**مكتبة النصوص المسرحية السعودية **

**مكتبة النصوص المسرحية السعودية **
في سياق اهتمام المملكة العربية السعودية بتعزيز الثقافة والفنون، تبرز جهود وزارة الثقافة في دعم المسرح بوصفه أداة فاعلة في بناء الوعي المجتمعي، وتعزيز الهوية الوطنية، وتنمية الاقتصاد الإبداعي. ومن أبرز هذه الجهود، ما أطلقته الوزارة من مسابقة وطنية للتأليف المسرحي تحت شعار: “شارك نصك المسرحي”، في خطوة رائدة تهدف إلى تحفيز الإبداع المحلي، واكتشاف المواهب الجديدة، ورفد المشهد المسرحي السعودي بنصوص أصيلة وذات جودة عالية.
وتسعى الوزارة ممثلة بهيئة المسرح من خلال هذه المبادرة إلى إنشاء “مكتبة وطنية للنصوص المسرحية”، ذات قيمة ثقافية وفنية، وتمثل مرجعًا شاملًا ومفتوحًا يُمكّن العاملين في المجال المسرحي من الوصول إلى كنوز التأليف المحلي. هذه المكتبة، وستكون إلكترونية ورقمية في المقام الأول، تُوفَّر من خلالها النصوص المسرحية المعتمدة بعد مراجعتها وتقييمها من قبل لجنة متخصصة من نقاد وأكاديميين ومسرحيين محترفين.
وبلا شك أنها فكرة رائدة في جمع النصوص المسرحية، وفكرة أولية في العالم، ومن الجدير بالذكر أن الساحة الثقافية السعودية لم تعرف في السابق مشروعًا منهجيًا شاملاً لجمع وحفظ النصوص المسرحية. حيث ظلت كثير من النصوص، سواء التي عُرضت على المسارح أو تلك التي كُتبت ولم تجد طريقها للنشر، مبعثرة بين أرشيفات شخصية أو مؤقتة، أو منسية في ذاكرة العروض. ولهذا تُعد فكرة “مكتبة النصوص المسرحية” نقلة نوعية حديثة، جاءت لتسد هذا الفراغ التاريخي، وتحفظ الإرث المسرحي السعودي، وتوثّق حركة التأليف من مختلف مناطق المملكة.
إن هذه المبادرة تتماشى مع رؤية المملكة 2030، التي وضعت الثقافة ضمن أولويات التنمية، واعتبرت تطوير البنية التحتية للقطاع الثقافي ضرورة للنهوض بالصناعات الإبداعية، ودعم المواهب، وتحقيق اقتصاد متنوع ومستدام.
رحّب عدد من كتّاب المسرح السعوديين بإطلاق مكتبة النصوص المسرحية ضمن مبادرة وزارة الثقافة “شارك نصك المسرحي”، واعتبروها نقلة نوعية طال انتظارها، تواكب التحولات الثقافية التي تشهدها المملكة في ظل رؤية 2030.
قال الكاتب المسرحي فهد ردة الحارثي:
“لطالما افتقرنا إلى مؤسسة تحفظ النصوص المسرحية وتتيح الوصول إليها. مكتبة النصوص تمثل ذاكرة وطنية للمسرح السعودي، وتؤسس لأرشيف حي يمكن الرجوع إليه علميًا وفنيًا.”
أما الكاتب والمخرج مازن الغامدي، فعبّر عن أهمية هذه الخطوة من حيث دعم الإبداع المحلي:
“هذه المكتبة ستُسهم في حماية النصوص من الضياع، وتمنح الشباب من الكتّاب فرصًا للظهور والوصول إلى جهات الإنتاج والعرض.”
وأشارت الكاتبة المسرحية نجاح العمري إلى ضرورة أن تكون المكتبة رقمية ومتاحة للجمهور والباحثين:
“توثيق النصوص المسرحية هو حماية لذاكرتنا الفنية، والمكتبة يجب أن تكون منصة معرفية تتفاعل مع المجتمع المسرحي بمختلف فئاته.”
فيما شدّد الكاتب المسرحي والناقد علي الغامدي على أهمية الجانب التقييمي:
“أقترح أن تُرفق بالنصوص قراءات نقدية وشهادات مسرحية، لتعزيز ثقافة القراءة المسرحية، وتشجيع المهتمين على خوض غمار التأليف والتجريب.”
ولقيت المبادرة صدى واسعًا في الأوساط الأكاديمية والكتاب المسرحيين ، حيث عبّر د. فهد الأسمر، أستاذ المسرح بجامعة الملك سعود، عن تفاؤله قائلاً: هذه المكتبة ستكون مرجعًا للطلبة والباحثين، وستُثري المكتبة العربية بنصوص نابعة من واقعنا المحلي، وهو ما كنّا نطمح إليه منذ سنوات.
وترى الكاتبة المسرحية بوزارة التعليم الاستاذة أماني الزيدان : أن إنشاء قاعدة بيانات للنصوص المسرحية خطوة نحو التألق المسرحي في السعودية ..
لكن السؤال: كيف ستكون مكتبة النصوص المسرحية؟ وكيف ستُنفَّذ؟
تهدف المكتبة المقترحة إلى جمع النصوص المسرحية السعودية في منصة واحدة، بتصنيفات دقيقة تشمل:
• المسرح الاجتماعي، والوطني، والتاريخي، والتجريبي، والطفل، والتوعوي.
• نصوص موجهة لمختلف الفئات العمرية.
• نصوص مناسبة للإنتاج المدرسي والجامعي والمسرح الاحترافي.
والمشروع سيتم تنفيذه وفق مراحل مدروسة:
1. استقبال وفرز النصوص المشاركة في مسابقة “شارك نصك المسرحي”، وتقييمها من لجنة متخصصة.
2. تحرير النصوص المختارة وتنسيقها للنشر وفق معايير أدبية ومسرحية معتمدة.
3. رقمنة المكتبة لتكون متاحة عبر منصة إلكترونية رسمية تابعة لوزارة الثقافة، مما يُسهّل الوصول إليها من قبل المخرجين، والمنتجين، والمهتمين بالمسرح محليًا ودوليًا.
4. تحديث مستمر للمكتبة بإضافة نصوص جديدة كل عام، سواء من المسابقة أو من خلال ترشيحات واعتمادات أدبية.
5. إتاحة بعض النصوص بصيغة مفتوحة المصدر لدعم إنتاجها وعرضها داخل المدارس والجامعات والمراكز الثقافية، وتشجيع التفاعل المجتمعي مع المسرح.
وتسعى المكتبة إلى تحقيق أهداف نوعية منها:
• تشكيل ذاكرة مسرحية وطنية تحفظ النتاج الأدبي المحلي للأجيال القادمة.
• تمكين صُنّاع المسرح من إنتاج عروض محلية بجودة فنية عالية دون الحاجة للاعتماد على نصوص مترجمة أو مستوردة.
• دعم المؤسسات التعليمية والتربوية بمحتوى مسرحي سعودي يعزز القيم الوطنية والهوية الثقافية.
• تحفيز الأبحاث والدراسات الأكاديمية حول النص المسرحي المحلي وتطوره.
وتدرك وزارة الثقافة أن المسرح لا يقتصر على دوره التربوي أو الترفيهي، بل هو رافد حيوي من روافد الاقتصاد الإبداعي، يُمكن استثماره في تنشيط الحركة الثقافية والسياحية، وخلق وظائف متعددة في مجالات التأليف، والإخراج، والتقنيات المسرحية. ولهذا تُعدّ “مكتبة النصوص المسرحية” جزءًا من البنية التحتية الثقافية التي تُهيئ بيئة خصبة لنمو الصناعة المسرحية السعودية.
مسابقة التأليف المسرحي ” شارك نصك المسرحي ” ليست مجرد دعوة للكتابة، بل هي خطوة عملية نحو تأسيس منظومة مسرحية متكاملة تبدأ من النص وتنتهي بالعروض على خشبات المسارح. وبمبادرة “شارك نصك المسرحي”، ومشروع “مكتبة النصوص المسرحية”، تؤكد وزارة الثقافة التزامها بتحقيق رؤية المملكة 2030، وتحويل المسرح إلى قوة ناعمة تُسهم في بناء الإنسان وتعزيز الاقتصاد وتشكيل وعي الأجيال.
وأخيرا إن فكرة جمع النصوص المسرحية التي طرحتها هيئة المسرح والفنون الأدائية من أهم تطلعات وزارة الثقافة في المملكة العربية السعودية، وهي فكرة حديثة وتواكب رؤية المملكة 2030:
تسعى من خلالها وزارة الثقافة السعودية وهيئة المسرح: نحو صناعة مسرحية تُسهم في تنمية الوطن العظيم
بقلم د. عبدالرحمن الوعلان
معد برامج تلفزيونية وكاتب مسرحي
أبدعت دكتور عبد الرحمن الوعلان
جمعت بين العمق والتحليل، وبين الحس الجمالي والرؤية الرائدة، قلمك علامة فارقة في المشهد الثقافي، وصوتك منبر يُنصت له .
لم تكن كاتبا فحسب بل رائدًا للمسرح يفتح للناشئين الطريق نحو التميز والإبداع
مبارك لك القلم الفريد والفكر المستنير 🌹