كُتاب الرأي

مشروع الولد الصالح 

إن الحياة البشرية عامة والزوجية خاصة مليئة بالمشروعات الصغيرة والكبيرة ، و القصيرة والطويلة ، والرخيصة والغالية ، والهامشية البسيطة والرئيسية المعقدة ؛ ومشروع الولد الصالح أحد هذه المشاريع التي يحسن للزوجين الكريمين أو الوالدين الطيبين الطاهرين التخطيط له من قبل الزواج وأثناء الزواج والتنظيم والمتابعة والتحصين والتحسين والتجويد له لإنتاجه وصناعته في عالم الحياة الزوجيةوالأسرية السعيدة.
 للحصول على منتج وصناعة مشروع : (الولدٌ الصالحٌ ) يعود إلى :
 أولاً : التوفيق والهداية والصلاح والبركة من الله تعالى للأسر والعوائل في هبة ومنحة الولد الصالح الخالص .
ثانياً : الجهود الكبيرة من الوالدين الكريمين وحرصهما على إنتاجه وصناعته ، والمبالغة في التربية والتهذيب والتعليم وكمال القيادة والضبط والمتابعة والتشجيع والدعم .
ثالثاً : التوفيق والسداد من الله تعالى لهذا الولد الصالح الخالص وشرح صدره وعقله وقلبه لهذه التربية وذلك التعليم ولفضائل الأخلاق ولشمائل الخير والفضل والصلاح.
إن إنتاج وصناعة ذرية صالحة مصلحة على بساطة العبارة تكون على قدر ضخامة الجهود وطولها وحراستها ورعايتها وتنويع التوجيهات والأساليب والبذل والتضحية والدعاء والدعاء الخالص .
إن الأمر ليس بالبساطة التي نطرحه ونقوله عادة ؛ فهناك من الجوانب والمجالات التفاصيل التي تحتاج إلى الجهود والطاقات والقدرات المضنية لنجني ذاك الغراس من الولد الصالح ، وإن التغيير المطلوب إحداثه في هذا المخلوق الإنسان لا يقل عن الأثر الذي يحدثه التيار الكهربائي عندما يمر في المصباح أوجهاز التكييف أو أي جهاز كهربائي يعمل بالكهرباء ؛ فإن السيل من الشحنات الكهربائية التي تعبر تلك الموصلات أو الأجهزة الكهربائية يعمل على انتظام الإلكترونات داخل الذرات وجعلها تحمل الطاقة الكهربائية والتي تظهر لنا كأثر في الإضاءة والتسخين والتدفئة والتبريد وغيرها .
إن الغاية السامية من الزواج والحياة الزوجية هي عبادة الله تعالى وحده لا شريك له و إعفاف النفس وتحصين الفرج وحفظ النسل ومن ذلك كذلك ترك أثر جميل ورائع ونفيس وكبير هو مشروع : ( الولدٌ الصالحٌ) ! يملأ الحياة الدنيا ويملأ الأرض الجميلة والسماء الواسعة والشاسعة والجنان الوارفة والطبيعة الساحرة الفاتنة ؛ خيراً وسعادةً وعدلاً وإخلاصاً وإعمار للأرض .
 وذهول الأزواج والزوجات عن هذه الغايات والمرامي السامية للزواج هو كفران للنعمة وعدم شكرها وحراستها وربما خسروا كثيرا من النعم بسبب عدم الاهتمام والحرص عليها .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم 🙁 إذا مات ابن آدم إنقطع عمله إلا من ثلاث : صدقةٌ جاريةٌ أو علمٌ ينتفع به أو ولدٌ صالحٌ يدعو له ) . والإحسان إلى الولد الصالح ابناً كان أو بنتاً ، ذكراً كان أو أنثى ، وحسن صناعته و صياغته وتجويد إنتاجه والعناية الشاملة الكاملة به وإكمال تربية الكمال في جوانبه المختلفة الإيمانية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية لهو الخير كله الذي يذهب إليه الحديث ، وهو العمل الصالح الخالص الحقيقي الباقي للوالدين الكريمين بعد موتهما .
فإحسان التربية والتنشئة للولد الصالح سواء كان الولد الصالح ذكراً أم أنثى يأتي أجره بأجر الصدقة الجارية والتي تجري على الميت إلى ما شاء الله تعالى وكذلك العناية وحسن التربية والإعداد للولد الصالح وحسن تعليمه يأتي في مقام العلم النافع للوالدين اللذان ذهبا إلى الله تعالى .
كما أن الولد الصالح هو الذي يكون فيه الخير فوق سطح الأرض من التعليم والتعلم والصناعة والزراعة والاقتصاد والثقافة وزيادة رفع الوعي في الأمة فهو حقيقة بأمة كاملة .
فكلما أهتمت الأسر والعوائل وكذلك وسائل المجتمع وأدواته المختلفة في غاية واحدة وهي صناعة وإنتاج ( الولد الصالح) في كل مجالات الحياة فالبنت الصالحة كلها خير والابن الصالح كذلك … كان ذلك تحقيق لخيرية الأمة والتحقيق الغاية التي من أجلها خلق الله تعالى الإنسان وجعله تبارك وتعالى مسلماً مؤمناً ومحسناً محباً لله تعالى ، ومحباً لنفسه ، ومحباً للناس جميعاً ، ومحباً للسموات وما فيها ، ومحباً للأرض ومن فيها ، فهذا تحقيق لغايات الصلاح والخير في هذه الأرض المباركة .
مشروع الولد الصالح حقيقة الأصل فيه أن يكون هو مشروع كل شاب مسلم ومسلمة يرغبان في الزواج ، وهو مشروع كل زوجين كريمين طيبين ، وهو مشروع كل الأسر المسلمة والمؤمنة على ظهر كوكب الأرض الجميل ، وهو المنتج الحقيقي الذي تقدمه للناس والدنيا وللتأريخ كله ، وهو المستخلف الحقيقي في الأرض ، والأثر النفيس والغالي الذي يتركه الوالدان الكريمان بعد موتهما .
د. سالم بن رزيق بن عوض
المصلح والمستشار الأسري 

د. سالم بن رزيق بن عوض

أديب وكاتب رأي وشاعر ومصلح ومستشار أسري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى