كُتاب الرأي

من يُعلِّم الجائع الصبر؟

من يُعلِّم الجائع الصبر؟

بقلم / موضي عوده العمراني

من يُعلِّم الجائع الصبر؟
سؤالٌ يطرق أبواب الضمير الإنساني قبل أن يُدوَّن في الورق. فكيف لمن يَعضّه الجوع أن يتعلّم الصبر على فراغ المعدة، وأن يُقنع روحه بأن الأمل وجبةٌ مؤجلة في زمنٍ قاسٍ لا يُشبع سوى الأقوياء؟

الجائع لا يبحث عن دروس في التحمل، بل عن لقمة تحفظ له إنسانيته.
فالصبر جميل حين يكون اختيارًا، لكنه يصبح مرًّا حين يُفرض قسرًا على الجائع والعاري والمقهور.
يُقال “الصبر مفتاح الفرج”، لكن أين الفرج لمن لا يملك بابًا يفتحه؟
أين العزاء في كلمات تُقال من أفواه شبعت، بينما العيون الجائعة تُطالع الموائد من بعيد؟

الجوع لا يسرق القوت فقط، بل يسلب الكرامة أيضًا. يجعل الإنسان يقف على حافة نفسه، بين أن يبقى نبيلاً أو أن ينهار تحت وطأة الحاجة.
وفي تلك اللحظة، لا تُعلِّمه الخُطب ولا الشعارات، بل يعلّمه الألم أن الحياة لا ترحم الضعفاء.

من يُعلِّم الجائع الصبر؟
ربما تُعلِّمه لقمةٌ من يدٍ عطوفة، أو نظرة رحمةٍ صادقة، أو نظامٌ عادلٌ لا يترك أحدًا خلفه.
الصبر ليس دواء الجوع، بل العدالة هي الشبع الحقيقي، والرحمة هي المدرسة التي لا يتخرّج منها أحد إلا وقد فهم معنى الإنسانية .

كاتبة رأي

 

موضي العمراني

كاتبة رأي وإعلاميّة وشاعرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى