كُتاب الرأي
(نتنياهو والسلام )

محمد سعد الربيعي
(نتنياهو والسلام )
هل من الممكن أن نرى أو أن يكون رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو رجل سلام ! لعل هناك من يتذكر رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق اسحاق رابين ، وكيف كانت ! وهو من كان يعد من اليمين المتطرف ، ومن المعروف عنه كذلك أنه من أطلق جنوده لتكسير آيادي الأطفال الفلسطينيين بالحجارة عندما كانو يرمون جنوده بالحجارة في الإنتفاضة الفلسطينية حينذاك ، وكيف تغير رابين ذلك الرجل اليميني المتطرف وحاول أن يصنع السلام مع العرب والفلسطينيين وغير بوصلته المتطرفة الى السلام في فلسطين والشرق الاوسط ، وقاد تلك العملية بكل صدق واخلاص حتى أن إنبرى له يهودي متطرف وأطلق عليه النار وقتله!
كان إغتياله خسارة للعرب والفلسطينيين ، وكذلك للإسرائيليين الذين كانو سينعمون بالسلام في المنطقة وفتح أبواب دولها للشعب اليهودي ليعم السلام المنطقة والعالم ، ولكن الآيادي الخفية في الدولة العميقة التي تديرها الصهيونية في العالم هي من كانت تقف وراء ذلك الاغتيال ، وهو ما أدى بالتالي لفقدان رجل شجاع كاد أن يقود اسرائيل لصنع السلام مع العرب .
مايتعلق بنتياهو وموقفه الحالي وخاصة أنه لايختلف كثيراً عن رابين ، بل هو أشد تطرفاً وغلظة في التعامل مع العرب وقضيتهم الاولى في العالم ، وما طرأ مؤخراً على مواقف نتنياهو وزعمه بخلق شرق أوسط جديد قام من خلاله بتقليم أظافر ايران ، وطارد ذيولها وقضى عليها !
الآن وبعد كل هذه الحروب التي خاضها السيد نتنياهو وتربعه على السلطة في اسرائيل لأكثر من عشرون عاما، ولخلفيته التي تحصلت من خلال هذه الحروب والنزاعات التي دارها وشارك فيها ، أقول هل من الممكن أن تكون هذه الخلفية لرئيس الوزراء التي تخبط فيها يمنة ويسرة ، وبقيت اسرائيل كما هي ، هل من الممكن أن نراه صانع سلام عالمي يقوم من خلاله بقيادة دولته وفتح أبوابها الموصدة امام السلام ، والتحرك تجاه العرب أولا ، ومد يده للدول العربية ، وخاصة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج ، ليقود صنع سلام ثابت وصادق مع هذه الدول التي ستكون بوابته للسلام العالمي وخاصة منها المملكة العربية السعودية كما أسلفت التي ستفتح لنتنياهو كل أبواب الدول الاسلامية ومن بقي من الدول العربية .
أعتقد إن كان هناك عقلاء في اسرائيل وحزب الليكود وبجانب نتنياهو ، وكذلك هو شخصياً أن يستغلوا هذه الفترة ويعلن رئيس الوزراء نتنياهو بترحيبه بالدول العربية والموافقة على الاتفاقية العربية التي قادتها المملكة منذ عهد المغفور له الملك فهد رحمه الله عام 1982م ، وكذلك مبادرة الملك عبدالله طيب الله ثراه .
عندئذً أعتقد أن نتنياهو سيصبح رجل سلام وربما تقوده مبادرته تلك لنيل جائزة نوبل للسلام بدلاً من ملاحقته من قبل محكمة العدل الدولية ، وهذه فرصة للسيد نتنياهو وهو قد يستغلها ونراه رجل سلام في اسرائيل ومع العرب وفي العالم .
أعتقد بعد هذه الحروب التي عاشتها اسرائيل وتعيشها الان ، وخاصة بعد استهداف ايران لدولة اسرائيل والتدمير الذي حدث نتيجة هذه الحرب الاخيرة أن يفكر كل سياسي اسرائيلي ، وكذلك المواطنيين الاسرائيليين أن لامناط لهم من السلام مع العرب والفلسطينيين بشكل خاص والمسلمين والعالم بشكل عام ، يضاف لذلك مايعانيه الشعب اليهودي من تضييق نشأ نتيجة مايحدث في غزه حيث فتحت هذه الاحداث الاجرامية في حق الشعب الفلسطيني أعين العالم على اسرائيل وماتقوم به من إبادة بحقه وإستلاب أرضه.
اذاً نحن أمام معترج في طريق طويل يتخلله الكثير من العوائق والتضاريس الصعبة من أجل الوصول وتحقيق مثل هذه الخطوة التي قد يبادر بها السيد نتنياهو ويكسب من خلالها إرثاً عظيماً له ولشعبه اليهودي وللعرب وللمسلمين ، ولكل محبي السلام في العالم ، فهل نرى مبادرة أو خطوة شجاعة من نتنياهو تجاه السلام وتحقيقه مع العرب والعالم ، في إعتقادي أن نتنياهو رجل شجاع ، وربما نراه يبادر ويفتح طريقاً ظل مغلقاً لما يزيد عن ثمانون عاما ، ويحيي كل مبادرات السلام لتعود المنطقة كلها وتنعم بالسلام ، وبالتالي تتجه شعوبها لتنمية بلدانهم وتوجيه مواردها لخدمة هذه الشعوب المحبة للسلام .