مُتقاعد لا تكلمني .. (السياحة و السفر) 1-2

أيها المُتقاعد ، يقول الإمام الشافعي رحمه الله في فوائد السفر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلى وسافر ففي الأسفار خمس فوائدِ
تفريجُ همٍ واكتسابُ معيشةٍ وعلمٌ وآدابٌ وصحبةُ ماجدٍ.
ويقول أيضاً:
سافرْ تجدْ عوضاً عمّن تفارقُه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصبِ
إني رأيت وقوفَ الماء يفسدُه
إن ساحَ طابَ وإن لم يسحْ لم يطبِ
والشمسُ لو وقفت في الفلك دائمةً
لملّها الناسُ من عجمٍ ومن عرب.
أجمل ما فعله الشافعي أنه اختزل فوائد السفر بعبارات قليلة ولكنها عميقة وتحمل في طياتها مضامين وأفكاراً كثيرة ، لو أردنا تحليلها ، لن يكفينا مُجلّدٌ في الشرح والتوضيح..
يقول أحد الكتاب:
” نحن لا نسافر للهروب من الحياة ولكن كي لا تهرب الحياة منا “..
أيها المُتقاعد ، اِعلم أن السفر متعدد الأغراض حسب حاجة السائح المسافر ، فهناك سياحة:
( دينية ، ترفيهية ، ثقافية ، علاجية )..
يقول المثل العربي:
“من يعيش يرى كثيراً ، من يسافر يرى أكثر “..
أعظم السفر هو السياحة (الدينية) ، نحن كمسلمين ما بين الحين والآخر نهرب من ضغوط البشر وتكالب الحياة لأطهر البقاع على وجه الخليقة
(مكة المكرمة و المدينة المنورة)
نلجأ إليها سائحين للترويح عن أنفسنا ونتجه لبيت الله الحرام كي نفرغ ما في أرواحنا المتعبة لله الواحد الصمد ونطهّر قلوبنا وعقولنا من الشوائب التي علقت بنا أثناء رحلة الحياة ، ثم نتوجه لمدينة رسولنا محمدٍ الكريمِ – عليه أفضل الصلاة والسلام- طالبين الأُنس بجواره والاطمئنان في رحاب مدينته..
أيها المتقاعد ، ستكون وجهتك للحرمين الشريفين متاحة في كل وقت ، تذهب لها متى ما شئت دون قيود العمل ، فأنت مَلِكٌ الآن ، لن يمنعك شيء عن زيارتها والسفر إليها منفرداً أو مع من تُحِب من الأهل والأصدقاء ، أكثر من التردد عليها والسفر إليها ، واجعل فؤادك دائماً متعلقاً بها..
وعندما تبدأ أيها المتقاعد بالتخطيط للسفر عليك أن تبدأ ببلدك وموطنك ، تجوّل فيه سائحاً من أقصاه لأدناه ، وتعرّف عليه شِبراً شبِرا ، واستمتع بتنوع تضاريسه وجمال أجوائه وقف على ماضيه وتعلم منه وانظر لحاضره وافتخر به ، واعتز بأنك تنتمي له..
نُكمل أغراض السفر و السياحة ، غرض السياحة (الترفيهية) أو كما يحلو للبعض تسميتها السياحة الترويحيّة ، تأتي بالدرجة الثانية بعد السياحة الدينية ، لغرض إدخال الفرح للنفس و إراحة الروح..
يقول الدكتور والكاتب غازي القصيبي:
” عوّد نفسك على الفرح حتى يعتاد هو عليك ، وأعطِ نفسك الأمل حتى تجد الدنيا بين يديك ، افرح بما لديك حتى يأتيك أكثر مما تتخيل “..
و من هنا أبدأ بتنظيم رحلة سياحية ترفيهية مع من تُحب إلى وجهة أنت ترغبها وتأنس بها ، شاطئية أو بريّة أو جبليّة أو ريفيّة ، وتخيل أثناء التنظيم مدى الفرح الذي سيتسلق قلبك ، والأمل بقضاء وقت مُمتع أثناء الرحلة ، ضع جدولاً للرحلة يتناسب مع ميزانيتك الماديّة ، حتى وإن كانت المادة المتاحة في يديك بسيطة أسعد بها و افرح بالمتاح بين يديك وعش كل لحظة بسعادة و تلذذ بها..
.
أيها المُتقاعد ، السفر حياة أخرى تُضاف لحياتك ، عش مرتين مردداً ، شعارنا الدائم..
(متقاعد ، لا تكلمني)..
………………..
أحلام أحمد بكري
كاتبة