في ظلال المشهد المسرحي

مسرحية اللّقاء بين سطرين

1 / 14

مسرحية اللّقاء بين سطرين

(مسرحية حوارية زمنية تجمع بين الشاعر الكلاسيكي محمود سامي البارودي، والشاعر المعاصر فواز اللّعبون، قُدْمُوس الشعر )
 الحوار : أدبي ،بين شاعرين

2 / 14
 الزمن :  امتداد الشعر عبر العصور.
الشخصيات : محمود البارودي بزي القرن التاسع عشر، وقور، صوته جهوري، وله حضور كلاسيكي مهيب .
فواز اللّعبون : شاب يرتدي ثوبًا أبيض مع شماغ، هادئ النبرة، حاد الفكرة
المكان: مكتبة عامة، وطاولة تحوي فنجان قهوة وكتاب “البارودي رائد الشعر الحديث “لشوقي ضيف…
(إضاءة خافتة/ صوت صفحة تُقلب ببطء/ يظهر فواز وحيدًا).
فواز (محدثًا نفسه):
أنصفوني من الحنين !ما رآني منفرداً إلا واستبد بي !
بعثرة المشاعر من ابتسام إلى بكاء، ماذا يعني هذا؟

3 / 14
يقلب صفحات الكتاب، يقرأ شعر البارودي، يطوي الصفحة، يأخذ نفسًا عميقًا… آهات… حزن صامت… إنه الحنين…
مهما مضى عمري فطيف طفولتي
 سيظل يصحبني ليوم وفاتي.
لولا ربيع طفولة ألقى بهِ
عنف الخريف تساقطت بسماتي.
سأغمض عيني لعلي أرى تلك الدار وبهجة الدنيا بها، ففي الصبا راحة الأحلام المزهرة بين
4 / 14
بساتين الأمل، وجمع الأحبة والأهل…
(يظهر البارودي بصوت عميق) البارودي:
وَكيفَ أنسَى دِيَاراًقَد تَركتُ بِهَا
أَهْلاً كِرامَاً لهُمْ وُدِّي وَإِشْفَاقِي؟
إذَا تَذكَّرتُ أيَّاماً بِهِمْ سَلَفتْ
تَحَدَّرت بِغرُوبِ الدَّمعِ آماقِي.
فواز في ذهول .. من؟
يستدرك… ثم يحدق بفهم
فواز: أحلم هذا؟ أم وحي خيال !أأنت شاعر السيف والقلم؟ ما أجمل أن تجود الصدف!

5 / 14
ولكن من أين أتيت؟
البارودي: أتيتك من هذا الديوان الذي تقرأ فيه الآن!!
البارودي: هل أرقك الحنين يا شاعر الفصحى؟
فواز: ندبة الفؤاد، وحزنه لاينتهي
البارودي: رفقًا أيها القدموس ، إنما نسير في الركب نفسه، لن يجدي البكاء وإن طال ليله!
فواز: شعور الحنين في شعرك لامس الأمس من حنيني، فشوقك للمكان كشوقي لزمان ألفته غادر وانتهى….

6 / 14
أولست القائل:
حُزْنٌ بَرَانِي وَأَشْوَاقٌ رَعَتْ كَبِدِي
يَا وَيْحَ نَفْسِيَ مِنْ حُزْنٍ وَأَشْوَاقِ
يَا حَبَّذَا نَسَمٌ مِنْ جَوِّهَا عَبِقٌ
يَسْرِي عَلَى جَدْوَلٍ بِالْمَاءِ دَفَّاقِ
البارودي: إحساسك بالشعر ينمُّ عن عمق شاعريتك، ورفيع ذوقك، حقًا قدموس الشعر الأصيل.
فواز: رأيٌ منك يكفيني، إن جاد بالمدح كرامٌ لهم فنٌّ وتبجيل.

7 / 14
البارودي يجلس على الكرسي، يضع الطربوش الأحمر على الطاولة ويتنهد…
البارودي: الحنين قصة كتبتها بأحرف الألم لذلك العزيز الذي تركت فيه أهلاً وجيرانا.. يموت الأمل بين غربة مكان ، وذكريات عزيزة .
يشرب فواز قهوته، ينظر للبارودي ، ويبتسم…
فواز: وماذا عن العزم يا ربَّ السيف؟
البَارودي:

8 / 14
مَن صاحَبَ العجزَ لم يظفرْ بما طلب، فاركبْ من العزمِ طَرْفًا يسبقُ الشُّهب.
فواز: ما أعذبَ البيانَ إن خرجَ من بينِ أناملِ فارسٍ، لا يُجيدُ سوى الرَّميِ بالكلماتِ الصادقة، كأنها السهامُ إذا أصابتْ فؤادَ الغافلين. بالعزمِ والحزمِ تسمو الحياة.
البَارودي: رائعٌ أنت، تكتبُ كأنّما الحرفُ يُبايعُك…
يسترسل البَارودي في الحديث: بيتٌ من الشعرِ أنت قائله، عذبٌ معانيه، لفظه جزلٌ.

9 / 14
فواز: قُل بربِّك كي أغزو المعاني قوافيَ شعر من رقي الفن أُنظمها .
البَارودي: أنا الوفيُّ الذي ما زالَ مُحتفظًا بالذكرياتِ التي كانت تُعَنِّيهِ، وفَيتُ حتى لحُزني يومَ صاحبَني، فلو تَرَحّلَ عني قمتُ أَبْكيهِ.
فواز: ولا زلتَ الوفيَّ للشعرِ المنظومِ، ذاك المُقفَّى الموزون.
محمود البَارودي: نحن الكلاسيكيون من أحيا الشعرَ

10 / 14
القديم، هل ما زلتَ على الدربِ أيها المبدع؟
فواز: أنا من دُعاةِ الشعرِ العمودي، لكنني مع التجديدِ المعتدلِ الذي يجمع بين الأصالةِ والمعاصرة.
البَارودي: إن شئتَ اختصر، رأيك في الشعر يا قدموس؟
فواز: الشعر ابن الزمن، وروحه أبدية، لن تخمد شعلته..وإذا اجتمع القديم والجديد، سُمعت القصيدة بأجمل ألحانها.
يصفق البَارودي مُستحسنًا

11 / 14
فواز يسترسل الحديث
فواز: الشعر يا سيدي ليس أرضًا هامدة، بل نبض نسمعه، حكمة بالغة  ونفس لا يقلد، وبينكم وبيننا تسير القصيدة على ضفتي نهر، لا تغرق في أحدهما.
البَارودي (بصوت جهوري):
هنيئًا لك ولأهل زمانك، إن كان فيكم من لا يزال يرى الشعر رسالة لا زينة.
الشاعر لايكتب الكلمات يل يُنزلها من السماء ،ذالك إلهام من الله، والإبداع يصنعه .

12 / 14
فواز: ألا تعلم يا سيدي العملاق أنني من أولئك الذين تأثروا بشعرك؟
محمود البارودي: أراك محلقًا في سماء الشعر، تنهل منه ما تشاء قوة وجمالًا، ونجمك شهاب ثاقب …..
فواز (بهدوء): ولكم الفضل العظيم، فقد صنعتم لنا سلم القصيدة، ونحن نحاول أن نرتقي، لا أن نهدم.
البارودي (ينظر إليه بإعجاب):

13 / 14
تلك حكمة من يعرف الشعر لا من يدّعيه…
فواز يضرب بكف يده الطاولة
فواز: الجيل الحيل!
البارودي: لقد أعدتَ يا قدموس للجيل الثقة بأن الشعر ما زال ينهض حين يُكتب بصدق، وأن اللغة العربية ما زالت قادرة على أن تنبض بالحياة، ما دام فينا من يغني لها كما تغني أنت…
فواز: ولك من الشكر الجزيل أعظمه
يا سيد السيف والقلم

14 / 14
فالقصيدة لا تموت… ما دامت الحياة تُكتب…
يختفي البارودي.
يقف فواز: أين ذهبت يا زعيم؟
يغلق فواز الكتاب… ويردد:
القصيدة لا تموت… ما دامت الحياة.

                  تأليف مسرحي أ/أماني الزيدان

اماني سعد الزيدان

كاتبة رأي ورواية مسرحية ومشرفة على في ظلال المشهد المسرحي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى