن على مفترق طرق، ولديه خياران، وقد أتت الفرصة للبنان واللبنانيين. الخيار الأول هو التخلص من مستعمرهم حزب اللات، الذي يمارس الآن دور الحكومة ويتفاوض نيابة عنها، عمّا إذا كان سيطبق القرار 1701 وينسحب إلى شمال نهر الليطاني، أم يستمر في تدمير لبنان، وما الكيفية بعد وقف الحرب الإسرائيلية؟ وهل يعود الحزب كما كان، معطلاً للحكومة بثلثه الظالم الذي أدى إلى تدمير لبنان، أم أن لبنان سيتحرر ويعلن مصيره، ويُلجم نعيم قاسم وحزبه في لبنان؟

الخيار الثاني، والأقل جدوى، هو أن يبقى الحزب بعد تآكله وتقوقعه مسيطراً على الساحة في لبنان، رغم قدرة اللبنانيين على نفض الغبار عن أنفسهم وإعادة لبنان دولة مستقلة تدير شؤونها بنفسها وبقيادة حرة وأمينة. وستظل الإجابة محيّرةً بين هذين الخيارين، وأي طريق سيسلكه لبنان ليأخذ بيده وبيد الحكومة والشعب نحو الاستقلال. وقد لا يتم الخيار الأول في ظل وجود البؤرة المتمثلة في بري وزمرته المستمرة في تدمير لبنان من أجل عيون إيران والمال الذي تنفقه على هذه القيادات العميلة!

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى