كُتاب الرأي

منهج الذكاء الاصطناعي.. بين رؤية العقول ورقيّ العقول

سويعد الصبحي

منهج الذكاء الاصطناعي.. بين رؤية العقول ورقيّ العقول

الحمد لله الذي علَّم بالقلم علَّم الإنسان ما لم يعلم والصلاة والسلام على معلم البشرية وسراج الأمة في دياجير الظُّلَم.
أما بعد…
فقد أشرقت في سماء التعليم بارقة أمل وصدحت من منابر المعرفة بشارة عمل حين أعلن المركز الوطني للمناهج بشراكة مباركة مع وزارة التعليم ووزارة الاتصالات وتقنية المعلومات وهيئة سدايا  عن منهج الذكاء الاصطناعي منهجٌ لا يُخاطب العقولَ فحسب بل يُلهب الفضول ويشحذ الأذهان ويرتقي بالوجدان.
منهجٌ ليس بالتقليد مألوفًا ولا في مضمار التلقين ملهوفًا بل رؤيةٌ تُواكب تطلعات رؤية المملكة 2030 وتنسجم مع برنامج تنمية القدرات البشرية تُرسي دعائم تعليم شامل يشمل العقل والسلوك ويغرس القيم قبل أن يغرس المعارف في توازنٍ بين التقنية والتقوى وبين الآلة والإنسان.
جاء هذا المنهج ليرتقي بالطلاب من مرحلة الطفولة إلى آفاق الطفولة الاصطناعية ومن بساطة التعلم إلى عبقرية التعلُّم يُدرَّس بأساليب تفاعلية وتطبيقية تَجمع بين المتعة والمعرفة وبين النظرية والتجربة وبين المفهوم والتطبيق.
إنه منهجٌ يُدرّب لا يُجرّب ويُبني لبنة لبنة لا قفزًا في الهواء ولا غوصًا في الماء.
وفي تدرجٍ محسوبٍ ومقصود جاءت الوحدات الدراسية لتراعي الخصائص العمرية وتُراكم المهارات بشكلٍ تدريجي حيث لا يُغفل الناشئ ولا يُهمل الناضج بل لكلٍّ طريقٌ ولكلٍّ طريقته.
وما أجمل أن يُربط العلم في الصغر بالعمل في الكِبَر لتكون المعرفة ممتدة والقدرة متجددة والريادة متأبدة.
وقد تزامن هذا التوجه الوطني الرائد مع ما أطلقته سدايا من منهج نوعي تحت عنوان (المدخل إلى الذكاء الاصطناعي ) ليُدرّس في الصف الثالث الثانوي ويكون بذلك فاتحة خير وبداية مشوار لتخريج جيل لا يستهلك التقنية بل يُنتجها لا يتبع الذكاء الاصطناعي بل يوجّهُه ويوظّفُه.
هو ليس مجرد تدريسٍ للحاسوب ولا مجرّد شفراتٍ ومكتوب بل بناءُ عقلٍ يحلل وذهنٍ يتأمل وإنسانٍ يوازن بين العاطفة والآلة وبين الواقع والخيال لِيَعبُر هذا الجيل من مرحلة الاستهلاك الرقمي إلى مرحلة الإنتاج المعرفي.
ويا سعد من عاش زمنًا تُدرَّس فيه الخوارزميات كما تُدرّس الخوارق وتُشرح فيه الشبكات كما تُشرح النيات ويمضي الطالب إلى مدرسته كما يمضي المبتكر إلى معمَله.
وإننا لنشيد بهذه الخطوة ونسأل الله أن يُبارك في من خطّط وأنجز وسعى وغرَس وأن يجعل في هذا المنهج نفعًا للأمة ورفعةً للوطن وسُلّمًا يصعد به أبناء المملكة إلى منصة العالم لا يُصفّقون فحسب بل يُصفَّق لهم ولا يُندهشون من المنجزات بل يُنجزون المدهشات.
فطوبى لوطنٍ علّم أبناءه كيف يصنعون المستقبل لا كيف ينتظرونه.

كاتب رأي

سويعد محمد موسى الصبحي

كاتب رأي وإعلامي رياضي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى