مقومات جودة الحياة

حقيقة حياة الناس جميعاً هي رحلة ممتعة مميزة ورائعة وساحرة ومؤثرة في أصحابها وأهلها، إذا عرفوا وفهموا واستشعروا ذلك !
وكانوا في مراحل تلك الرحلة الممتعة والجميلة في كامل التركيز والعناية والاهتمام بتفاصيل الرحلة ومحطاتها الممتعة ، وهم مع ذلك كله يعيشون اللحظات والثواني والدقائق والساعات والأيام والليالي في هدوء وسلام وراحة البال كاملة !
الذين يكثرون النظر إلى السماء والأرض ، ويقفون على جمال الطبيعة الساحرة ، ويتنقلون ما بين السهول والهضاب والأودية والجبال الرواسي والسواحل الساحرة الفاتنة والبحار الواسعة والشاسعة ، ويدخلون شوارع المدن ، ويتسوقون من تلك الأسواق الممتعة والجميلة ، ويسكنون في تلك العمائر العالية والفلل السكنية المفروشة الجميلة ، كل أولئك يحسنون إلى حياتهم ، وقد يفهمون الحياة وتقلباتها على غير فهم الذين لا يعملون تلك الأعمال السابقة .
من أعظم التحديات والصعوبات والعقبات التي تمنع الناس من الاستمتاع بالحياة ! والاستمتاع بالرحلة الممتعة والجميلة هم الناس أنفسهم وأعتمادهم على تصورات بعضهم بعضاً للحياة ، ثم قبولهم لتلك الصور والخيالات والاوهام والأحلام التي يرسمونها عن الحياة ! دون أن يقوموا هم باكتشافها والبحث والتنقيب عن حقيقتها وطبيعتها، وعن وسائل وطرق السعادة والتفاؤل والسرور والفرح فيها !.
أكثر الناس مقلدون لا مبتكرون ، يحاكون غيرهم ويفعلون مثله ، ويسيرون على خطوات ومراحل الذين شقوا لهم تلك الطرق وتلك المسارات دون أن يفكروا في التغيير أو التبديل أو الاختراع أو
الاكتشاف؛ فهم – وهذا الأغلب- يعيشون في جلابيب آبائهم وأمهاتهم وأجدادهم وجداتهم ، بل حتى في نفس الأفكار والمواقف!.
وما أجمل ما قالته تلك الفتاة حديثة العهد بالزواج ؛ وقد زارتها إحدى جاراتها ، فرأتها تقلي وتطبخ السمكة في المقلاة بعد أن قطعت رأسها وذيلها فقالت لها : لم لا تطبخين السمكة كاملة برأسها وذيلها ؟! فردت قائلة : هكذا رأيت أمي تفعل بها ! لكنني سأتصل بها لأسألها عن ذلك ! فلما اتصلت بها قالت الأم : أنا هكذا رأيت أمي تفعل ذلك ! ولكنني سأتصل بأمي ( الجدة ) لماذا كانت تفعل هكذا ؟ ! فقالت الجدة : كانت مقلاة السمك لدينا صغيرة فكنا نقطع رأس السمكة وذيلها قبل الطبخ ؟!.
لكي يحصل الفرد على مقومات ومعابير جودة لحياته اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية فعليه :
أولاً : الإحسان إلى الله تعالى في حقوق الله تعالى :
فالمحافظة على ما أفترضه الله تعالى على العبد في اليوم والليلة ، هو أمرٌ في غاية الأهمية و تنفيذه والقيام به خير قيام، وعدم التكاسل أو التغافل عن حق من حقوق الله تعالى ، فذلك مفتاح كل خير وسبيل سعادة الدنيا والآخرة.
ثانياً: الإتقان والجودة في العمل :
العمل الحقيقي الجاد هو مصدر الرزق الطيب المبارك الذي يقتات منه الفرد ، ويلبي من خلاله جميع الاحتياجات الضرورية والأساسية وجميع متطلبات نفسه وأفراد أسرته الكريمة والعائلة الحبيبة،
والإحسان والإتقان والتجويد للعمل ليس من نوافل الواجبات والمهام بل هو من أوجب الواجبات وأفرض الفروض على الأفراد في المجتمعات ، بل إتقان العمل من حيث الحضور والانصراف ومن حيث الإنتاجية فيه دين يدين الفرد وهو مسؤول بين يدي الله تعالى عن هذا العمل من أنه أهمل وقصّر ، وطفف ورائى! أم أنه أحسن وأجاد وأتقن ؟!.
ثالثاً: وجود الأهداف والمقاصد الطموحة:
كلما كانت الأهداف والمقاصد السامية الجميلة حاضرة في أذهان وعقول الأفراد الكرام كلما زادت جودة الحياة لديهم ، وكلما منحتهم تلك الأهداف الغالية والمرامي السامية حسن الصلة بالله تعالى وحسن الصلة بأعمالهم ووظائفهم، والتطلع نحو المستقبل الواعد لهم ولأهلهم.
رابعاً: الإحسان في الإدارة المالية المعيشية:
قد تكون حسن إدارة المال والراتب في الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة هو سبيل من سبل السعادة والسلام والتفوق الحقيقي والتميز والنجاح لها ، فالوعي بأهمية المال وأهمية وجوده وأهمية إدارته داخل الأسرة الكريمة خلال الأسبوع والشهر والعام من الأهمية بمكان ! .
خامساً: الإحسان في إدارة العلاقات الاجتماعية الإنسانية:
يعيش الأفراد الكرام في شبكة مجتمعية من العلاقات الاجتماعية المختلفة والمتباينة ، ما بين الأزواج والزوجات وما بين الآباء والأمهات وما بين الإخوة والأخوات ، والأعمام والعمات والأخوال والخالات ، وما بين الأصدقاء والأصحاب وسائر الأقارب والأصهار
وعلى الكيس الفطن اللبيب الإحسان في إدارة تلك العلاقات الاجتماعية الإنسانية.
سادساً: حسن تقدير الذات :
المؤمن يستمد قوته ووجوده وعلمه وتفوقه وتميزه ونجاحه من الله تعالى فهو صاحب الفضل العظيم عليه ، وقد وهبه وأعطاه القدرات والطاقات والمواهب والملكات الكبيرة لكي يعيش محباً لربه محباً لنفسه قادراً على إصلاح جميع أخطاءه وغفلاته ومعاصيه.
فهو يحب ذاته شكله لونه طوله عرضه حجمه ويحب من منحه هذه الذات هدية له ، وهو كذلك محب لسلوكه وتصرفاته وتعامله مع الناس والحياة فهو يصلح الخطأ السلوكيات والتصرفات والأقوال والأفعال الصادرة منه ، ويرضى عن التصرفات والسلوكيات الإيجابية والتفاؤلية.
سابعاً: حسن الظن بالله تعالى:
المؤمن دائم الظن الحسن بالله تعالى ، فإن أقدار الله تعالى كلها خير وصلاح وبركة وسعادة للمؤمن ، فإن أصابه أقدار الخير والفضل والصلاح والبركة والتوفيق والسداد شكر الله تعالى على ذلك ، وإن أصابه من المصائب فهو المؤمن الصابر المصابر لأقدار الله تعالى .
ثامناً: حسن الاحتفاء بالإنجازات والإبداعات:
إظهار وإشهار السرور والفرح والسعادة عند الوصول إلى تحقيق الأهداف والمقاصد والإنجازات ، سواء كانت الإنجازات محدودة صغيرة أم كبيرة وعظيمة ، فعلى الأفراد الكرام الإحتفاء بهذه المناسبات الجميلة والرائعة.
تاسعاً: تحسين مستوى الأسرة الكريمة والعائلة الحبيبة:
وهذا من أهم محاور مقومات جودة الحياة للأفراد أنهم حريصون على تحسين الأوضاع المالية المعيشية للأسرة، وتحسين الحالات النفسية والمزاجية للأسرة ، وتحسين المستوى التعليمي للأسرة وتوفير السكن المناسب للأسرة السعيدة.
عاشراً: دعاء الله تعالى بالهداية والإستقامة ، والتوفيق والسداد ، والبركة والصلاح ، والأمن والأمان ، والاستقرار والهدوء ، والسكينة والراحة ، والسلامة والعزة والمنعة والقوة لك ولأسرتك ولأئمة المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات وعامتهم.
وأن تكون أيها المؤمن العظيم دائماً وأبداً من مفاتيح الخير والفضل والصلاح والبركة والأمن والأمان والطمأنينة ومن مغاليق الشر والفتنة .
يقول الشاعر العربي الكبير إيّليّا أبو ماضي :
إِنَّ الحَياةَ قَصيدَةٌ أَعمارُنا
أَبياتُها ! وَالمَوتُ فيها القافِيَة !
مَتِّع لِحاظَكَ في النُجومِ وَحُسنِها
فَلَسَوفَ تَمضي وَالكَواكِبُ باقِيَة !
د. سالم بن رزيق بن عوض
المصلح والمستشار الأسري
درس جميل يستفاد منه في الحياه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حياكم الله تعالى حبيبنا الغالي
الأستاذ العزيز مسفر الغامدي
شكرا لكم على مروركم الجميل
وجزاكم الله تعالى عنا خيرا…