كُتاب الرأي

مفتاح الفهم وبناء الثقة

 

في عالمنا اليوم، حيث يزداد التواصل السطحي ويطغى الصوت العالي، أصبحت مهارة الاستماع واحدة من أكثر المهارات التي نفتقدها رغم أهميتها. الاستماع ليس مجرد سماع، بل هو فهم حقيقي لما يقال وما يشعر به الآخرون. السمع عملية فيزيولوجية تلقائية تتمثل في استقبال الأصوات، بينما الاستماع هو فعل إرادي يتطلب التركيز والانتباه لفهم ما يقوله الآخرون بوعي وتعاطف. الاستماع الجيد هو أساس العلاقات الناجحة؛ فعندما نصغي بوعي، نمنح الآخر شعورًا بأنه مهم ومفهوم، مما يعزز الثقة ويقلل من سوء الفهم في العلاقات الشخصية أو بيئة العمل.

رغم ذلك، يعاني كثيرون من ضعف مهارة الاستماع لأسباب متعددة، منها الانشغال بالتكنولوجيا وضغوط الحياة، مما يجعل التركيز في المحادثات تحديًا كبيرًا. أضف إلى ذلك الحكم المسبق على الأشخاص أو الأفكار قبل سماعها كاملة، والرغبة الدائمة في الرد، التي تجعلنا نفقد التركيز على ما يقوله الآخر. لتحسين هذه المهارة، يجب أولاً التركيز الكامل على المتحدث بإيقاف أي مشتتات، ثم محاولة فهم مشاعره بصدق. الصمت الفعّال يعد أيضًا خطوة مهمة للسماح للمتحدث بالتعبير دون مقاطعة، مع طرح الأسئلة المناسبة للتأكد من الفهم الصحيح وتعزيز التواصل.

الاستماع الجيد يساعد على تحسين جودة العلاقات، تقليل النزاعات، وزيادة الفهم المتبادل، مما يجعلنا أكثر حضورًا وإدراكًا، وينعكس ذلك إيجابيًا على حياتنا الشخصية والمهنية. الاستماع هو مهارة يمكن تطويرها بالتدريب والممارسة. عندما نمنح الآخرين وقتنا واهتمامنا، لا نمنحهم فقط فرصة للتعبير عن أنفسهم، بل نبني جسورًا من التفاهم والثقة. لذا، لنسعَ دائمًا إلى تعلم فن الإصغاء، لأنه مفتاح التواصل الإنساني الحقيقي.

 

معلا السلمي

كاتب رأي

معلا علي السلمي

كاتب رأي وإعلامي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى