من مظاهر أثر التغافل بين الزوجين

من مظاهر أثر التغافل بين الزوجين
الحياة الزوجية والأسرية رحلة جميلة ورائعة مليئة بجديد الأحداث والوقائع وعظيم وصغير التحديات والصعوبات والعقبات ؛ وفي هدير الأمواج الهادرة وارتفاعها على مستوى سفينة الحياة الزوجية يبقى الزوجان الكريمان ممسكان ببعضهما خوفا من الغرق جميعلً !، وطمعاً في الفوز والنجاة من تلك اللحظات العصيبة التي تمر بها تلك السفينة المباركة .
كثيراً ما تكون بعض تصرفات وسلوكيات الزوجة الصالحة على خلاف ما يرغب ويحب الزوج ! وكذلك قد تكون بعض تصرفات وسلوكيات الزوج على خلاف ما ترغب وتحب الزوجة الصالحة! وخصوصاً في إدارة الميزانية للحياة الزوجية والأسرية! وكذلك في تصرفات وسلوكيات الأولاد ! أو بعض المواقف الحياتية التي تنتظر الزوجة في الزوج الموقف الذي تريده ! أو كذلك ما ينتظره الزوج من الزوجة في أخذ الموقف الذي يريد !
هناك بعض الزوجات الكريمات يشتكين من طريقة كلام أزواجهن !! يقلن : يغلب على صوت زوجي الصراخ والصياح ! وبعضهن يقلن : زوجي صاحب لسان بذئ ! فهو السّباب اللّعان العيّار ! وأخريات يقلن : أكثر أزواجنا أخلاقهم وسلوكياتهم سيئة جداً ! وربما في بعض الفترات من الخصام والغضب والعراك يصعب التعامل معهم ! فنلوذ بالصمت والهدوء والسكينة عند قدوم تلك العواصف منهم !
كذلك بعض الأزواج الكرام يشتكون من زوجاتهم ! سواء كان موضوع الشكوى التصرفات والسلوكيات لدى الزوجات الكريمات والتي يرونها غير مقبولة لهم ! كرفع الصوت الدائم المستمر عند الحوار والنقاش ! أو الإسراف والتبذير عند إدارة المال ! أو عدم القيام بأداء الواجبات الحياة الزوجية والأسرية! وغيرها من التصرفات والسلوكيات السيئة التي لا يرغبون فيها الأزواج !
حقيقة الحياة الزوجية والأسرية مبنية على أداء الواجبات والحقوق الزوجية والأسرية ثم على المودة والرحمة بين الزوجين الكريمين! ثم الفضل والفضل بين الزوجة الصالحة وزوجها ! وبين الزوج الصالح وزوجته !
وقيام الزوج بأداء واجباته كاملة تجاه زوجته ! وقيام الزوجة بأداء واجباتها كاملة تجاه زوجها ! فيه من الخير والصلاح والتوفيق والبركة والفلاح للزوجين وللأسرة وللحياة الزوجية والأسرية السعيدة الطيبة !
هناك عدد من الكماليات والمرفهات والزوائد على الحقوق والواجبات في الحياة الزوجية والأسرية ! هذه على الزوج أن يغض الطرف عنها ! ولا يطالب بها ! ولا يعلق سعادته وسروره عليها ! وكذلك بالنسبة للزوجة ؛ عليها أن تتجاوز وأن تغض الطرف عن تحقيق تلك الكماليات والمرفهات في الحياة الزوجية والأسرية!
بعض التصرفات والسلوكيات من الزوج ! وفي الزوج ! في صفاته الشخصية! على الزوجة أن تتعامل معها بخلق التغافل ! وعدم التركيز عليها ! وعدم تضخيمها! وتركها تمر وتعبر اللحظات والدقائق دون تدخل منها ! وكذلك لدى بعض الزوجات بعض التصرفات والسلوكيات التي يجب على الأزواج أن يغضوا الطرف ! وأن يتغافلوا عنها !
فمن مظاهر أثر خلق التغافل في الحياة الزوجية والأسرية وعلى الأزواج الكرام والزوجات الكريمات:
أولاً: قبول الزوج للزوجة كما هي ! في شكلها ! في طولها ! في جمالها ! في نمط شخصيتها ! في هدوئها وصمتها! في صخبها وعنادها! في كل شيء فيها ! فهي الزوجة الحبيبة والعزيزة!
ثانياً: قبول الزوجة للزوج كما هو ! في شكله ! في خلقه ! في شخصيته ! في طموحه وأحلامه! وفي تصرفاته وسلوكياته.
ثالثاً: اكتساب الزوج والزوجة الراحة والسعة النفسية والمزاجية ؛ بالتغافل عن تلك التصرفات والسلوكيات المزعجة.
رابعاً: يغلب على أجواء الحياة الزوجية والأسرية الأمن والأمان والإستقرار والسكينة والطمأنينة .
خامساً: يظهر خلق التغافل في سلوكيات وتصرفات الأولاد بصورة إيجابية جميلة ورائعة.
سادساً: تخلق الزوج أوالزوجة بخلق الصبر والتصبر وذلك على قدر نجاحهم في فن التغافل بينهم .
سابعاً: السماح لسفينة الحياة الزوجية والأسرية بالحركة والاستمرار في مراحل الحياة نحو تحقيق الأهداف والمقاصد العالية السامية والعظيمة لهم .
ثامناً: يحبب الزوج الذي يتخلق به للزوجة ! ويحبب الزوجة التي تتخلق به للزوج ! وتنتشر المحبة والمودة بين الزوجين الكريمين.
تاسعاً: يكتسب الذي يتخلق بخلق التغافل الشدة والقوة والمنعة والحزم العظيم ؛ والانتصار على شهوة النفس البشرية! فليس الشديد بالصرعة وإنما الشديد الذي يملك نفسه وغضبه وبطشه وعجره وبجره.
عاشراً: من فضائل الله تعالى ونعمه أن يهب الزوج والزوجة الرفق واللطف والتأودة والهدوء والسكينة والطمأنينة والتغافل فهو الخلق العظيم الذي يتعبد الله تعالى به في بيته وأسرته وعمله ومجتمعه وشارعه وسوقه وفي كل مكان هو فيه …
إن البيوت والمنازل الجميلة المباركة والشوارع والأسواق وأماكن العبادة وأماكن العمل وأماكن التجمعات مع الناس والحياة الدنيا كلها بحاجة منا إلى تفعيل خلق التغافل والرفق والهدوء وذلك كله لصالح عقولنا وأنفسنا وقلوبنا واكتساب السعادة والراحة والسلامة في الدنيا قبل الآخرة .
يقول شاعر العربية الكبير أبو تمام حبيب بن أوس الطائي :
لَيسَ الغَبِيُّ بِسَيِّدٍ في قَومِهِ
لَكِنَّ سَيِّدَ قَومِهِ المُتَغابي
قَد ذَلَّ شَيطانُ النِفاقِ وَأَخفَتَت
بيضُ السُيوفِ زَئيرَ أُسدِ الغابِ !
