كُتاب الرأي
حينما يفقد “الرقص الرجولي” رجولته!

حينما يفقد “الرقص الرجولي” رجولته!
ليست الأهازيج ولا أصوات الطبول هي التي تملأ قلوبنا حماسة حين نحتفل، بل تلك الخطوات الرجولية التي اعتدنا أن نشاهدها في ميادين العرضة والسامري وسواها من الفنون الشعبية العريقة، تلك التي تربينا على رؤيتها وهي تعبّر عن الفخر والشجاعة والاعتزاز بالهوية؛ غير أن هذا المشهد الأصيل بات مهدداً اليوم بتصرفات دخيلة شوهت معناه، وأخرجته من هيبته إلى مهزلة يُرثى لها.
ففي الوقت الذي يفترض أن يكون الرقص الرجولي امتداداً لتراث نقيّ يعبر عن البأس والكرامة، بدأنا نرى على منصات التواصل مقاطع لا تسرّ ناظراً، ولا تليق بكرامة رجل، رجال – أو هكذا يُفترض – يتمايلون تمايلاً مائعاً لا يمتّ لرجولة بصلة، ويقلدون النساء في حركات الجسد بل وفي طريقتهم بوضع طرف الشماغ على الفم وكأنهم يستدعون أنوثة ليست لهم، بل الأدهى أن بعضهم يتقصد التواجد قرب النساء في المناسبات ويبدأ تلك الحركات المقززة أمام أعينهن، بحجة “الفرح”.
وهل الفرح يُعبّر عنه بالتهريج؟ وهل تقليد النساء صار وسيلة للاحتفال؟ أم أنها أزمة هوية وفهم سقيم لمعنى الرجولة؟ إن ما نراه اليوم من أولئك الشباب وبعض الكبار ممن يفترض أن يكونوا قدوة، الذين يتراقصون بهز الأرداف كما تفعل راقصات الشاشات، ويعتلون المسارح بجرأة مخجلة، ما هو إلا سلوك يستدعي وقفة مجتمعية جادة؛ فهذه التصرفات لا تسيء فقط لأصحابها، بل تشوّه موروثنا الشعبي، وتسيء إلى الذوق العام، وتنشر سلوكاً شاذاً تحت لافتة “الاحتفال”.
نعم، نفرح، ونحتفل، ونرقص، ولكن برقي، وبما يليق برجل يحترم نفسه ومجتمعه؛ نرفض أن تتحول أعراسنا وأفراحنا إلى مساحات عبث، ولا نقبل أن يُنسف تاريخ الفنون الشعبية من أجل لقطات في “الترند”؛ إن الفنون التي عرفناها تورث نخوة، لا تثير الاشمئزاز، وتبني الحماسة لا الانحدار.
رسالتنا واضحة: اتركوا الفرح نقيّاً كما ورثناه، لا تجعلوه وسيلة للفت الأنظار بأفعال مشينة لا تليق بشاب يحمل اسم وطنه؛ احفظوا تراثنا من الابتذال، وردّوا للرقص الرجولي هيبته ورجولته.