من معالم العلا : المعظم (١)

من معالم العلا :
المعظم (١)
من منازل الحج الشامي ، بين العلا وتبوك ، نسبة للملك المعظم الأيوبي ،
ويسمى المُعظم قديماً ( الحاكة ) أورده ياقوت بالخاء أما المتعارف عليه فهو بالحاء.
نسبة لوادي الحاكة الذي يصب في قاع المعظم من جهة الجنوب.
جاء في البداية والنهاية لابن كثير قوله : سنة ٦١١ ه حج الملك المعظم بن العادل ، ركب من الكرك على الهجن في حادي عشر ذي القعدة ومعه ابن موسك مملوك أبيه ، وعز الدين أستاذ داره ، وخلق ، فسار على طريق تبوك والعلا وبنى البركة المنسوبة إليه ، ومصانع آخر )
وذكر ابن شجاع الدمشقي سنة ٦٢٣ه أنها المنزلة العشرون من دمشق ، وسماها أسفل الحاكة ، وقال ( بين جبلين بوادي ضيق وواسع ، بها أشجار ونبات وشوك وشجر عوال وبركة كبيرة من تجمع ماء المطر ، وهي في أرض العرب من بني بلي )
وزارها بن بطوطة سنة ٧٢٦ ه وقال عن البركة 🙁 وهي ضخمة ، نسبتها للملك المعظم من أولاد أيوب ، ويجتمع بها ماء المطر في بعض السنين ،وربما جفّ في بعضها )
تجديد بركة المعظم :
ذكر الدكتور علي غبان في كتابه الآثار الإسلامية شمال غرب المملكة أنه رأى مسلتين عليهما نقش عربي ، وقد نُقلت هاتان المسلتان إلى المتحف الوطني بالرياض. وجاءت النقوش في المسلة الأولى على ثلاثة جوانب ، على حجر مربع.
النقش الأول : لعمار الحرمين ، بسم الله الرحمن الرحيم ، جدد هذا المكان المبارك في أيام مولانا المقر الأشرف العالي المولى الأميري الكريمي السيفي الأتابكي نظام الملك )
النقش الثاني ؛( الشريف وأتابك العساكر المنصورة الإسلامية يلبغا الملكي الأشرفي أعز الله أنصاره )
الثالث 🙁 وكان العمل فيه من ماله ابتغاء لوجه الله تعالى ، بتاريخ نهار الحد (الخير ) من شهر ربيع الآخر سنة سبع وستين وسبعمئة ، كتبه محمد بن عباس الكركي ).
وفي المسلة الثانية أنه من عمل المعلم أبي بكر بن عيسى بن عبدالله ، وأحمد بن محمد عمرو الصفد النحاس ، رحم الله الأمير يلبغا؛ وقد قتل بعد أقل من سنة من هذا العمل الخيري.
وذكر المعظم ابن فضل العمري في مسالك الأبصار فقال ( ومن أشهرها بركة المعظم ، أمر ببنائها الملك المعظم عيسى بن العادل – قدّس الله روحه ) الضمير في أشهرها يعود على المفازة العظمى بين تبوك والعلا.
ومر على بركة المعظم ابن طولون سنة ٩٢٣ ه وذكر أنها جافة.
كما ذكرها قطب الدين النهروالي مع قافلة الحج سنة ٩٦٥ ه فقال ( وهي بركة واسعة مبنية بالحجر والجص والنورة بناءً محكماً ، بحيث تدخلها السيول من الجهات الأربع أيام الأمطار ، ويستمر فيها الماء مدة ، بناها الملك المعظم صاحب (حلب ) للحجاج.
كما ذكرها أيضاً محمد كبريت الموسوي المدني برفقة حج الشام سنة ١٠٤٠ه فقال 🙁 أتينا على المعظم ، وهو وادي فيه قلعة عثمانية عمرت سنة احدى وثلاثين وألف غير أنه لم يكن بها ماء ، وقد أشرفت على الدمار
ويقول بعضهم فيها :
ياذا المعظم إن فيك لقسوة
فلأي معنًى قد سميت معظماً
إن المعظم من يغيث وفوده
وأراك أفنيت الأنام من الضما
وعند القلعة بركة عظيمة متسعة جداً، ولها خمس وعشرون درجةً.
وقال فيها حاجي خليفة سنة ١٠٤٥ه “بركة المعظم : عبارة عن حوض كبير أقيم ليملأ بمياه السيول ، ويظل فارغاً من المياه عند انقطاع الأمطار”.
وقد ذكرها الكثير من الرحالة والعلماء في رفقة قافلة الحج وغيرها.
وممن ذكرها :
١- أوليا جلبي سنة ١٠٨٠ ه وقال : تمكن البدو من الدخول إلى القلعة سنة ١٠٣٥ ه بعد استشهاد كل حراسها ، ومما قال أيضاً ‘ وقد قام الملعون (ابن راشد) بغلقها في السنة الماضية )
٢- مرتضى علوان الدمشقي سنة ١١٢٠ ه وذكر أنها معطلة.
٣- وذكرها ابن كنان الدمشقي في أحداث ١١٣٣ ه حيث قال 🙁 في يوم السبت خامس شهر ذي الحجة سافرت الجردة وأميرها إبراهيم كرت ، ومعه نحو السبعين بيرقاً ومعه أيضاً معماريين ونجارين وحدادين لعمارة قلعة المعظم وإصلاح البركة هناك ….)
٤- ومرها أيضاً محمد أديب درويش سنة ١١٩٣ه قال عنها (فيها بركة عظيمة تملأ السيول ومساحتها ثلاثة آلاف ذراع مربع وهي خراب تحتاج لترميم )
٥- ومرها المكناسي سنة ١٢٠١ه وقال (ولم ينزل الركب بالمعظم كالعادة لأنه لم يكن فيها ماء)
٦- وفي عهد إبراهيم باشا سنة ١٢٥١ ه كتبت لجنة تفقد الموارد عنها تقريرا يقول ( هذه القلعة تقع في الطريق على مسافة سبع عشرة ساعة من قلعة الأخضر. وقد بنيت بالحجر على شكل مربع ….. وقد عمد محافظها إلى طمر بابها بالتراب مخافة أن يخربها العربان ……إلى آخره. )
٧- المستشرق داوتي مر القلعة مع قافلة الحج الشامي سنة ١٢٩٤ه وقال 🙁 بركة المعظم جانبها قلعة مهجورة ، هذه القلعة هي الأجمل والأعظم على طول الطريق ، كانت البركة خربة ، وليس بها ماء ، لهذا انطلقنا غير متوقفين ، حيث الأمل الوحيد هو بركة الدار الحمراء ؛ هذه المنطقة إلى الحجر قليلة الأمطار وفي مدائن صالح لم تمطر خلال ثلاث سنوات إلا مرة أو مرتين ).
٨- مر المعظم التونسي سنة ١٣٠٠ ه وقال أن بركتها من أوسع البرك وقال أيضاً ؛لم ينقص من مائها إلا نحو نصف ذراع.
٩- الرحالة الألماني أوتنج زار المعظم سنة ١٣٠١ ه حيث ذكر أن في القلعة حارس مغربي من مدينة فاس اسمه سي محمد الشرقاوي وعائلته ، وتناول القهوة عنده.
١٠- مر المعظم محسن الأمين العاملي سنة ١٣٢١ه وقال 🙁 وصلنا في الساعة الثالثة من نهارها إلى المعظم …)ووصف البركة أنها عظيمة ، ماؤها من المطر ، لكنه لم يكن فيها ماء).
وقد زار فريق الصحراء المعظم سنة ١٤٢٧ ه فوصفوا البركة :
قالوا 🙁 وقد زرنا نحن فريق الصحراء القلعة عام ١٤٢٧ ه حيث رأيناها مبنية بناءً قوياً بالحجر الأصفر، وهو مأخوذ من الجبل الواقع خلفها ، وبقاؤها قائمة خلال أربعة قرون أعظم شهادة لمهندسيها وبنائيها بجودة العمل )
وذكر الفريق نقشين في القلعة :
النقش الأول : على يمين الداخل من البوابة على لوحة مرتفعة ، ترجمها الاستاذ علي غبان أستاذ الآثار والدراسات الإسلامية بجامعة الملك سعود ( تقبل إلهي أمنيات سليمان آغا ورغباته حاكم بلاد الشام الوزير سليمان الذي فكر وسعى في بناء هذه المنشأة وقام السلطان بمساعدته ، بما كان خير عون له شمله الله بواسع مغفرته، وبتقرأ الفاتحة بحقه ويدعى له )
أما النقش الثاني فعلى اليسار عبارة عن أبيات شعرية باللغة التركية مختصرها ( أمر السلطان عثمان سلطان السلاطين بإنشاء هذه القلعة ، وحفر هذه البركة الكبيرة ، وفي وسط القلعة بئر ، كتبه يوسف سنة ١٣٣١ه.
وذكر الفريق أيضاً : في الدور الثاني غرف ومحراب فيه نقس جميل ترجمته ( باسم الباقي الخلاق ) ترجمه الشيخ محمود ياسين الذي مر القلعة سنة ١٣٥٨ه.
وهناك درج إلى الدور الثالث ، فيه آثار قبة وروشن مخيط بالقلعة ومزاغيل لرمي الرصاص ، ونقش أحد محافظي القلعة اسمه ‘قد كان أونباشي محافظ الحصن ، عارف أفندي العسلي في رمضان ١٣٢٠ه وبيت شعر ؛
نزلنا هاهنا ثم ارتحلنا
كذا الدنيا نزول وارتحال
وقالوا :”وجدناها مربعة الشكل ، يبلغ طول الضلع ٦٠متراً ، عميقة ، ولم نستطع قياس عمقها؛ لأننا وجدنا منها مقدار خمس عشرة درجة مملوءةً بالماء ، وأخبرنا راعي إبل هناك أنّ هذا الماء من بقايا سيل العام الماضي ، ولا تزال بركة المعظم في حال ممتازة على العموم ، وتؤدي الغرض منها ، ومما يسر أن البدو لا يزالون يستفيدون منها ، وقد ركبت مضخة لسحب الماء لسقي الإبل )
والمعظم اليوم عليه قرية تسمى المعظّم ، فيها بيوت قليلة متفرقة ، وتقع على مقربة من قلعة المعظم ، وبها مركز للشرطة ومدرسة ومسجد جامع وسكان قلائل ، ومحطة للوقود .
بقلم / محمد سعيد المرواني
مراجع :
١- البداية والنهاية.
٢- هامش (١) ( مرحلة المعظم من كتاب رحلات الحج الشامي ص ٣٠٠ إلى ٣١٣ )