كُتاب الرأي

( نتنياهو في الأمم المتحدة)

اللواء/ محمد سعد الربيعي

عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي مرة أخرى للأمم المتحدة ، وذكر في كلمته التي كانت شبه تهديدية لمحور الممانعة أمام العالم كله ، وقال أنه لم يكن مقرراً الحضور له في ظل الحرب التي يشنها حزب إيران على شمال إسرائيل ، ولكنه حضر لتصحيح بعض الأمور .
تجاهل أغلب رؤساء وفود العالم كلمة نتنياهو التي أستشهد فيها ببعض الأقوال التوراتية التي يستطيع العزف عليها بحكم قدرته في التوجه للعالم الغربي لإقناعهم بسلامة وصدق إدعاءاتهم في فلسطين المحتلة ، وكانت صالة الأمم المتحدة شبه خالية عدا من بعض من أحضرهم نتنياهو معه للتصفيق له اثناء كلمته معتبراً أنهم من ضحايا 7 أكتوبر.
لم يتحدث نتنياهو عن الخطة الفرنسية الأمريكية حيال إيقاف الحرب في جنوب لبنان، ولم يمر عليها في حديثه الذي أصر فيه على مواصلة الحرب حتى أن يقضي على على الحزب في لبنان ، وأذرع إيران في سوريا واليمن والعراق.
وحذر العالم من خطورة إيران ، وبرنامجها النووي ، وقال أنهم استطاعوا تعطيله ، ولكنهم لم يوقفوه !
تحدث عن حركة حماس ، وقوتها العسكرية التي كانت تزيد عن أربعون ألف مقاتل ، وذكر بأنه قضى على نصف هذه القوة ، وأنه سيواصل مطاردة هذه الحركة وكوادرها حتى القضاء عليها ، وعرج على أنفاق حماس ، وقال بأنها حفرت شبكة من الأنفاق تتجاوز خطوط شبكة نيويورك ، وأنه استطاع تدمير تلك الأنفاق ، وقال بأنهم لم يجوعوا الفلسطينيين ، وأن إسرائيل تقدم الغذاء الذي يتم سرقته من حماس ، ويباع في السوق بأسعار مرتفعة ، وقال بأنهم لايريدون الاستيلاء على غزة ، بل القضاء على حماس وإطلاق سراح المختطفين وإعادة رفات المقتولين .
كانت أغلب كلمته عن إيران وحزب اللات في لبنان ، ونادى بخروج الحزب من لبنان ، وذكر بأنهم دمروا مخزونات هائلة من الأسلحة التي خزنت في المدارس ، والشقق المفروشة ، والمطابخ ، ومواقف السيارات ، وفي كل بناية يسكنها المواطنيين في لبنان ، وعرج على من تمت تصفيتهم ، وأكد على أنهم سيصفون كل من يأتي بعدهم ، ومن بعدهم أيضاً، وكل من يحل مكانهم مستقبلاً .( اغتيال نصر اللات أتى بعد كلمته بساعات قليلة) .
مايلفت الإنتباه هو قيام نتنياهو بإستعراض خريطتين أمام رؤساء الوفود الموجودة في الأمم المتحدة ، سبق له استعراض خريطة في كلمته السابقة عن طريق الحرير ، وأشار بأن الخريطة الأولى هي خريطة النعمة والأخرى خريطة النقمة ، وأن الأولى هي طريق الخير والتي ذكر فيها أنها فشلت بهجوم 7أكتوبر الذي شنته حماس على إسرائيل بدعم إيراني لافشال طريق الخير ، بينما قال عن الخريطة الثانية أنها خريطة نقمة وخريطة الشيطان التي ترعاها إيران وتدافع عنها ، وحبر في الخريطة باللون الأسود على دولة إيران والعراق وسوريا ، وأشار للدور السعودي الذي قال عنه بأنه كان من الممكن أن ينجح في طريق وخارطة الخير لولا تدخل إيران وأذرعها في المنطقة ، وتوريط إيران لحماس في حرب مع إسرائيل .
كان يبدو أن خطاب نتنياهو ذاك موجهاً للعالم الغربي والأمريكي الذي ضاق ذرعاً من نتنياهو ، وكذلك للداخل الإسرائيلي في محاولة لإقناعهم بسلامة مايذهب إليه من فتح جبهات ، ومطاردة أذرع إيران في المنطقة ، وهو على مايبدو سيلقى آذاناً صاغية وقبول لدى الجمهور الإسرائيلي، وخاصة بعد نجاحه في اغتيال نصر اللات الذي كان صيداً ثميناً لإسرائيل وقواتها الاستخبارية والمسلحة .
إسرائيل جاده في الذهاب إلى نهاية الطريق مع حماس وحزب اللات ، وسوف تنتصر في النهاية ، وهذا مايبدو من خلال عملياتها العسكرية المتقنة في التنفيذ ، ويساعدها في ذلك تخلي إيران وخشيتها ( خوفها) من المواجهة مع إسرائيل لأنها في النهاية ستلقى مصير حزب اللات وحركة حماس ، وهي بالتالي ستقف موقف المتفرج ، بل موقف الخائف وربما تطلب إيران من أمريكا وفرنسا إيقاف يد إسرائيل الطويلة ، كما أشار نتنياهو لكي لاتمتد لطهران ، وسيكون الثمن باهضاً عليها ( إيران )التي ليس لها خيار سوى تقديم قرابين أخرى خلاف نصراللات ، وهنية ، لإسرائيل من أجل إيقاف مدها العسكري ضدها.
من خلال تعامل بنيامين مع حزب اللات وحماس رغم تدمير وقتل الآف من الأبرياء ، إلا أن الرجل يبدو شجاعاً في قراراته ، ويظهر أنه على خلاف مع بايدن وحزبه الديمقراطي الذي يتماها مع إيران ، وحسب هوى الأخيرة ، وهو بذلك ترك كل شيء خلف ظهره ، وأدار عملياته التي نجحت في اصطياد أعضاء حماس وحزب اللات ، ولازال مصراً على إنهاء هذه الحرب بالقضاء عليهم ، ولعل موقفه هذا يذكرنا بموقف اسحاق رابين الذي كان له دوراً مماثلاً في الحرب على الفلسطينيين ، وكان شجاعاً ، ولكنه عدل عن ذلك ، وفاوض العرب على السلام الذي لقي حتفه من أجله ، ماأود الذهاب إليه هو أن على العرب توحيد رؤيتهم ، ومحاولة فتح باب مع نتنياهو لأنه يبدو لي أنه يمكن من خلال هذا الرجل الوصول لسلام الشجعان الذي كان يردده أبو عمار ، وفي نفس الوقت تعود الحكومة اللبنانية ، وتمنع الحزب من العودة للجنوب اللبناني بأي شكل كان وبأي ثمن تدفعه لبنان للدفاع عن أرضها التي اغتصبها الحزب ، بل طرده من لبنان بشكل كامل ، وترك التباكي الكاذب من الحكومة والمواطنيين بشكل عام على هذا الحزب وعناصره ، ! الذين أفسدوا في لبنان وجعلوه مطيةً مطيعةً لروافض الفرس في طهران ، وكذلك العمل مع السلطة الفلسطينية لفرض إرادتها على غزة وطرد أعضاء حماس المتواطئين مع طهران ، بل الزج بهم في السجون إن لم يعودوا لرشدهم ، هي هكذا الصورة الحالية والتي يجب استغلالها وعدم تفويت الفرص ، كما فاتت من قبل ، والعمل على إعادة خارطة طريق الخير التي ستكون فائدتها لمنطقة الشرق الأوسط والعالم بشكل عام.

كاتب رأي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى