( مستقبل حماس في غزه )

كان وجود هذه الحركة في غزه ، وطردها للسلطة الفلسطينية منها منذ فترة ليست بالبعيدة ، وماحدث على إثر ذلك الطرد من قتل لعناصر السلطة ، كان أشبه بالطرد المهين لهم ، وكأنهم لايمتون لبعضهم البعض بمصير الدم ، والدين ، والأرض ، واستلامها أي (حماس )لمقاليد السلطة في هذا الاقليم الصغير الذي يعد كأكبر تجمع لكثافة بشرية في العالم ، ومناكافاتها مع حركة الجهاد الاسلامي في غزه ، وإستسلام الأخيرة لأوامر حماس ، ودخولها تحت عبائتها وخاصة بعد وفاة قائدها رمضان شلح .
أقول .. كان وقع ذلك وبالاً على أقليم غزه ، وسكانها، والحياة البشرية لهذه الكتلة التي كانت على هذا الإقليم تنعم ببعض إحتياجاتها ، وتدير أوضاعها ، ربما بالشكل الاقل في ادارة واستقلال الاقليم .
بالطبع كان الشيخ احمد ياسين هو أبرز قادة هذه الحركة ، وكانت أوضاع الاقليم أثناء قيادته لها أقل توتراً مع السلطة ، وكذلك مع الاحتلال الاسرائيلي، وكان الاقليم ينعم بكثير من الخدمات ، وفي كافة المجالات رغم وجود بعض القلاقل الأمنية ، والإنسدادات السياسية نتيجة وجود بعض المقاومة في غزه ، ولكنها لم تصل للحد الذي وصلت اليه الان.
منذ دخول المال الحرام من قطر التي كانت ترسل مناديبها أمام حتى أعين الإسرائيليون ، بل بإشرافهم على توزيعها ، نتج عن ذلك أو بواسطته تسلل المال الحرام أيضاً الايراني ، واستحلاله من قادة الحركة التي أصبحت تدار بأصحاب أجندة وإيدلوجيات مختلفة ، ومتشعبة في تنظيم الاخوان المسلمين ، تدار من تركيا ، وطهران ، والدوحة ، وكان على رأس تلك القيادة اسماعيل هنية ، وخالد مشعل ، وموسى مرزوق ، وغيرهم من المرتزقة في غزه ، وهم من كانو يسيطرون على قرار هذه الحركة حتى أن ظهر يحي السنوار الذي لم يخرج عن إطار فكرهم وارتباطهم ، بالذات بإيران التي حفرت لهم وللحركة حفرةً كبيرةً فأوقعتهم فيها ! .
دخل الاقليم وسكانه في مرحلة تدميرية منذ دخلت ايران ، وأجندتها في سوريا ، ولبنان منذ زمن ، وغزه التي دخلتها حديثاً ، وكان لذلك التدخل ، وشراء الذمم ما أودى بالاقليم وسكانه لهذه المهالك التي لم يشهدها التاريخ الحديث .
كان السبب يعود لقادة حماس الذين إمتلأت جيوبهم وأرصدتهم بالملايين على حساب الضعفاء والمكلومين الفلسطينيين في غزه نعم .. هم كانو السبب الرئيسي والمباشر لما وصل له الحال في غزه الان.
الشاهد في هذا المقال هو ماهي المستجدات التي ستحدث الآن ، بعد أن رضخت الحركة للشروط الإسرائيلية المجحفة في حقها ، نتيجة تفريط حماس في الفرص التي تهيأت لها الواحدة تلو الآخرى لحل قضية المحتجزين ، وإيقاف مكينة التدمير الاسرائيلية ، ولم تقبلها حماس ، وكانت تساوم على المحتجزين الاسرائيليين الذين ضحى بهم رئيس الوزراء الاسرائيلي نتنياهو ، وعلى إثر ذلك تدمرت غزه ، وقتل الآف من أهاليها الابرياء ، خلاف المفقودين والمصابين ، والتدمير الذي أضحت فيه غزه أرض بيضاء لاحياة فيها!
كل ذلك نتيجة تعنت قادة حماس الذين كانو ، ولازالوا ، يأخذون توجيهاتم من ملالي طهران ، الذين لايودون لهم وللعرب والمسلمين خيرا أو نصرا.
الآن وفق المستجدات أذعنت قيادة حماس للشروط الاسرائيلية بعد ان تدمرت غزه ، وهلكت حماس ، ولم يبقى فيها أثراً لعين ! ومع ذلك هناك الكثير من التساؤلات عن مصير هذه الحركة ، قيادتها ، عناصرها ، كل مايمت بصلةٍ لها ، ماهي المستجدات عليها ، وكيفية التعامل معها في الأقليم ، وهل سترفع حماس الرايات البيضاء ، وتخرج من أنفاقها بعد هذه الحصيلة المدمرة لسكان وحياة غزه كإقليم ، وكبشر ! وماذا عن قياداتها الداخلية ، والى أين سيذهبون ، وأي الدول التي ربما تستقبلهم ، وترحب بهم ! وكذلك عناصرها العسكرية ، وأهالي وعوائل وذوي هذه العناصر والقيادات ، الى اين سيذهبون ، وهل سترحب بهم قطر ، او تركيا ، او طهران ! التي تخلت عن ذيولها في الوطن العربي!
أسئلة مُحيرة ، ومن الصعوبة بمكان تصور وضع كل منتسب لهذه الحركة ، وماذا ستفعله اسرائيل بهم التي أصبحت تتحكم في الاقليم قذةً بقذة!.
حركة حماس وقيادتها الان بين المطرقة والسندان كما يقال ، ليس لهم من سيفتح حدوده لإدخالهم لبلده ، وستتخلى قطر عنهم ، وكذلك طهران ، التي أوعزت بالأمس لمليشياتها في العراق بحل أنفسها! وكذلك تركيا ، التي يتشابه موقفها مع الموقف الايراني ، ولعلنا جميعاً نتذكر السفينة التركية ( مافي مرمره ) التي اقتحمتها القوات الاسرائيلية عام 2010 ، وقتلت ، واعتقلت كل من فيها ، وكيف كانت ردة الفعل التركي التي تتشابه الان مع المواقف الايرانية بالهروب من المنطقة .
المؤكد أن هذه الحركة تقع الان في ورطة كبيرة ، حتى ولو تصورنا إستيعاب بعض قادتها في الخارج ، ويعاملون كالمنفيين في الدول ، ماهو مصير عناصر هذه الحركة العسكريين منهم ، هل سيسلمون أنفسهم للقوات المحتلة ، وعما إن كان سيزج بهم في السجون الاسرائيلية ، وماهو مصير ذويهم وأسرهم ! وكذلك موقف السلطة الفلسطينية ( عباس ) من هذا الوضع ، وهل ستُمكن من الدخول لغزه ، واستلامها من الاسرائيليون! الخ .. من الأسئلة المحيرة في كيفية التعامل مع حركة حماس ، وهل في ظل هذه الأسئلة ، والوضع القائم ، هل ستواصل حماس القتال حتى أن تُفنى ! وهل ستكتفي اسرائيل بذلك !
نعود على بدء .. ونقول أنها الأجندة الفارغة ، والضحك على الدقون كما يقال ! .
كان للمملكة العربية السعودية مبادرة كريمة كانت ستعيد بعض الحقوق الفلسطينية لأهلها ، وسيكون أو تكون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية ، وإعتراف متبادل ، ومطالبة بالحقوق الاخرى ، والعيش بسلام في المنطقة، ولكن الأجندة الفارغة أوهمت بل أقضت مضجع حماس ، وورطتها ومعها العرب ، والفلسطينيين بشكل خاص لتخريب الدور السعودي تحت إيعازات ايرانية ودعم دول المماتعة التي تركتها ايران عارية منبوذة! في حرب مدمرة لم تحسب لها هذه الحركة حساب ! وكانت تتوقع تدخل تركيا ، وطهران ، التي كذبت عليهم ، وقدمتهم كعرابين عجاف لدولة اسرائيل ، أين الدوحة ومالها الحرام الذي أغرى بل أغرق قادة حماس في هذا المصير المجهول .
الجميع سيتخلى عن حماس ، وكذلك من دعمها ، وستواجه مصيرها المحتوم ، وهو إما الدخول في السجون الاسرائيلية ، أو القتال حتى أخر رجل منهم ، وهو بالتالي ماسيدمر كل شيء في غزه! ويقضي على من بقي منهم!
كانت هذه نتيجة اللآت لحركة حماس بشكل خاص ، وللسلطة بشكل عام ، ونحن لسنا بعيدين عن لآت احمد الشقيري ، وياسر عرفات ، وكل الزعماء الفلسطينيين الذين رفضوا مبادرة الرئيس التونسي بورقيبة ، وبعده انور السادات ، وبعدهما الملك فهد طيب الله ثراه ، والملك عبدالله رحمه الله ، وآخرها مبادرة ولي العهد التي لم ترى النور ، وأُجهضت في مهدها من حماس ، نتيجة تغرير ايران لهم ، وعدم وجود رؤية عربية لدول مجاورة تأخذ بزمام المبادرة مع ولي عهدنا لحل هذه القضية التي ضاعت نتيجة خيانات فلسطينية ليس الا! ومناكفات مصيرها الفشل ، والضحية أبرياء غزه الذين ضاقت الدنيا بهم بمارحُبت .
محمد سعد الربيعي
كاتب رأي