*نتنياهو بين النرجسيَّة والخوف !!*

*نتنياهو بين النرجسيَّة والخوف !!*
*عبدالمحسن محمد الحارثي*
في مطلع سبتمبر 2025 ؛ صرّح نتنياهو بأن إسرائيل “ لن تتوانى عن ملاحقة الإرهابيين أينما كانوا” ، موجهًا تحذيرًا مبطَّنًا لقطر بسبب استضافتها قيادات من حركة حماس.
جاء هذا التصريح في وقت تلعب فيه قطر دورًا دبلوماسيًا مهمًا في التهدئة والتوسط بين الأطراف ، وردَّت الخارجية القطرية بوصف التصريح بـ “ التهديد المتهور” ، مؤكدةً رفضها لأي تدخل في سيادتها .
نتنياهو، منذ بداياته السياسية، يعيش صراعًا داخليًا على الشرعية أمام منافسيه ، سواء في الداخل الإسرائيلي أو على الساحة الدولية.
هذا الصراع يدفعه دائمًا إلى اتخاذ مواقف تُظهره كـ “ قائد لا يُقهَر ” ، قادر على فرض شروطه على أي طرف ، حتى على دولة ذات سيادة كقطر.
في التحليل النفسي ؛ يُعد هذا نمطًا من “التعويض النرجسي” ، حيث يسعى الفرد إلى تعظيم صورته خارجيًا للتغلب على شعور داخلي بعدم الكفاءة أو التهديد من فقدان السيطرة والسلطة.
يُعرف هذا في علم النفس السياسي بـ “ قلق السيطرة ” ، والذي يدفع بعض القادة إلى اتخاذ قرارات تصعيدية لاستعادة الشعور بالقوة والهيمنة ، وهذا النوع من النرجسية يرتبط غالبًا بسلوك “ كل شيء إما معي أو ضدي”، ويقود إلى قرارات راديكالية أو تهديدات .
نتنياهو ليس أول زعيم يستخدم التهديد الخارجي كأداة سياسية داخلية. فمثلًا:
• فلاديمير بوتين: استخدم التهديدات ضد أوكرانيا لتبرير تدخلاته وتحقيق التفاف داخلي حوله.
• رجب طيب أردوغان: غالبًا ما يوظف الخطاب الأمني والخوف من “المؤامرة الخارجية” ؛ لتعزيز موقعه.
• صدام حسين: غزا الكويت جزئيًا ؛ لإثبات قوته بعد سنوات من الضعف الداخلي.
في كل هذه الحالات، كان البُعد النفسي – المتمثل في الحاجة للهيبة أو الخوف من الضعف – يلعب دورًا جوهريًا ، من خلال نمطيَّة التفكير الثنائي الذي يُبسِّط الواقع ويُبرر العُنف.
تصرفات نتنياهو الأخيرة تجاه قطر واِختراق سيادتها ؛ تكشف عن دوافع تتجاوز السياسة التقليدية إلى الاستخدام العسكري ، وتُظهر شخصية تخشى فقدان الهيمنة ، وتُوظف الخطاب التهديدي كوسيلة لتعزيز صورتها داخليًا وخارجيًا ،
وهُنا تتقاطع السياسة بالهوية، والمصلحة بالخوف، والسلطة بالنرجسية ، في رغبة عميقة لتعزيز هيبته الإقليميَّة !!
كاتب رأي