( مملكتنا العظمى دار السلام )

منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية لم تواجه أوربا حروباً داخلية أو خارجية أثرت على وضعها السياسي والاقتصادي كما حدث ويحدث حالياً بين روسيا وأوكرانيا ، عدا لو أُستُثِنيت حرب البلقان ، عندما تجزأت يوغسلافيا ، وحدثت حرب أهلية تضررت منها البوسنة بشكل أدمى قلوب المسلمين هناك ، وفي كل قطر اسلامي لما وصلت له المذابح التي ارتكبها الصرب في حق المسلمين العزل هناك.
تعد اوكرانيا من الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفيتي عام 1991 م وذلك بعد أن تفتت هذه الدولة في عهد جورباتشوف الذي خلفه بوريس يلتسن في رئاسة روسيا الكبيرة التي كانت مساحتها تتجاوز 17000كم مربع.
عادت روسيا لدولة أوكرانيا محاربةً نتيجة تداعيات كثيرة ، ومقلقة لموسكو من هذه الدولة التي تعد مساحتها من أكبر الدول في اوروبا ، فضلاً لما تنعم به من الخيرات الكثيرة وبمختلف أنواعها، ناهيك عن القدرة الاقتصادية لها والزراعية ، وكذلك الصناعية ، والعسكرية ، والبشرية ، والنووية حيث توجد فيها محطة تشيرل نوبل التي شهدت اكبر كارثة نووية في عام 1986م.
كانت خشية روسيا هو انضمام هذه الدولة الفتية لدول الناتو في حلف شمال الأطلسي ، وهو ما سيؤثر على الوضع السياسي والعسكري ، وكذلك الامن القومي الروسي ، وخاصة اذا نظرنا للمواقف التي تتبناها دول الاتحاد الاوربي المدعومة أمريكيا ضد روسيا ، ولهذا السبب كانت عودة روسيا عام 2014 م باستيلائها على جزيرة القرم التي تتجاوز مساحتها 25000 كم ، وتقع شمال البحر الاسود ، وتعد منطقة ذات اهمية قصوى للأسطول السوفيتي سابقاً .
منذ مجي الرئيس فلادمير بوتين واستلامه للسلطة في روسيا عام 2000 خلفاً للرئيس يلتسن وهو يعمل على إعادة الدور الروسي للساحة العالمية ، ورد اعتبار موسكو ، وحفظ دورها كقوة عالمية ثانية في العالم ، وهو الدور الذي تآكل أثناء رئاسة جورباتشوف وبوريس يلتسن،
في بداية عام 2022 بدأت روسيا بشن الحرب على اوكرانيا ، واستولت على العديد من المدن ، والمقاطعات الاوكرانية ، وحينها وقفت امريكا واوروبا خلف الدولة الاوكرانية التي قاومت هذه الحرب رغم كل الخسائر التي واجهتها من أثر تلك الحرب ، حيث فُقد العديد من اجزاء اوكرانيا ، وكانت القيادة الامريكية برئاسة بايدن تقف خلف كل ذلك الدعم الذي تلقته كييف من اجل هزيمة روسيا! الى أن فاز ترامب وتغيرت الموازيين في الشكل الذي لم تتضح رؤيته الى الان .
كانت هذه توطئة ، وما أود الذهاب له في هذا المقال هو ما كان يتبناه الرئيس ترامب أثناء الانتخابات الاخيرة ، وزعمه بقدرته في ايقاف هذه الحرب التي أقلقت العالم بأجمعه، وهو ما تمت مباشرته بالاتصال الهاتفي بينه وبين الرئيس الروسي ، والاهم في ذلك هو اختيار المملكة بأن تكون مكان لقاء الرئيسين الامريكي والروسي ، وأن يكون صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان ولي العهد الطرف الثالث في لقاء الزعيمين .
إن اختيار الزعيمين الكبيرين الذين يقودان أكبر قوتين عالميتين المملكة مكان لقائهما يعد فخراً ريادياً كبيراً لدولتنا العظمى ، وما وصلت له من ثقةٍ كبيرةٍ وبالغةٍ بين دول العالم في أن تكون مكاناً للقاء ترامب وبوتين ، ومعهما ولي العهد السعودي في إعادة رسم العالم ، وإيقاف هذه الحرب الكونية التي إن لم تحل قد تتحول لحربٍ عالمية ثالثة .
إن ثقة الرئيسين كانت بالغة في المملكة ، ومواقفها الريادية من هذه الحرب ، وقد أبديا كلا الرئيسين ثقتهما في المملكة ، وموافقتهما على اللقاء في عاصمة القرار السياسي في الرياض، وستكون المملكة بمشيئة الله مشاركةً كبيرةً في ايقاف الحرب ، وصانعة في إيجاد الحلول التي سترضي طرفي النزاع الذي تحتفظ المملكة معهما بعلاقات وطيدة ، وجيدة رغم كل الاسباب الايدلوجية والسياسية التي كانت تحيط بهذه الحرب ، الا أن المملكة احتفظت بعلاقتها الجيدة مع روسيا ، وكذلك مع امريكا ، واوكرانيا ، وكان للمملكة أدواراً ناجحة وفاعلة ، حيث سعت منذ بداية الحرب في اجراء لقاءات عديدة مع طرفي النزاع في محاولة لردم الهوة وايقاف الحرب ، كما ساهمت في اطلاق العديد من السجناء من الطرفين الروسي والاوكراني ، وكذلك الامريكي .
هذا ومن المتوقع بمشيئة الله أن تنجح هذه المساعي ، وينجح اللقاء الذي سيعقبه لقاءات أخرى من الاطراف جميعها ، ومن بينها الطرف الاوكراني الذي ستُمهد زيارته للرياض ، ويكون كمشارك أو طرف رابع ، وستتولى المملكة العظمى بمشيئة الله ادارة الحوار بين هذه الدول ، وإقناع أطرافها بسلامة موقفها وحياديته في الوصول للأهداف التي ترضي الطرفين المتحاربين ، وبالتالي ايقاف هذه الحرب ، وعقد اتفاق سلام بين روسيا واوكرانيا ، واعادة العلاقات الطيبة بين البلدين الروسي والاوكراني .
إن ما تقدمه دولتنا العظمى في كل المجالات الدولية يجعلنا كشعب سعودي فخورين بذلك ، كما أننا نفخر بما وصلت له دولتنا وحققته في ظرف زمني قصير جعلها ولله الحمد تتبوأ المراكز المتقدمة في العالم ، وهذا ما جعلها ولله الحمد محط أنظار العالم تقدماً ورخاءً وأمنا ، نسأل الله أن يحفظ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان ، وأن يوفق ولي عهدنا الامير محمد بن سلمان ، ويمده بعونه وتوفيقه، انه سميع مجيب.
محمد سعد الربيعي
كاتب رأي